تحقيق: مروة علاء الدين
قد نسمع عن واقعة طلاق تحدث بين زوجين لم تتجاوز فترة الارتباط بينهما الأسبوع أو الشهر أو السنوات العشر، ولكن أن يحدث الطلاق بعد «عشرة عُمر» قد تتجاوز 30 عاماً وأكثر، فهذا هو الغريب في الأمر وهو ما يثير علامات استفهام، بين أفراد المجتمع لاسيما في مجتمع محافظ يتمسك بقيم الأسرة وعاداتها وتقاليدها.
ففي حين يقال إن “طول العشرة” كفيل ببناء السعادة والتقارب النفسي بين الزوجين، وإلغاء الحواجز كافة بينهما، يبرز الواقع وجها آخر لعلاقة لم يزدها الزمن إلا تنافرا وشقاقا وبؤسا وجفاء.
أن طلاق كبار السن حالة خاصة جدا من حالات “الفشل الزوجي” وأكثرها إيلاما للنفس، نظرا للعشرة الطويلة ولوجود أبناء كبار وغير ذلك من الأمور.
وهنالك أسباب كثيرة متهمة بالضلوع فى ارتفاع معدلات الظاهرة، وهذه الأسباب تعود بشكل أساسى هو دور المجتمع ووسائل الإعلام السلبيين في التأثير على صورة الأسرة وقيمتها الاجتماعية لدى كل من الرجل والمرأة، بحيث يشعر البعض بأن قيمته وحريته تكون عند الطلاق وأنه يمكن أن يكون أكثر حرية بدون (قيود الزواج).
وعن طلاق كبار السن، وكيف يتفادي المتضررون الشعور بالندم بعد مرور سنوات طالت من الزواج، قضية مهمة تناولتها الكثير من الدراسات الأجنبية وخاصة فى بريطانيا، والتي كشفت أن نسب طلاق الأزواج فوق سن الستين ارتفع في السنوات الأخيرة، على الرغم من الانخفاض في عدد حالات الطلاق لمن هم دون هذه السن وأرجعت السبب إلى تحسن الحالة المادية للزوجين والتي قد تمكنهما من الانفصال بأقل ضرر مادي.
وعلى مستوى مصر فقد أظهرت دراسات للمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية أن أغلب حالات الطلاق التي تقع بعد سن الخمسين ترجع إلى العزوف العاطفي، وبحث الزوج بصفة خاصة عن امرأة أخرى تلبي احتياجاته النفسية والبيولوجية.
«1»
إسراء حجي: الزوج يعتقد أن دوره ومسئولياته الإنفاق فقط!
وعن أسباب طلاق الخمسينات تقول "أسراء حجي" استشاري أسري وتربوي، وأخصائية تعديل سلوك للبيانات:
لقد انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة الطلاق في سن الخمسينيات بشكل ملحوظ وهو الأمر الذي يشكل العديد من علامات الاستفهام حوله.
فعندما نسمع عن حدوث طلاق في بداية الزواج أو في السنوات الأولى من الزواج نتوقع الأسباب الشائعة وراءه من صغر سن الزوجين، وعدم إعطاء الفرصة لبعضهما البعض للتفاهم فيما بينهما، ولكننا لا نتوقع الطلاق بهذا الشكل بعد العمر الطويل، والعشرة التي استمرت فترة لا تقل عن الثلاثين عاماً، لاسيما في مجتمع يتنكر لمفهوم الطلاق ولا يتوافق مع عاداته وتقاليده، كما أنه يعتبر مؤشرا لوجود مشكلة ما، بعد وصول العلاقة الزوجية إلى الاستقرار طيلة هذه الأعوام.
ويرجع تفكير المرأة في الطلاق بعد سن الخمسين إلى عدة أسباب من أهمها:
عدم الشعور بالأمان والاستقرار النفسي التي كانت تتوقعه وتحلم به المرأة عند الزواج حيث لا تجد جانب الاحتواء لمشاكلها ومشاكل أبناها من جانب الزوج اعتقاداً منه أن دوره ومسئولياته قائمة على الإنفاق فقط ويترك كل شيء على عاتق الزوجة، أيضاً عندما تكون الزوجة من الشخصيات المهتمة بمستقبلها وتجد أن حياتها الزوجية أصبحت عقبة في طريق تحقيق أمنياتها وأحلامها.
