الأبواب الخلفية لعودة «الإرهابية»

الأبواب الخلفية لعودة «الإرهابية»صورة موضوعية

حوارات وتحقيقات26-10-2021 | 22:43

لا تتوقف الجماعة الإرهابية، عن محاولات العودة للحياة، مدعيةً تبنّي مفاهيم وسياسات جديدة تتلاءم مع قيم الديمقراطية وقبول الآخر واحترام قيم الاختلاف والتنوع، مستخدمةً في ذلك بعض الوجوه والرموز الثقافية التي تلقى قبولاً واستحسانًا لدى الكثير، وتنتشر بشكل كبير بينهم خاصة الشباب، لتعلن عن نفسها من جديد من خلال أفكار هذه الشخصيات، التي تبدو في ظاهرها «مودرن» غير أنها في الحقيقة متلونة وتخفي وراءها ما هو أخطر وأعنف مما سبق، فالجماعة محكومة بأيديولوجيتها وأفكارها وثوابتها، والتي أثبتت مسيرتها وممارساتها على مدى ما يقرب القرن من الزمان صعوبة، بل استحالة الفكاك والتخلص منها، ولكنها تحاول دائما التلون والخروج من جلدها والتستر وراء نماذج جديدة ووجوه غير مألوفة، وتعديل عناوين خطابها الفكري دون المساس بثوابتها التى لا تعرف لونًا غير لون الدم.

وخلال الفترة الماضية حرصت الجماعة على ترويج رموز جديدة بين الأعضاء لتقديمها للمحبين، كما يتم تسميتهم داخل الجماعة، ومن بين هذه الرموز أيمن العتّوم.. أو الملقب بـ «شاعر الإخوان»، فهو أحد الوجوه التي تدفع بها الجماعة نحو صدارة المشهد لبث رسائل جديدة من خلالهم، و«العتوم» لا يتوقف عن بث سمومه باستمرار تجاه الثقافة المصرية برعاية دور نشر مصرية توزع رواياته فى القاهرة، وتوجه الشباب لشرائها في معارض للكتاب بمعظم محافظات مصر.

العتّوم، أردني الجنسية، وُلِدَ فى الثاني من مارس عام 1972، ويوصف بشاعر الإخوان فى الأردن، وهو ابن القيادي البارز فى الجماعة النائب السابق علي العتوم، وتشتهر مؤلفاته بالدعوة إلى فكر الجماعة وخلق روح الحماس لدى شباب الإرهابية بتنوع مؤلفاته، فهو له دواوين شعرية عديدة مثل خذني إلى المسجد الأقصى، ونبوءات الجائعين؛ كما أنه كاتب روائي – لاسيما فى أدب السجون – مثل رواية يا صاحبي السجن التي صدرت عام 2012 وتعبّر عن تجربة شخصيّة له فى السجون الأردنية خلال عامَي 1996 و1997، ويسمعون حسيسها، ونفر من الجن، كما أن له أعمالًا لم تنشر مثل رواية يا وجه ميسون ومسرحياتٍ مثل المشردون، ومملكة الشعر، و«حديث الجنود» وهى رواية تتحدث عن أحداث جامعة اليرموك عام 1986، التى حاول فيها العتوم استغلال إحداث جامعة اليرموك التى خطط لها أن تخرج إلى الشوارع لإحداث الفوضى فى الأردن، كما أنه حاول من خلالها إثارة النعرات العنصرية والمذهبية، فقد وصفت الرواية المواطنين الأردنيين بأوصاف تثير الفتنة، كما ما ورد فى الرواية، وصفت رجال الأمن بطريقة تثير الفتنة والتفرقة وتسئ إلى الحكومة وتحرك الناس ضدها، وكل هذا بلا شك وفر كافة أركان جريمة إثارة النعرات العنصرية، وهي إحدي الطرق التى إعتاد تنظيم الإخوان الإرهابي استخدامها فى إثارة القلاقل والاضطرابات من إجل تحقيق هدفهم.


أدهم شرقاوي


«العتوم» ليس الوحيد، من بين الوجوه التي تستخدمها الجماعة الإرهابية ى بث سمومها والتلون والتبرؤ من أفكار دموية لصقورها القدامى والتي كانت سببًا كبيرًا فى خسائرها التاريخية خلال السنوات القليلة الماضية، فهناك أيضًا الشاعر الفلسطيني أدهم شرقاوي، فهو واحد من الأدباء المنتشرين فى أروقة المكتبات العربية والمصرية، ينشرون أفكار أفكارهم الهدامة الخبيثة تحت مسمى «روايات» وقصائد شعرية، وهو أحد الذين لا تخطأهم العين الواعية للتلون ومحاولات تزييف الوعى عندما تقرأ وتتابع صفحته على «الفيس بوك» خاصة الذي كتبه يوم رحيل الدكتورة نوال السعداوي قائلا: «أشهدُ أن هذه المرأة أساءت لنا فى ديننـــــــــــــــا، وآذتنــــا فـى عقيـــــــــــــدتنا، وإنــــي كــلما سُئلتُ عنها كنت أقول، أم جميل حمَّالة الحطب فى قريش، ونوال حمالة الحطب فى زمننا».


