في تصريح خاص لبوابة دار المعارف، قال السفير محمد العرابى، وزير خارجية مصر الأسبق، أن الأسلوب الذى اتبعته مصر في أزمة سد النهضة خلال الفترة الماضية يعتبر أرقى أداء دبلوماسي حدث، ومصر مارست فيه مايطلق عليه في الدبلوماسية الصبر الطويل، والصبر الطويل ليست أى دبلوماسية تستطيع أن تقوم به لانه يتطلب قدر من الحكمة وضبط النفس، وفى نفس الوقت الاستعداد لأى تطورات قد تكون غير مرئية للاخرين وبالتالي أرى أن مصر استطاعت أن تمارس هذه الديبلوماسية بشكل جيد جدا، واعتقد أن مايتم الان على المستوى الدولى، هو حشد دولى مسالم، ومناصر لحقوق مصر والسودان في مياه النيل، وفى نفس الوقت نحن لاننكر حق دولة افريقية في التنمية، بدليل أننا نبنى سدود ونبنى مستشفيات وطرق ومدن كاملة في افريقيا وبالتالي مصر تحرص تماما على فكرة التنمية فى الدول الافريقية .
المعادلة الخاصة بنا كانت بسيطة جدا، وهى الحق في الحياة مقابل الحق في التنمية ولكن اثيوبيا لم تتجاوب للأسف مع المعادلة، وهى الان تجنى ثمار تعنتها بشكل قد يؤثر على المشروع نفسه، سواء كان عن طريق مايقال عن احتمالية حدوث زلازل في منطقة السد؛ لانها منطقة في حزام الزلازل أو حتى الحرب الداخلية الموجودة داخل اثيوبيا ومن المؤكد أنها تؤثر على استمرار العمل فى السد وبالتالي أرى ان السياسة المصرية اثبتت نجاحها، وفى نفس الوقت الصبر الذى مارسته أتى بثمار جيدة بدون أن نفقد تاييد دولى، أو تاييد افريقى ومصر كانت تعمل على الحفاظ على زخم علاقاتها مع الدول الافريقية بكل الوسائل، وبالتالي أرى أننا حققنا نجاح كبير وفى نفس الوقت السد لابد أن يكون به إدارة مشتركة بين الدول الثلاثة مصر واثيوبيا والسودان، وإدارة الموارد المائية امر معروف علميا، أنه لا يخضع للمفاجآت ولا يخضع لتصرفات أحادية تحت أى ظرف من الظروف، لابد من إدارة مشتركة حكيمة تستطيع أن تلبى طلبات الدول الثلاث .
وأضاف أننا نتوقع الفترة القادمة قدر من عدم الاستقرار سواء في اثيوبيا او السودان، وهو ماسيعطل جهود الاتحاد الأفريقى في تحقيق واقامة مفاوضات ثلاثية خاصة بالسد، بين الدول الثلاثة؛ لان اكيد الأوضاع الداخلية في البلدين ستؤثر على فكرة انعقاد هذه الدورة من التفاوض تحت رعاية الاتحاد الافريقى .
وحول دور الاتحاد الافريقى في أزمة سد النهضة، قال العرابى للأسف الاتحاد الافريقى ضعيف، وحتى الان الاتحاد الأفريقي لم يقم بدوره الكامل، وللأسف ضاع وقت كثير، ولا أعتقد أن ذلك سيكون مفيدا لفكرة التفاوض، اضعنا وقت كثير في ولاية الاتحاد الافريقى ورعايته لهذه المباحثات، ولم يتقدم بأية مقترحات على الأرض، حتى أن الجزائر أعلنت أن لديها مبادرة ولم تظهر المبادرة حتى الان، وبالتالي اعتقد أنه لابد أن يكون هناك مبادرات من الدول الثلاث بحيث يكون هناك إدارة ذاتية للسد من الدول الثلاثة، ولا يصلح أن تقوم دولة واحدة بإدارة الموارد المائية لنهر كبير مثل نهر النيل .
وحول توقعاته لما يمكن أن يحدث مستقبلا وهل مشروع السد يمكن ان يكتمل مع الأزمات والصراعات الداخلية في اثيوبيا والسودان، قال العرابى مايحدث حاليا من تهجير وإخلاء لرعايا بعض الدول من المؤكد أنه سيؤثر على إتمام العمل في المشروع في التوقيتات التي وضعوها، كما أن الميزانية الاثيوبية مصابة بالإرهاق الشديد نتيجة العمليات العسكرية المستمرة خلال الفترة الماضية، وهذا سيكون احد المؤثرات السلبية المؤثرة على إتمام المشروع، واعتقد أن اثيوبيا تجنى ثمار التعنت الذى مارسته خلال الفترة الطويلة الماضية .