دراما الذقن والجلباب القصير !

دراما الذقن والجلباب القصير !محمد رفعت

الرأى19-10-2021 | 22:58

تورط عدد كبير من كُتاب السيناريو وصناع السينما بقصد أو بدون قصد فى تشويه وتشويش صورة المتدين على الشاشة، وأظهروه غالبًا فى صورة «الدرويش» المنعزل عن الحياة، أو المتطرف المعادى للمدنية والمجتمع مثل شخصية الطالب التى جسدها الفنان محيى إسماعيل بطريقة كاريكاتيرية فى فيلم «خلى بالك من زوزو».

ومع ظهور تيارات الإسلام السياسى وما ارتكبته من أفعال أساءت للدين وأدت إلى ظهور ما يسمى بـ«الإسلاموفوبيا».. اختفى التسامح بشكل كبير فى علاقة السينما المصرية بالتدين، واختفت شخصيات مثالية طيبة ومعتدلة مثل «الشيخ حسن» الذى ظل يعطف على المجرم الخارج من السجن أو فريد شوقى فى فيلم «جعلونى مجرمًا»، وحلت مكانه شخصيات أخرى تتخذ من الدين ستارًا للتواكل والإهمال فى العمل بحجة أداء الصلاة مثل الشخصية التى لعبها الممثل أحمد عقل، الموظف فى مجمع التحرير من خلال فيلم «الإرهاب والكباب»، أو ستارًا للسرقة والابتزاز وارتكاب الفواحش مثل صاحب شركة توظيف الأموال، حسن مصطفى فى فيلم «امرأة واحدة لا تكفى»، وشخصية الحاج «جلال الشرقاوي» فى فيلم «البدروم» للمخرج الراحل عاطف الطيب، وإن كان «الطيب» نفسه هو الوحيد الذى قدم شخصية الشاب المتدين بشكل إيجابى فى أفلام الثمانينيات، وهى شخصية المعيد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية «أحمد سلامة» فى فيلم «أبناء وقتلة»، والذى يرفض إغواء زوجة أخيه له، ويرتبط بمعيدة محجبة زميلة له بالكلية، ويلقى محاضرات عصرية عن الاقتصاد الإسلامي.

وقدم الفنان عادل إمام أكثر من فيلم بداية من «الإرهابي» وحتى «حسن ومرقص»، يخلط فيها بين التدين بمعناه الصحيح والتشدد المرفوض، وجماعات العنف التى حملت اسم الإسلام ظلمًا وعدوانًا، وهى بعيدة كل البعد عن روحه ورسالته للناس أجمعين .

وسار على نفس النهج كُتاب ونجوم آخرون أساءوا إلى صورة المتدين الحقيقي، من خلال التركيز على النماذج الشاذة التى تتخذ من الذقن والجلباب القصير وسيلة للخداع والتمويه، كما شاهدنا فى بعض أعمال السيناريست الكبير الراحل وحيد حامد بداية من مسلسل «العائلة» وحتى فيلمى «دم الغزال» و«عمارة يعقوبيان»، حيث تنحصر صورة المتدين فى شخصيات سطحية ومتطرفة دفعتها ظروفها الصعبة وصدامها مع المجتمع وفشلها فى التكيف إلى طريق التزمت والتشدد.

وسيظل الحال على ذلك الفهم المغلوط، حتى يفطن المتدينون الحقيقيون إلى خطورة سلاح السينما فى تشكيل وعى الجمهور، ويظهر مبدعون ملتزمون دينيًا يقدمون لنا صورة حقيقية للمتدين المعتدل على الشاشة.

أضف تعليق