إثيوبيا تتجه إلى «مصير محتوم»

إثيوبيا تتجه إلى «مصير محتوم»الجيش الاثيوبى

عرب وعالم9-11-2021 | 18:30

التهبت الساحة العسكرية الإثيوبية وشهدت تطورات خطيرة، تؤثر على مستقبل ووحدة ثاني أكبر بلد إفريقي من حيث عدد السكان، بدأت التطورات عندما أعلنت «الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي»، سيطرة قواتها على بلدة دسي الاستراتيجية في إقليم أمهرة، وهو ما يعنى انكسار جديد لقوات الجيش الفيدرالي الإثيوبي، والسيطرة على الطريق الرئيسي المؤدي إلى العاصمة أديس أبابا.
وقال المتحدث باسم الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي، جيتاشو رضا، إن قوات تيجراى، أخرجت قوات الدفاع الوطني الإثيوبي (الجيش الإثيوبي) من دسي ويتجهون إلى بلدة كومبولتشا، مضيفا أن قوات تيجراي أسرت العديد من الجنود الإثيوبيين.
وقال أودا تربي، المتحدث باسم «جيش تحرير أورومو»، إن القوات أحرزت مكاسب ميدانية في منطقتي أمهرة وأوروميا التي تحيط بأديس أبابا، مشددا على أن الإطاحة بحكومة رئيس الوزراء آبي أحمد «أمر محتوم» وسيتم السيطرة على العاصمة في غضون أشهر إن لم تكن أسابيع.

يشار إلى أن الصراع فى إقليم تيجراى، اندلع فى الرابع من نوفمبر عام 2020، حيث زعمت حكومة أديس أبابا أن الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي، هاجمت القاعدة العسكرية الرئيسية فى الشمال، ما دفع الحكومة إلى شن عملية مضادة. فيما قالت الجبهة الشعبية لتحرير تيجراى، أن رئيس الوزراء الإثيوبى آبى أحمد، ارتكب خطأ دستوريا بتأجيل الانتخابات العامة الإثيوبية لعام 2021، بدلا من انعقادها فى مايو 2020.


وكان رئيس الوزراء، آبي أحمد، أعلن - مطلع العام الجاري - انتصار الجيش الفيدرالي الإثيوبي فى الحرب على إقليم تيجراى، واستصدر حكما من القضاء الإثيوبي باعتبار الجبهة الشعبية لتحرير تيجراى جماعة إرهابية، لكنها عادت بشكل مفاجئ فى 28 يونيو واستعاد مقاتلوها السيطرة على عاصمة الإقليم ومناطق أخرى.


فيما أعلنت «الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي» عن تكوين حلف عسكري مع قوات الأورومو فى إقليم أورومو التي تقاتل أيضا الحكومة المركزية، متحدثة عن الاستعداد للزحف إلى أديس أبابا.


إعلان الطوارئ


وفى مواجهة زحف قوات التيجراى باتجاه العاصمة، أعلنت الحكومة الفيدرالية فى إثيوبيا، حالة الطوارئ فى البلاد، وقال وزير العدل، جيديون تيموتيوس، خلال مؤتمر صحفي، إن الحكومة الفيدرالية قررت فرض حالة الطوارئ على المستوى الوطني وذلك فى الوقت الذي تتقدم فيه قوات «الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي» صوب جنوب البلاد باتجاه أديس أبابا.


ودعت الحكومة سكان العاصمة إلى التسلح على خلفية التقدم الميداني لقوات تيجراى، وطلبت السلطات فى أديس أبابا من الأهالي تسجيل الأسلحة وإعداد الدفاعات. وقالت الحكومة فى بيان نشرته وكالة الأنباء الإثيوبية، إن السكان يجب أن يستخرجوا تراخيص بحمل أسلحتهم وأن يتجمعوا فى الأحياء السكنية.


يأتي ذلك فى الوقت الذي تتهم فيه جهات دولية أطراف النزاع فى الإقليم بارتكاب انتهاكات حقوقية وتدعوها لوقف الأعمال العدائية.


التعاون مع الأمن


وفى أول رد فعل من رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، على تقدم قوات التيجراى، قال إنه يجب على المواطنين الإثيوبيين التعاون مع الجهات الأمنية خلال حالة الطوارئ التي فرضها، فى ضوء ما وصفه بـ «المحنة» وتلويح جبهة تحرير تيجراي بالزحف على أديس أبابا.


