شاركت الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية في ورشة عمل افتراضية رفيعة المستوى بعنوان " ندرة المياه وسبل العيش والأمن الغذائي وحقوق الإنسان" والمنعقدة تحت رعاية مصر والإكوادور وفيجي والمجر والأردن والمنظمة العالمية للأرصاد الجوية.
وخلال كلمتها بورشة العمل، أكدت الدكتورة هالة السعيد أن قضية ندرة المياه وسبل العيش والأمن الغذائي وحقوق الإنسان لها آثار مهمة على حياة ورفاهية الملايين من الناس في جميع أنحاء العالم، موضحة أن مصر معرضة بشكل كبير للتأثيرات المحتملة لأزمة المياه العالمية. خاصة وأنها دولة ذات كثافة سكانية عالية، وتكافح مصربالفعل لمواجهة النقص المتزايد في المياه ، بالاعتماد على مصدر واحد للمياه هو نهر النيل وهو يمثل 97٪ من مواردها المائية ، ويقدر نصيب الفرد من إمدادات المياه السنوية في مصر حاليًا بنحو 560 مترًا مكعبًا ، أي ما يقرب من 50٪ تحت خط الفقر المائي العالمي. بحلول عام 2025 ، ومن المتوقع أن ينخفض هذا إلى حوالي 500 متر مكعب.
وتابعت السعيد أن مصر أدركت منذ فترة طويلة حتمية الإدارة السليمة لموارد المياه لذلك شرعت في تنفيذ أجندة طموحة للإدارة المتكاملة للموارد المائية لتحقيق الهدف السادس من أهداف التنمية المستدامة والأهداف والغايات الأخرى المتعلقة بالمياه، وتشمل هذه الأجندة الحصول على مياه الشرب النظيفة والصرف الصحي، وتحسين جودة المياه، ومعالجة ندرة المياه ، من خلال تعزيز كفاءة استخدام المياه وإعادة التدوير وإعادة استعمال، كما تقوم مصر بتنفيذ إدارة متكاملة لموارد المياه على جميع المستويات، بما في ذلك التعاون في مجال موارد المياه العابرة للحدود.
وفيما يتعلق بمياه الشرب النظيفة والصرف الصحي أوضحت السعيد أن الحكومة المصرية سعت منذ عام 2014 إلى جعل قطاع المياه والصرف الصحي أكثر إنصافًا واستدامة، وفي عام 2020 ، وصلت تغطية مياه الشرب المدارة بأمان إلى حوالي 99٪ من المواطنين، بينما تمت زيادة الصرف الصحي المدار بأمان من 50٪ إلى 65٪. وتم الاعتراف بتحسين خدمات الصرف الصحي للمناطق الريفية على أنه استثمار حاسم في الحق في الصحة والرفاهية للأجيال القادمة ومكون حيوي في القضاء على الفقر، كما استثمرت مصر بكثافة في مجالات معالجة ندرة المياه وتحسين جودة المياه من خلال تعزيز كفاءة استخدام المياه وإعادة التدوير وإعادة الاستخدام. وهذا يساهم في توفير العمل اللائق في النظم الغذائية كثيفة العمالة وتوفير الأمن الغذائي.
وأكدت السعيد أن الزراعة واحدة من أكبر قطاعات الاقتصاد المصري ، حيث توظف ما يقرب من 30٪ من القوى العاملة وتوفر سبل العيش لـ 57٪ من السكان. ويأتي أكثر من 60٪ من الإنتاج الزراعي من الحيازات الزراعية الصغيرة ، مما يبرز أهمية حماية صغار المزارعين. منوهة عن مشاركة معظم النساء الريفيات في الأنشطة الزراعية ، لا سيما تلك المتعلقة بالأمن الغذائي والإنتاج الحيواني، موضحة أن رؤية مصر 2030 تضمن تمكين جميع قطاعات المجتمع لبناء سبل عيش لائقة ، من خلال تمكين الاستخدام المستدام لصالح الفقراء للموارد الطبيعية وخاصة الأراضي والمياه ، حتى "لا نترك أحدًا يتخلف عن الركب".