الصبر والثبات
وأضافت "حجي": أن هناك أحد الزوجات اللاتي قابلتهن أثناء عملها كمستشار نفسي وأسرى، روت لها عن أسباب تفكيرها في الطلاق؛ أنها ظلت طيلة حياتها تكافح مع زوجها لتظل في حالة الاستقرار إلا أنه في ظل صعوبات الحياة وضيق العيش لم يستطع الصبر والثبات على عدم توفيره لاحتياجات أبناءه فبدأ يلجأ إلى تعاطي المخدرات ويتكاسل في عمله وهو ما جعل أسرته تتذمر لذلك، ثم بدأ في التطاول عليهم لعدم استطاعته شراء المخدر بالكمية التي يحتاج وبدأت الحالة النفسية للأبناء في التدهور والتأخر في دراستهم بشكل ملحوظ وهو ما دفع الزوجة إلى طلب الطلاق.
كما أن بعض الأزواج يظل لفترة صامت دون مواجهة الطرف الآخر بالمشكلة التي تواجه ليعملا على حلها سوياً، وهو ما يؤدى إلى تفاقم المشكلة، فيظل كل طرف مترقباً للآخر وينتظر له أن يخطئ، وهو ما يؤدى لزيادة التوترات في العلاقة الزوجية وينتج عنه الخلافات المستمرة حتى يحدث الطلاق بالفعل ولكن في الوقت الذي يفيض به الطرفان من الشك ومحاولة السعي لمعرفة سبب صمت الطرف الآخر.
وألمحت "حجي" إلى أن هناك بعض الزوجات التي ظلت تتحمل لفترات الأهانة من أهل الزوج وعدم الدفاع عن حقها أو التصدي لهم فتقوم بتخزين هذه الذكريات المؤلمة لفترات طويلة حتى يأتي عليها الوقت الذي تنفذ طاقتها ولا تستطيع التحمل بعد فترة طويلة من الزواج لشعورها بالذل والسلبية من ناحية الزوج بشكل ملحوظ وعدم اظهارها لأهله بالشكل المناسب.
وأضافت أسراء أن تلك الأسباب سالفة الذكر لا تشكل كل الأسباب التي تحدث في الحياة ولكن نستطيع منها أن نصل إلى نتيجتين: أن المرأة أصبحت بالقوة التي تستطيع الوقوف بصلابة ومواجهة المجتمع والمحيطين بها دون ضعف أو هوان وذلك لظروف المجتمع الاقتصادية التي جعلتها تتطرق إلى النزول في مجال العمل لسد احتياجات أبناءها مع زوجها فلم تعد تمثل لها ناحية الأنفاق مشكلة..
وأصبح للمرأة الحرية في القرار دون التقيد بالتقاليد التي تلزمها بتقبل عيوب الزوج التي لا يمكنها التعايش معها كالخيانة والنزوات، والتعامل معها على أنها خادمة وليست زوجة لها حقوق وواجبات ومن حقه مراعاتها والعمل على إسعادها.
تلك الأسباب
وأكدت "حجي" أن تلك الأسباب هي الأكثر انتشاراً لحالات الطلاق في الخمسينيات، ولكن هناك أسباباً أخرى غير منطقية وتنعكس نتائجها على الأبناء سلباً عند الطلاق وتؤدى إلى ظهور العديد من المشكلات النفسية والسلوكية الغير متوقعة التي تؤثر على حياتهم المستقبلية وشخصيتهم في المراحل المتقدمة من العمر كالانطوائية والخضوع أو العدوانية أو التردد بشكل مستمر في اتخاذ القرارات المصيرية.
ويجب علينا تجنب الوصول إلى هذا الطريق المسدود المليء بالكثير من العقبات، بالحوار السليم ومحاولة التقبل وتفهم كل طرف للآخر وتدخل المقربين من الأهل لإنهاء المشكلات في بدايتها.
زواج تابع
وعن أسباب المشكلة وكيفية مواجهتها تقول "ميرفت رجب صيام" استشاري اسري وتربوي وصحة نفسية:
أن الحياة الزوجية حياة مقدسة تجمع بين شريكين اتفقا علي تكوين أسرة و أقامة حياة كاملة سعيدة واتفقا علي المودة والرحمة بينهما متوجين ذلك بحب وعشره إلي أخر العمر، ورغم ذلك يفكر أحدي الشريكين أو كليهما في الطلاق ويجدا أنه هو الحل لجميع المشاكل من وجهه نظرهم ..