وكتب رئيس الوزراء الإثيوبي، على «تويتر» أدعو المواطنين للقيام بدورهم المطلوب من خلال الامتثال لتوجيهات إعلان الطوارئ، متابعا «يجب على المواطنين أن يتعاونوا مع سلطات إنفاذ القانون للقيام بواجباتهم بكفاءة وتقديم المساعدة اللازمة». ومؤكدا أنه «تم إعلان حالة الطوارئ لتقصير فترة المحنة وتوفير وقت للحل».


ويتوقف الصدام المسلح الآن على طرفين، أولهما تحالف آبى أحمد المكون من الأمهرة والعفر وبعض قوات الأورومو الخاصة، فيما أطلق عليه تحالف القيادة الجنوبية تحت راية الجيش الفيدرالي الإثيوبي، وثانيهما تحالف التيجراى وجبهة تحرير أورومو ويعرف بالقيادة الشمالية للجيش الإثيوبي. سقط فى الصراع المسلح عشرات الآلاف من الإثيوبيين، وشرد الملايين خارج منازلهم، ولجأ الملايين إلى دول الجوار فى القرن الإفريقي.


وعن ردود الأطراف الدولية المعنية بالصراع فى إثيوبيا، أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن، إلغاء المعاملة التفضيلية فى التجارة لإثيوبيا، بسبب انتهاكات حقوق الإنسان، وشيوع حالات الاغتصاب الجماعي فى الإقليم، أثناء حملتها العسكرية على منطقة تيجراي والتي شارك فيها الجيش الإريتري.


وألغى بايدن المعاملة التفضيلية بقانون النمو والفرص فى إفريقيا، المعروف باتفاق «أجوا» وهو اتفاق تاريخي لعام 2000 ألغى الرسوم الأمريكية على معظم الصادرات من منطقة إفريقيا جنوب الصحراء.


وعبر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، عن قلقه بعد تأكيد التقارير الأمريكية على سيطرة جبهة تحرير تيجراي على بلدتين ديسي وكومبولتشا. قائلا: «القتال المتواصل يطيل أمد الأزمة الإنسانية الخطيرة فى شمالي إثيوبيا»، وأضاف بلينكن: «كافة الأطراف يجب أن توقف الأعمال العسكرية وتبدأ مفاوضات وقف إطلاق النار دون شروط مسبقة». وكانت الخارجية الأمريكية، أعربت عن قلقها إزاء اتساع نطاق القتال بين القوات الإثيوبية، وجبهة تحرير تيجراي، داعية الأخيرة إلى الانسحاب من ولايتي أمهرة وعفر اللتين حققت قواتها تقدما فيهما.


طائرات إيران


وفرضت وزارة الخزانة الأمريكية، حزمة عقوبات جديدة على إيران، شملت 4 أفراد ومؤسستين، بينهم شخصان على صلة بالحرس الثوري التابع لطهران، لتورطهم فى نشر طائرات درون هجومية فى إثيوبيا.
وصرحت الوزارة فى بيان عبر موقعها الإلكتروني، بأن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لها، حدد أعضاء فى شبكة من الشركات والأفراد الذين قدموا دعما حاسما لبرامج الطائرات المسيرة التابعة للحرس الثوري الإيراني وفيلق القدس.


وذكر البيان أن هؤلاء متورطون فى نشر طائرات فى إثيوبيا، بما يهدد بتصاعد الأزمة واستمرار زعزعة استقراره وتطوره إلى مناطق أوسع. مشيرا إلى أن هذه الطائرات دون طيار، استُخدمت فى الهجمات على الشحن الدولي وعلى قوات الولايات المتحدة الأمريكية.


وأكد نائب وزيرة الخزانة والي أدييمو، أن الوزارة ستواصل تحميل إيران المسؤولية عن «أعمالها العنيفة وغير المسئولة».


وفى سياق متصل، قال جيفري فيلتمان، المبعوث الأمريكي للقرن الأفريقي، إن هناك تقارير موثقة بشأن فظائع ارتكبتها قوات الدفاع الإثيوبية والإريترية وقوات إقليم تيجراي فى الحرب المشتعلة بشمال إثيوبيا، منتقدا استخدام أديس أبابا أسلحة يصنعها أعداء واشنطن.