و«شرقاوي» هــــــو كــاتب فلسطيني ينشر بعض كتاباته تحت اسم مستعـــــار «قس بن ساعدة»، ولد ونشأ فى مدينة صور اللبنانية حاصل على دبلوم دار معلمين، عمل فى صحيفة الوطـــــن القطرية بـــــدأ بالكتابة عبر منصة «منتدى» الساخرة محاولا من خلالها لفت نظر أكبر عدد من القراء وخاصة فئة الشباب للتأثير على أفكارهم وكسب مساحة لديهم يستطيع من خلالها نشر أفكاره، ثم أصدر أول كتاب له عام 2012 بعنوان حديث الصباح وهو واحد من أشهر كتب شرقاوي، وكتاب تأملات قصيرة جدًا، وفيه ينشر شرقاوي تغريداته التى كتبها وكلها تحتوى كما يقال على «السم فى العسل»، وله مؤلفات أخري مثل كتاب مع النبي صلى الله عليه وسلم، عن شيء اسمه الحب ، ونبأ يقين، رسائل من القرآن وللرجال فقط، بالاضافة إلى روايات ليطمئن قلبى، ونبض، ونطفة.


طبيب الأسنان


من الوجوه التي تروج لها «الإرهابية» وتستخدمها فى محاولاتها المستمرة لتجميل الصورة والعودة من جديد إلى المشهد طبيب الأسنان العراقي أحمد خيري العمري، الذى لم يدرس العلم الشرعي بطريقة أكاديمية، وهو ما يرد عليه بالقول إن مفكرين وكتابًا مثل سيد قطب ومالك بن نبي لم يدرسوا العلم الشرعي أكاديميًا، ويعتقد أن التجديد مطلوب ويمكنه أن يطال أي شيء فى الإسلام، ويرى أنه يجب اجتثاث كل ما يعارض «النهضة» من مفاهيم حتى لو استدل أصحابها بنصوص صحيحة.


و«العمري» دائم الانتقاد للمؤسسة الدينية التقليدية، التي يرى أنها تمثل إرثاً ضخمًا يعود لتاريخ ما بعد الخلافة الراشدة وقد اختلط بالموروث الشعبي وغير الديني، وكذلك بالجهات الرسمية والسياسية، وهي تنوب عن الإسلام رسميًا وفكريًا وتحتمي بنصوصه رغم أن كثيرًا من أفكارها - حسب العمري- تناقض المفاهيم الإسلامية الأصيلة.


وقد خصص « العمري» جزءًا من مقالاته لانتقاد من يسميهم أدعياء التجديد، ويُعتقد أنه يقصد بذلك أفكار المهندس محمد شحرور وجمال البنا وجماعة القرآنيين، معتبرهم دعاة إلى الحياة الغربية لكنهم يغلفون دعوتهم بنصوص دينية وقراءات انسلاخية تلغي الشعائر والعبادات والأحكام القرآنية تحت ذرائع عديدة.


«رسائل البريد»


يوسف الدموكي فهو أحد الوجوه الشابة التي تستغلها «الإرهابية» فى الوصول إلى قطاع كبير من الشباب، «الدموكي» شاب مصري مقيم فى تركيا، يدرس الإعلام، وكاتب وروائي، ومن أشهر ما نشر الدموكي كتابه الثاني «رسائل سقطت من ساعي البريد» الذي يتضمّن العديد من الرسائل التي تحاكي الواقع، والذى يحدث فيها نوعا من الإسقاطات على الواقع محاولا بطريقتهم المعهود «السم فى العسل» أن يخلق أفكارا جديدة لدى الشباب، يجذبهم من خلالها ويوجههم بعدها إلى ما يريد كما أنه نشر أيضا كتاب «تنهيدة» عبر دار النشر «عصير الكتب» ونشر أيضا «حذاء فادي».


و«الدموكي» وُلد فى عام 1997م، والتحق بكلية الإعلام، ونشأ نشأة دينية وتأثر بالجماعات الدينية، فى فترة من فترات شبابه، والتحق الدموكي بنشاط مجتمعي سُمي باسم «رابطة شباب لأجل القدس».. له العديد من المقالات الأدبية المنتشرة على شبكة الإنترنت التي يسعى من خلالها إلى تكوين قاعدة بين الشباب ممن هم فى مثل عمره يستقبلون أفكاره الزائفة وقتما يريد.


«أبو خليل»


أما أحمد أبو خليل فهو صحفي وكاتب مصري، وهو أيضًا من الوجوه التي تروج لها الجماعة الإرهابية، وكان يعمل رئيس تحريرٍ لمجلّة «إضاءات»، والمدير التنفيذي لـ «رواة»، واشتهر أبو خليل بفضلِ تأليفه لعددٍ من الكتب والروايات لعلَّ أبرزها كتاب «يومًا ما كنت إسلاميًا»، كما يُعتبر أحد مؤسسي فريق «معرفة»، فضلاً عن مشاركته بعددٍ من المقالات فى بعض المواقع على الإنترنت.


يُعتبر كتاب «يومًا ما كنتُ إسلاميًا» أحد أبرز وأشهر مؤلّفات أحمد أبو خليل إن لم يكن أشهرها إطلاقًا، وفيه تحدث عن أشعار الجهاد فى فلسطين وأفغانستان والشيشان كما تحدث عن الزمان والمكان والأحزاب والجماعات، وقصّته مع الإخوان فى الكتائب والمعسكرات، وكيف اقتات من كتابات رموز الحركة، وتحدث أبو خليل باختصار عن الحالة الإسلامية خارج حدود شاشات التلفاز وأسطر الجرائد، وبعيدًا عن المعارك السياسية والأيديولوجية كما قال، كما تحدث عن المجتمع والروح والفكرة وتجلياتها الإنسانية التي نمت عشية سقوط الخلافة، وخبت بشكل ما صبيحة الربيع العربي.

أضف تعليق