والغريب ليس في الطلاق ولكن الطلاق الذي زحف مؤخرا إلي مجتمعنا في سن متأخر بعد عشرون أو ثلاثون عاما من الزواج.
والسؤال هنا هو لماذا لم يكن يحدث هذا الأمر مع أجددنا.. فلماذا انتشر الآن؟
«2»
ميرفت صيام: أكثر إيلاما على المرأة وخاصة بعد سن الأربعين
وأضافت "ميرفت صيام": أن هناك حكايات مرت علي من خلال تعاملى كاستشاري اسري من خلع وطلاق من قبل الزوج أو الزوجة في سن الخمسينات والستينات.
ومن ذلك القبيل زوجة في الخمسينات من عمرها، فبعد أخر زيجة لأخر بنت لديها قالت أريد الطلاق، وانصدم أولادها كيف فكرت تلك الجدة في هذا، وهي تصرخ وتنهار أريد أن ترحموني من هذا الرجل، أنا قمت بواجبي وأتممت زواج أولادي والآن سوف أتكلم، كم عانيت من أنانيته ومن تحكمه ولا أريده، والمشكلة أنه كان يعتمد عليها في كل شيء ويهين ويسئ إليها ولكن بالطبع الأهل والأفكار الموروثة الخاطئة اجبرتها على عدم طلب الطلاق .. فتحملت ولم تتكلم ولم تحل أي مشاكل كان من الممكن وقتها تحاشيها وخلق روح تفاهم بينهما.
وأضافت "ميرفت صيام" أن هناك عدة أسباب لتلك المشكلة التي في لحظات تنهي الحب والعشرة، فالطلاق قرار صعب علي الرجل والمرأة وخاصة المرأة، فهي أكثر إيلاما عند الوصول لهذا القرار، وخاصة بعد سن الأربعين، ولقد أصبحت وحيدة بعد أن ضحت بشبابها وحياتها لزوجها وأولادها ... والمشكلة تبدأ من بداية الزواج عندما يسئ احدي الشريكين أو كليهما اختيار شريك الحياة ويبدأ في التحمل والرضا المقنع الذي مع الوقت يسبب تراكمات عدة ويجعل كلا منهما علي شفا الانهيار داخليا، دون محاولة مواجهه السبب الحقيقي لتلك المشكلة وإيجاد الحلول والتخلص من المشاكل مهما كانت.
الأخذ والعطاء
وأكدت أن من الأسباب أيضا أن الزواج يبني علي أساس غير صحي بحيث يسن كلا منهما قوانين مبنية علي الأخذ والعطاء بنسب غير متزنة سواء من قبل الرجل أو من قبل المرأة وهذا يعود لأسباب عده منها تعود الرجل من قبل الأهل علي الاعتماد علي الأم فتقوم الزوجة بذلك أو العكس أيضا يقوم الزوج بتحمل جميع المسئوليات والزوجة تعتمد عليه في كل شيء وهذا الزواج يسمي (زواج تابع ) والغريبة أنه يستمر رغم عدم نجاحه، ومع استمرار التراكمات والأزمات ومرور السنوات تتسع الفجوة ويصبح العطاء والتضحية مفروضة علي الطرف المضحي ، حتى سن الأربعينات فيثور كلا منهما علي الأخر، ولا يستطيع تحمل الموقف نظرا لأن هذه المرحلة يحدث فيها تغيير فسيولوجي و هرموني يسبب تغير الأفكار وبالتالي الأفعال وأيضا نظرة كل شريك أن حياته اقتربت من الانتهاء، ويحدث ذلك في بعض الزيجات.
وذكرت أن تطور التكنولوجيا واستغلالها بصورة خاطئة للتعارف يشعر أي طرف منهما أنه لم يكبر وأنه مرغوب فيه، وهنا نري مشهد غريب ومحزن لزوجان يعيشان مع بعضهما ولكن كلا منهما لديه أصدقاؤه علي مواقع التواصل الاجتماعي، فهما بجانب بعضهما البعض ولكنهما أكثر الناس بعدا وكلا منهما قرر أن يجد حياته وسعادته مع شخصية وهمية علي شاشه جوال صغيرة، وللأسف وقتها العاطفة تلغي صوت العقل تماما، وبالتالي تفقد الحياة بينهما كل جميل وتضيع المودة والرحمة وتتبخر العشرة بعد موت الحب والمشاعر.
