الدين الداخلى ومقاصة «يوروكلير»

الرأى29-10-2021 | 15:10

لاشك أن أسعار الفائدة المرتفعة للدين الداخلى تضر ب الموازنة العامة وبميزان المدفوعات وبمناخ الاستثمار بوجه عام.

وبعد أن كانت الصعوبات أمام الاقتصاد تتمثل فى التضخم وتوفير الدولار وجذب استثمارات خارجية وخفض عجز الموازنة، انضم متغيران عالميان للتأثير بشكل مباشر فى صُنع القرار الاقتصادى تمثلاً فى تداعيات جائحة كوفيد 19 وارتفاع أسعار النفط.

ووفقًا لخطة وزارة المالية عدم تحميل الأجيال القادمة عبء الديون الحالية أصبح وضع خطة لخفض تكلفة الدين أمرًا حتميًا.

وكان د. محمد معيط وزير المالية قد أعلن استراتيجية مصر لإدارة الدين، والتى تشمل خفض نسبة مدفوعات الفائدة إلى الناتج المحلى الإجمالى لتصبح 6.9% بحلول عام 2023/2024 بدلاً من 8.8% فى العام المالى الحالى.

وفى العام الحالى ذهب 35.1% من إنفاق الحكومة إلى مدفوعات فوائد الديون، وتطمح إلى تقليص تلك النسبة إلى 29.6% بحلول 2023/2024.

وقد بلغ حجم الدين الداخلى 3.9 تريليون جنيه بنسبة 62% فى الدين العام فى 30 يونيو 2020، وكانت مصر قد وقعت اتفاقًا مع «يوروكلير» أكبر دور المقاصة الأوروبية لتسوية معاملات الأوراق المالية فى 2019.

وهى شركة خدمات مالية مقرها بلجيكا وتتخصص فى تسوية معاملات الأوراق المالية، ويستهدف الاتفاق ربط أدوات الدين الحكومية المصرية الصادرة بالعملة المحلية ببنك «يوروكلير».

ويتيح الاتفاق مع «يوروكلير» التعامل على أدوات الدين الحكومية المصرية بين شريحة أكبر من المستثمرين الأجانب، خاصة البنوك المركزية التى تتميز باتساع نشاط وحجم وقيمة الاستثمارات، التعامل فى الأوراق المالية الحكومية طويلة الأجل.

وكان مجلس الوزراء قد وافق العام الماضى على تأسيس شركة المقاصة الجديدة فى إطار الجهود المتواصلة لتخفيض تكلفة الدين العام، وستسمح بإدراج الديون المصرية عبر منصة «يوروكلير».

ولكن ما هى المقاصة؟ وما أهميتها فى مصر والخارج؟

المقاصة تعنى تسوية تجارة مالية، ويشمل ذلك ضمان أن يكون لدى المشترين المال اللازم للشراء والائتمان والخصم من الحسابات التجارية وكذلك تحصيل هوامش السداد، وإيصال الأوراق المالية، وتقديم البيانات.

وتقوم بذلك شركات المقاصة، وهى جهات مالية تعمل كوسيط بين البائع والمشترى، بشراء الأوراق المالية من البائع وبيعها للمشترى، وبذلك تكون شركات المقاصة جزءًا حيويًا يضمن سهولة عمل النظام المالى العالمى ويوفر الأمان للعمليات اليومية بمليارات الدولارات.

ومن بين أهم شركات المقاصة العالمية بنك «يوروكلير» الذى تأسس قبل نصف قرن وأصبح أحد أهم شركات المقاصة عالميًا وهو المسئول عن تسوية معاملات الأسهم والسندات فى منطقة اليورو حول العالم ولديه حوالى 31.4 تريليون يورو من الأصول تحت وصايته.

وتسوية الدين الداخلى المصرى مع بنك «يوروكلير» يعنى أن تكون الديون المحلية المقومة بالجنيه قابلة للتسوية فى أوروبا، ويمكن للمستثمرين الأجانب دخول السوق المصرية من خلال بنوك محلية مرخصة.

وبعد دخول «يوروكلير» للمشهد سيصبح من السهل الوصول لأدوات الدين المصرية دوليًا وسيتمكن المستثمرين الأجانب من دخول السوق، وسيعنى ذلك عمليًا المزيد من الاستثمارات الأجنبية فى أدوات الدين المصرية، وهو ما يعنى المزيد من تدفقات العُملة الصعبة واحتياطيات أكبر من النقد الأجنبى وتخفيض تكاليف الاقتراض وسوق محلية أكثر قوة وحركة وسيولة نقدية.

وبالطبع هناك بعض المخاوف من تداعيات طرح الدين الداخلى للبيع من خلال «يوروكلير»، خوفًا من تحكم الأجانب فى أصول مصر، فبيع الديون للأجانب يفتح الباب لرهن أصول الدولة وهناك إمكانية للاستيلاء عليها.

والمعتاد فى هذه النوعية من مبادلة الديون أن يتم الاستيلاء على الأصول بأقل من أسعارها وقيمتها السوقية الحقيقية.

ويجب أن تكون وزارة المالية على وعى كامل بمثل هذه المخاطر.

وتشير البيانات والأرقام الرسمية إلى أن الديون الخارجية والداخلية لمصر مازالت فى الحدود الآمنة فى ظل استمرار الحكومة فى سداد كل ما عليها من التزامات واستحقاقات فى مواعيدها المحددة.

وأوضح د. معيط مؤخرًا أن مصر مازالت تبحث بعض المشكلات الفنية لتجعل دينها المحلى مؤهلاً للمقاصة الأوروبية من خلال «يوروكلير».

وكان المستهدف بدء التنفيذ منتصف شهر نوفمبر الحالى، لكن سيتأجل التنفيذ لعدة شهور قادمة.

أضف تعليق

خلخلة الشعوب و تفكيك الدول

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2