"موسيقار من أمة القرآن تتلبسه أرواح عمالقة الموسيقى في الغرب أمثال باخ و هايدن و موتسارت وبيتهوفن"، هكذا وصف الغرب ساحر الكمان الموسيقار عبده داغر الراحل بجسده لكنه باق بألحانه وموسيقاه العظيمة، انتقل بالموسيقى المصرية ذات الطابع الكالسيكى إلى العالمية، وجلس إلى مائدة المحترفين رافعا شعار بلاده، مصر أمام العالم كموسيقارعالمي قادر على المنافسة فأثار انتباه العالم، واستلهم قصته كبار الأدباء والمفكرين ووصفوه بصهريج اللؤلؤ..
قدم نجله الفنان الدكتور خالد داغر توزيعا جديدا لمؤلفاته، في ليلة يملؤها الحنين، من ليالي مهرجان الموسيقى العربية على أوركسترا سيمفوني، وهي المرة الأولى التي يقدم بهذا الشكل، ويلعب حفيده مصطفى داغر تقاسيم وصولوهات المقطوعات، واختاروا مقطوعات "سـماعي كورد" و"لونج نهاوند" و"النيل القديم" وهي مـقـطـوعـات يتم تنفيذها بشكل جديد يعـيد روح داغر للمسرح.
ووصـف الدكتور خالد داغر إهـداء الـدورة الـ30 لمهرجان الموسيقى العـربية لروح الفنان عبده داغربالـفخر لـلموسيقى العربية؛ لأنـه المهرجان الراعي والأهم للموسيقى العربية في الوطن العربى، ويحتفي بالموسيقار الـذي أفنى عمره في حب الموسيقى، مؤكدا أن داغر فنان لديه منهج موسيقى مهم للعازفين، وتم دراسة المنهج في العديد من الرسائل العلمية، وهو ما جعله مادة فنية ثرية مصرية وصلت للعالمية بقوة ويقين.
أضاف عن دوره عالميا ومصريا: عبده داغر اهتم بالمؤلفات الموسيقية الآلية، وكان يرى أن تاريخ الفن المصري والموسيقى المصرية للأسف يسيطر عليها الأغنيات فقط، فأخذ على عاتقه وصول الموسيقى الكلاسيكية المصرية للعالم،
وكان مـن القلائل الذين يراعون تقديم المؤلفات الآلية لتفيد العازفين.
وأكـمـل: الجمهور الأوربي لم يكن يهتم بسماع الموسيقى المصرية ذات الطابع الكلاسيكي، لكن داغـر كان يمتلك موهبة حقيقية في تكنيك الموسيقى بشكل كبير تُضاهي المدرسة الأوربية وهو ما جعله أحدث طفرة حقيقية في تاريخ الموسيقى العربية؛ حيث جدد في بناء بعض القوالب وغير فيها، فوضع المقدمة لقالب السماعي وهو الرائد فيها، وغير في العديد ليقدم موسيقى خاصة به، واسـتطاع أن يقدم الموسيقى البحتة في قوالب خاصة مصرية، وجذب أسماع الجمهور بالآلات فقط، وهذا لم يكن متعارفا عليه من قبل.
أرجع الدكتور خالد نجاح والده إلى مستواه التكنيكي الخاص في العزف، والذي ساعده خياله الـخصب وأسلوبه إلى فتح آفاق في أن يقدم مؤلفات متقنة ومتميزة، ودفعه جديدة، وهو ما ساعده على تطوير قوالب الآلات الموسيقية.
اختتم الدكتور خالد قائًلا إن المدرسة التي صنعها داغر كان هدفها هو الوصول بالموسيقى الكلاسيكية المصرية لكل فئات العالم، وذلك لإصراره ومواصلة العزف ومزاملته للعازفين والمؤلفين المصريين والعالميين؛ و«الصيطة“ وعزف في الموالد وكل الأطياف الموسيقية، حيث زامل المقرئين واختزل هذه الخبرات كلها في تقديم مؤلف مزج فيه جميع العناصر ليقدم عملا يرقى للعالمية.
كما شارك في حفل أولى ليالي مهرجان الموسيقى العربية حفيده الفنان الـشاب مصطفى داغر، والذي أعرب عن سعادته الغامرة باختياره للعزف وتقديم معزوفات جده،
وقال مصطفى: قدم داغر الكثير للموسيقى العربية على مدى التاريخ، وامتاز في إبداعه بتقديم منهج موسيقي مصري، وهذا ما جعله ينتشر فـي أوربا وأمريكا؛ لأنه قدم منهجًا كلاسيكيًا مصريًا يعتمد -بشكل أساسي- على القالب الموسيقي وليس الغنائي، كما كان معتادا في مصر، مضيفا أن جده قدم طفرة حقيقية غزا بها أوربا موسيقيا، وتم تدريس منهجه بالمعاهد والجامعات الأوربــيــة، وهـو مـا جعل بعض الجامعات تُهديه الدكتوراه الفخرية كما دعته للعمل في العديد من الـورش الموسيقية لتعليم أسلوبه بها كزيورخ، وكمبريدج..
واستطرد قـائلا: لقد نشأت على موسيقى داغر، فهو والدي الروحي في الحياة تعلمت منه الكثير، وأهم ما تعلمته منه هو حب الفن وفرط المصداقية، فكان يؤمن بما يقدم، وإخلاصه الشديد فـي عمله جعله يفني حياته فـي موسيقاه، وصنع منه ساحرا للكمان والموسيقى.
وكانت أطلقت وزيرة الثقافة الدكتورة إيناس عبد الدايم، والدكتور مجدي صابر رئيس دار الأوبرا المصرية، فعاليات النسخة الثلاثين من مهرجان الموسيقى العربية، وهي النسخة المهداة إلي اسم كل من الراحلين الموسيقار جمال سلامة، وعازف آلة الكمان الشهير عبده داغر، عرفاناً بمشوارهم الموسيقي العريق.