مواجهة المشكلة
أما عن كيفية مواجهة تلك المشكلة فتقول: يجب علينا حسن اختيار شريك الحياة، ومعرفة معني الزواج الصحي وكيفيه التواصل الصحيحة بين الزوجين، وهناك الكثير من الدورات والكتب والمحاضرات علي الأنترنت يستطيع من خلالها الزوجين معرفة الزواج الصحي مع اتباع تعاليم الدين الحنيف في فنون العلاقات الزوجية والبعد عن كل ما يجلب في حياتنا المشاكل الزوجية.
وعلى الزوجين تبادل قانون الأخذ والعطاء .. السكن والعشرة ...الحب المتجدد ... حتى لا يتخلل لهم مشاكل زوجية عدة مثل الملل والفتور العاطفي والخرس الزوجي الذي يصل في خريف العمر إلي الطلاق أيضا، وهناك دور الاستشاري الأسري الذي يقوم بتحويل الزواج إلي زواج صحي وتصحيح المفاهيم وتهيئة الطرفين للتكيف علي حياه جديدة سعيدة..
فالحياة الزوجية حياة تحتاج إلي الكثير من المعرفة والفنون والتضحية علي أن يكون دائما هناك مقابل لهذه التضحية.
«3»
زينب مهدي: «لسة فاكرة تطلقى؟!»
أما عن رأى "زينب مهدي" المعالج نفسي وخبير التنمية البشرية فتقول:
أن هناك أسباب كثيرة جعلت زيجات تفشل بعد 30 عام ، والنساء يطلبن من أزواجهن بعد 30 عام ، ويكون أول رد فعل يتلقونه ..
(انتي لسه فاكره دلوقت تطلقي).
أفادت "مهدي" أن هناك أسباب نفسية خطيرة تكون سبب في وقوع الطلاق بعد سنوات طويلة من العشرة، من تلك الأسباب تنحصر في الأتي:
الخوف علي نفسية الأطفال، وللحفاظ علي الدفء الأسري والترابط، وهناك نساء ليس لديهن مصدر رزق غير الزوج ، ونظرة المجتمع المريضة للمطلقة، ومن تلك الأسباب أيضا أن هناك أسر لم تحتضن بناتها ( الزوجات) حتى أصبحن ضحايا في يد أزواجهن، و لم تجد واحدة منهن من يدافع عنها فاضطرت إلي اختيار البقاء في ذلك المنزل البشع الخالي من أي مودة ورحمة .
وألمحت "المهدي" إلى أن كثير من الحالات في وقتنا الحالي تكون منحصرة في الطلاق المبكر وهو الطلاق في العام الأول من الزواج، ولكننا نغفل هؤلاء النساء اللاتي يطلبن الطلاق بعد تقدم العمر بهن وكأنهن يقولن للعالم أجمع نريد أن نحيا الباقي من حياتنا في مناخ هادئ وبدون أي مشاكل، هؤلاء النساء حياتهن تختلف تماما عن حياة أي امرأة أخري فهن أمهات بدرجة امتياز لأن التضحية عندهن بلغت أقصاها فهن اخترن أن يضحوا بحياتهن من أجل أولادهن في مقابل أن الطفل لا تتدمر نفسيته وهؤلاء الأمهات لم يجدوا إلا السخرية من البعض في كلمة تنحصر في ( هو أنتي لسه فاكره إنك تطلقي دلوقت ).
وأشارت زينب أن تلك الفكرة كانت تأتي في ذهنهن ولكن لم يجدن أهل يستمعوا لمشكلاتهن، ودائما ما تقول الأم لأبنتها ( بيتك وجوزك وارجعي وعيشي ).
وتلك النصيحة الفاشلة تستمتع إليها الزوجة من أمها التي لم تعرف شكواها من الأساس، فترضى الزوجة أن تعيش مع رجل قاسي القلب وأطفال علي عاتقها ولا تملك أن تأخذهم وتنفق عليهم ولا تملك أن تأخذهم وتذهب بهم إلي منزل أهلها الغير قابلين وجودها معهم، ولا تملك حتى أن توفر لهم مناخ هادئ مع أبوهم لأنه رجل لا يعرف الرجولة.