وأضاف فيلتمان فى مؤتمر صحفى حول الوضع فى إثيوبيا، أن توسيع نطاق الحرب أمر متوقع لكن غير مقبول، فى تعليق يأتي بعد سيطرة قوات تيجراى على المدينتين الرئيسيتين وانتقال الصراع إلى خارج إقليم تيجراي والذي اتحد مقاتلوه مع قوات الأورمو.


وأكد أن الولايات المتحدة تعارض أي تحرك لجبهة تحرير تيجراي نحو العاصمة الإثيوبية أو أي أراض جديدة، داعيا الأطراف كافة إلى الدخول فى مفاوضات «حقيقية». متابعا أن استخدام الغذاء كسلاح فى تيجراي يمكن أن يرقى إلى جريمة حرب، مضيفا: «القوات الحكومية الإثيوبية تستخدم فى الحرب ضد جبهة تحرير تيجراي طائرات مسيرة يصنعها خصوم لأمريكا».


وأكد فيلتمان: «كل الآمال التي سادت بعد وصول آبي أحمد لرئاسة الوزراء تتلاشى وتتبدد. أبلغت المسئولين الإثيوبيين أن علاقاتنا مع أديس أبابا على مفترق طرق وكذلك علاقاتها مع الأسرة الدولية».


إجلاء الرعايا


ودعت الولايات المتحدة رعاياها فى إثيوبيا لمغادرة البلاد وسط تردي الوضع الأمني نتيجة المواجهات العسكرية وذكرت السفارة الأمريكية فى أديس أبابا، أن البيئة الأمنية فى إثيوبيا تدهورت بشكل كبير فى الأيام الماضية مع استمرار تصعيد النزاع المسلح والاضطرابات المدنية فى أمهرة وعفر وتيجراي.


وأضافت السفارة، فى بيانها، أنه تم تقييد جزء كبير من الطريق السريع A2 الذي يربط أديس أبابا بالمدن الواقعة إلى الشمال من قبل السلطات الفيدرالية ما أدى إلى اضطرابات وتقطعت السبل بالمسافرين وبات السفر غير مسموح به بشكل عام.


ونوهت إلى أنه يُحظر حاليًا على موظفى السفارة الأمريكية السفر خارج حدود مدينة أديس أبابا. لذا نقترح بشدة أن يعيد المواطنون الأمريكيون النظر بجدية فى السفر إلى إثيوبيا وأن يفكر أولئك الموجودون حاليًا فى إثيوبيا فى اتخاذ الاستعدادات لمغادرة البلاد.


وحذرت السفارة الروسية فى إثيوبيا، رعاياها من السفر إلى أديس أبابا غير المرتبطة بالحاجة الملحة، وكتبت السفارة عبر حسابها الرسمى على «تويتر» والصفحة الرسمية على «الفيس بوك»: «فيما يتعلق بتفاقم الوضع الاجتماعي والسياسي فى إثيوبيا، نوصى المواطنين الروس، إن أمكن بالامتناع عن الرحلات إلى إثيوبيا غير المرتبطة بالحاجة الملحة».


فيما عقد وزير خارجية إسرائيل، يائير لابيد، اجتماعا طارئا على خلفية تقدم قوات تيجراى فى إثيوبيا نحو أديس أبابا، وأجرى جلسة داخلية طارئة؛ لمناقشة الخطر، الذي يواجهه 10 آلاف يهودي إثيوبي يقيمون فى مخيمات بأديس أبابا وكذلك مدينة جوندار شمال البلاد، حيث ينتظرون الهجرة إلى إسرائيل.


وبحثت الجلسة ما إن كان هؤلاء اليهود الإثيوبيون فى خطر، وما إذا كان يمكن حمايتهم فى المخيمات، أو إنقاذهم فى حال وصلت المعارك بالفعل إلى العاصمة. وأكدت الجلسة على «مراجعة دولية للوضع فى إثيوبيا، وتواصل وزارة الخارجية الإسرائيلية مراقبة التطورات فى البلاد عن كثب وانعكاسات ذلك على من ينتظرون الهجرة».


يشار إلى أنه على مدى سنوات طويلة استقدمت إسرائيل الآلاف من يهود الفلاشا الإثيوبيين الذين بلغ عددهم حتى نهاية عام 2017 حوالي 148 ألف شخص، من بينهم 87 ألفا ولدوا فى إثيوبيا و61 ألفا فى إسرائيل.

أضف تعليق