وسلطت السعيد الضوء على مشروع تنمية الريف المصري مبادرة "حياة كريمة" ، والذي يهدف إلى تطوير أكثر من 4200 قرية على مدى ثلاث سنوات ، بتكلفة تزيد عن 30 مليار دولار أمريكي. وتهدف هذه المبادرة الرئاسية إلى القضاء على الفقر وتوفير الخدمات الأساسية، بما في ذلك المياه والصرف الصحي، كما تخصص الخطة الاستراتيجية القومية للموارد المائية في مصر 900 مليار جنيه مصري لمجالات تحسين جودة المياه ، والحفاظ على المياه ، وتطوير مصادر جديدة للمياه.
وأضافت السعيد أن هذه التدابير تشمل أيضا تحديث وإعادة تأهيل نظام الري ، واعتماد الدولة على نظم جديدة منها التحول إلى المحاصيل ذات الكفاءة المائية، وتبطين قنوات الري. بالإضافة إلى ذلك ، قامت الحكومة باستثمارات كبيرة في إدارة وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة ، فضلاً عن تعزيز حصاد المياه وتخزينها وتحلية المياه. وتساهم هذه الجهود أيضًا في تحقيق الهدف الثاني من أهداف التنمية المستدامة بشأن القضاء على الجوع ومضاعفة الإنتاجية الزراعية ودخل صغار المزارعين ، ولا سيما الهدفان الثالث والرابع.
وأكدت السعيد أن جهود مصر في هذه المجالات يعيقها تحد كبير ، وهو توافر المياه. بالنظر إلى موقع مصر كأبعد دول حوض النيل ، فإن ضمان الحصول على مياه آمنة ونظيفة وكافية وحماية حقوق الإنسان ذات الصلة يتوقف على التعاون الفعال في موارد المياه العابرة للحدود ، وفقًا لمبادئ القانون الدولي، مضيفة أن هذا الجانب الثالث من الهدف الثالث من أهداف التنمية المستدامة يمثل أولوية بالنسبة لمصر ، وقد قدمت مصر تقريرها الوطني حول جهود تنفيذ الأهداف الثانية والخامسة والسادسة من أهداف التنمية المستدامة .
وأشارت السعيد إلى أن مصر تؤمن بقوة بأن التعاون عبر الحدود هو شرط أساسي لتحقيق الهدف السادس من أهداف التنمية المستدامة وجميع حقوق الإنسان المتعلقة بالمياه. ومن الضروري للغاية أن يولي المجتمع الدولي اهتمامًا أكبر للآثار الناتجة عن استخدامات مجرى مائي عابر للحدود في بلد ما على حقوق الإنسان للسكان المعالين في بلد آخر، مضيفة أن تناقص توافر المياه للفرد في مصر يهدد بشكل مباشر الأمن الغذائي في مصر وسبل عيش سكان الريف. ويتأثر صغار المزارعين وأصحاب الأراضي بشكل خاص. وبالتالي من الضروري اعتماد نهج قائم على قانون حقوق الإنسان المعمول به فيما يتعلق بجميع القضايا المتعلقة بالحصول على المياه، ومن المهم بنفس القدر توسيع النهج الضيق الذي يعتمده حاليًا مجلس حقوق الإنسان والذي يركز بشكل غير متناسب على مياه الشرب النظيفة والصرف الصحي، متجاهلاً الجوانب الأخرى للهدف 6 من أهداف التنمية المستدامة وآثارها على حقوق الإنسان.
واختتمت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية كلمتها بالتأكيد على أن ضمان حقوق الإنسان المرتبطة بالحصول على المياه يتطلب آليات أكثر فعالية على مستوى الأمم المتحدة ومنظماتها، وهناك حاجة إلى مزيد من التنسيق بين كيانات الأمم المتحدة لمعالجة الثغرات في أطرنا المعرفية والمعيارية فيما يتعلق بكيفية احترام حقوق الإنسان في سياق التعاون في مجال موارد المياه العابرة للحدود وفي تطبيق ما يسمى برابطة المياه والغذاء والطاقة والنظم الإيكولوجية، وينبغي أن تقود المنظمة العالمية للأرصاد الجوية ، بالتعاون مع مجلس حقوق الإنسان والفاو والصندوق الدولي للتنمية الزراعية ومنظمة العمل الدولية والأعضاء الآخرين في لجنة الأمم المتحدة المعنية بالموارد المائية ، مناقشة سياسية رفيعة المستوى قبل مؤتمر استعراض منتصف المدة للأمم المتحدة لعام 2023 بشأن الحصول على المياه من أجل سبل العيش والأمن الغذائي ، خاصة بالنسبة للسكان الأكثر احتياجا.