وأضافت زينب أن هناك العديد من الحالات لنساء، ضحين بعمرهن في مقابل أن يعيش أولادهن في مستوى اقتصادي واجتماعي إلي حد ما مقبول. وأضافت "زينب" أن هناك العديد من الحالات سنذكر منها ..
الحالة "خ" امرأة بلغت من العمر 50 عام تشكو من الأتي:
كان عمري 17 عام حتى تزوجت وللأسف لم أتزوج بإرادتي تزوجت من رجل أكبر مني 16 عام ولم أستطع أن أقول لا ؛لأن أبي كان قاسي جدا معنا وعندما تزوجت فوجئت برجل يضربني ويهينني وعندما فكرت في الطلاق علمت بأنني حامل في أبنتي الأولي، تحدثت مع أمي أنني أريد أن أنفصل لأنه يعذبني هو وأهله ولم أجد إلا القسوة حاولت أن أمتهن أي مهنة أستطيع من خلالها أن أحصل علي مورد رزق ولكن زوجي كان لا يسمح لي بذلك فلم أجد أمامي إلا الأبواب المغلقة من الأهل والزوج وكل الناس التي أعرفها ، فاخترت أن أعيش جسد بلا روح حتى تزوج أولادي ولم أجد أمامي إلا أنني سوف اخرج من السجن الذي أستمر33 عام وطلبت الطلاق، وبعد وفاة أبي وأمي انتقلت لأعيش في شقتهم بمفردي، ويأتي أولادي لزيارتى ولم يشعر أحد بمعاناتي سوي الله وحده أما البشر لم أجد منهم إلا الكلام القاسي لأنهم لم يعيشوا ما عشته أنا .
الحالة "ف" امرأة بلغت من العمر 46 عام تقول:
من أول يوم زواج وأنا لا أحب زوجي فهو رجل لا يعرف شيء عن الدين أو الأخلاق، وأمي كانت متوفيه كلما كنت أتحدث إلي أبي أن زوجي يقسو علي كان أبي هو الأخر يضربني، حتى أنجبت أبني الوحيد وهو من وقف بجانبي عندما أصبح شاب وبلغ من العمر 26 عام، لأنه كان يري بعينه ماذا يحدث لأمه ووقف بجانبي في طلاقي من أبوه، و الأن أعيش في منزله مع زوجته ولكن بعدما ضاع شبابي مع رجل لا يعرف الرحمة ومجتمع لا يري سوي المظهر فقط ولا يعرف ما الذي يدور بداخل المنازل الزوجية.
«4»
هاجر مرعى: الخطر يمكن أن يأتي بعد 20 أو 30 عاما
تقول "هاجر مرعى" استشاري أسري وتربوي وصحة نفسية:
يعتقد كل زوجين منذ السنة الأولي أن حياتهما الزوجية سوف تستمر بدون تغيير أما لثقتهما في مشاعرهم تجاه بعضهم البعض، أو لأنهم يعتبرون أن شخصياتهم ستبقي ثابتة، ولكن الحقيقة أن التغيير سمة الزواج وهو ما يجعله يمر بمراحل مختلفة تحتاج من كلا الطرفين الوعي والحفاظ عليه صحي ومريح، وهناك اعتقاد خاطئ وسائد أن الزواج يبقي في خطر في سنواته الأولي فقط وخاصة السنة الأولي، ولكن علي العكس الخطر يمكن أن يأتي بعد سنوات تصل إلي 20 أو 30 عام من الزواج.
والسبب في ذلك أن كلا الطرفين لا يراعي تقلبات الأخر مثل الضيق من العمل، التغيرات الصحية، الفقد والسفر للأهل أحيانا، فيشعر الطرف صاحب الأزمة أنه وحيد وأن شريكه أناني ولا يقدر مشاعره ومع الوقت يبتعد نفسيا ثم جسديا ثم يقرر الانفصال والذي يبدأ بالخرس الزوجي إلي أن يصل إلي طلب الطلاق.
أسباب تراكمية
وألمحت "هاجر" إلى أن هناك أسباب تراكمية مثل الأهانات اللفظية والجسدية المتكررة التي تستطيع أن تكسر حاجز الاحترام والتقدير بين الزوجين بقوه مما يجعلهم دائما علي المحك وتسبب أحيانا طلاقات متعددة حتى تمر السنين وينتهي رصيد الزواج بينهما ويقرر المقهور الانسحاب فجأه بعد سنوات طويلة من التحمل.
