مفتول العضلات:
مشهد يتكرر بصورة غريبة فى كل شبر من شارعنا العربي، ويدعونا للتأمل والقلق معا، وهو انتشار أصحاب العضلات المفتولة، وقد تفاجأ بهذا المشهد موجود ببيتك خلال أيام أو أسابيع قليلة، فخذ حذرك وخاصة بعد ظهور بعض نجوم الدراما على شاشات الفضائيات بعضلاتهم الضخمة خلال الفترة الأخيرة، وجاء تحول هيئتهم هذه خلال وقت وجيز.
وفى المقابل منظمات صحية فى أكثر من بلد عربي تطالب بضبط فوضى استخدام الهرمونات والبروتينات وتلح بتشديد عقوبة الاتجار فيها ومنذ أيام توفى رياضي مغربي لمداومته حقن نفسه هرمون «التستوستيرون»، وأثارت الحادثة مخاوف المختصين فى المغرب من تزايد الإقبال على هذه العقاقير السامة.
والحصول على جسد جذاب ممتلئ ب العضلات ليس جريمة، وإنما غاية إيجابية تجعل أي مجتمع أكثر حيوية، ولكن تقع الكارثة عندما يستسلم شبابنا لتأثير جشع تجار المنشطات تحت مسمي مكملات غذائية، وسرعان ما تستجيب أجسامهم وتكبر عضلاتهم، ولن تمر بضع سنوات إلا وتظهر علامات الأنوثة على الرجال، وبالعكس تبرز سمات الرجولة على النساء، وهذا غير إصابتهم بأمراض أكثر فتكا لهم.
ويأتي ذلك ضمن هوس عديد من الشباب وراء الموضات غير المألوفة والمنبوذة فى مجتمعاتنا، وأكثرها رواجا حاليا موضة الشعر الطويل المضفر للشباب الذكور، وأشدها سوءا موضة ارتداء السراويل الممزقة، وتكون أشد تقززا عند ارتداء الفتاة لها، وتعد العضلات المفتولة أحد أبرز أشكالها.
وكلها تصب فى هدف واحد، هو لفت الانتباه وحب الظهور، وكان فى الماضي ثقافة الشاب وحسن خلقه من أفضل الأمور جذبا لجميع شرائح المجتمع سواء العامة أو الوجهاء، وزمن حديثنا هذا لا يرجع إلى قرن مضى، ولكن يعود إلى بضع عشرات من السنين.
ولذا من الضرورة نهضة المجتمع المدني ورجال الدين سعيا لحث شبابنا فى البحث عن قيم مجتمعاتهم الأصيلة وتمسكهم بها حيث يكمن فيها الترياق لعلاج شباب إصابتهم حالة التيه والشعور بعدم الثقة.
ثلاثة مليارات جائع:
حتى جائحة كورونا لم تنج منها أزمة نقص الغذاء، وتجلت بعد هجوم الناس على المتاجر الكبرى حول العالم، وأشار التقرير الدولي إلى أن الجائحة أضافت 161 مليون ضحية جديدة من الجوع، وكانت منذ وقت قريب سجلت ثلاثة مليارات شخص على الأرض، وجميعهم لا يستطيعون الحصول على نظام غذائي صحي، حسب إحصائية يوم الغذاء العالمي.
والهدف من تحديد يوم عالمي للغذاء أن يتم وضع حد للفقر وكذلك حشد الرأي العام الدولي لمحاربة الجوع، ولكن الواقع يقف حائلا فى تحقيق هذا الحلم، وحتى يرى النور لابد من تخلي الشركات العابرة للقارات من احتكارها للمنتجات الغذائية فى أنحاء العالم، وقد وصلت نسبة هدر الدول الغنية للطعام إلى تريليون دولار سنويا، ودول الاتحاد الأوروبي تهدر وحدها 22 مليون طن من الطعام.
وثانيا الحل يتمثل فى ضرورة رفع يد الدول الصناعية ذات النزعة الاستعمارية عن مقدرات وثروات الدول النامية والفقيرة، وتترك حكوماتها تحصد ثمارها بنفسها دون فرض ولايتها، وتلتزم فى نفس الوقت بتوفير تقنية تخزين وتسويق السلع الغذائية، بسبب غياب امتلاكها للآليات الحديثة نتيجة مرور زمن طويل من الهيمنة، وبذلك تخفض نسبة هدرها للغذاء الناتج من غياب تلك التقنيات.