وأشارت إلى سبب أخر مهم جدا في الطلاق وخاصة في مرحله "أزمه منتصف العمر" وهو السرطان الأعظم في جسد الزواج إلا وهو الخيانة, فهناك الكثير من الزيجات المقتولة باسم الخيانة بعد أن كان رصيد الزواج سنوات كثيرة مليئة بالأحداث الأيجابية والسلبية.
ولا ننسي أن الانسان كلما تقدم به العمر كان هدفه أن يجد السند والحبيب فعندما تتراكم الهموم ويصاب الزواج بخيبة الأمل يكون الطلاق نهاية حتمية لذلك مهما كانت الظروف.
وتضيف "مرعى": لقد التقينا بقصص كثيرة كان الطلاق فيها بعد أكثر من عشرين عاما من الزواج وتقول الزوجة أحيانا كان خطأى التراكم والصمت والسماح للطرف الثالث الدخول في حياتنا بقوه، ويشتكي بعض الرجال أيضا من خيبة الأمل في الأزمات عندما وجد زوجته لا تسانده في أزماته المالية أو الصحية.
ولهذا علينا أن ننتبه أن زواجنا كل عام يكبر وينضج ويسعي للبقاء ولكن السهو والأنانية والتراكم يمكن أن يصيبه بأمراض قاتلة نخسر معها الحب والعطاء والاستقرار والمودة والرحمة.
«5»
سارة ممدوح: شروط الزواج الصحي الاختيار الخاطىء
أن الاختيار الخاطئ من أهم أسباب الطلاق بعد الخمسين، وعن هذا تقول "سارة ممدوح"مدرب تنمية بشرية واستشاري علاقات أسرية وتربوية،
أن الزواج الصحي يعتبر من أكثر أنواع الزواج استقرارا وسعادة واستمتاع بالحياة .
فالزواج الصحي هو الزواج الذي يعيش فيه الزوجين بدون أن يكون أحدهما بحاجة إلى استقرار مادي أو لأنه ليس لديه مكان أخر يعيش فيه أو لأنه لا يستطيع تحمل مسئوليته بشكل كامل أو يوجد في حياته شيء مفقود لا يستطيع تعويضه.
فالحياة الهادئة بدون مشاكل هي هدف الزوجين منذ لحظة اختيار كل منهما للآخر قد ينجح البعض منهم، ويفشل البعض الآخر ومن الممكن أن تمر سنوات على الزواج وبدلا من استمرار الحياة بشكل جيد خاصة مع وجود الأبناء فينقلب الحال ويشعر أحد الزوجين بالندم على زواجه ويردد أيضا لو عاد به الزمان لما ارتبط بهذا الشريك.
وأوضحت" ممدوح" أن الاختيار الخاطئ القائم على عدم التكافؤ يعد أهم أسباب الطلاق بعد فترات كبيرة، كما وأن التعرض لأزمة منتصف العمر يؤدى لأنفصال بعد فترة كبيرة وخاصة لأننا فى مجتمع يجهل بهذه الأعراض.
فأزمة منتصف العمر تأتى للرجال وللسيدات على حد سواء، ولمن لم يأخذ حقه كاملا في مرحلة المراهقة، أو المرأة التي تزوجت في سن مبكر وتركت تعليمها وتركت عملها وجعلت نفسها لا شيء وأحاطت حياتها بأشخاص، ولا تعلم أن الأشخاص ليست أبدا محور للحياة وبناء السعادة إنما الأهداف هي التي تحقق ذلك.
الزواج المبكر
وأضافت "ممدوح" أن الزواج في سن مبكر سواء للفتيات أو للرجال من أهم أسباب الندم بعد الزواج بفترات كبيرة فقد يشعر الانسان أنه لم يعش حياته مثل باقي جيرانه أو أصدقائه أو أنه بدأ يقارن نفسه بما وصل إليه في حياته وينظر إلى الأخرين وما وصلوا إليه هم أو أنه لم يكمل تعليمه بالشكل الذي يرضيه , أو لكثرة المسئوليات عليه .
وأوضحت أن الحديث عن الزواج منذ الصغر هو أمر مدمر للطموح، مثل ترديد عبارات أمام الأطفال عن إن أهم ما في الحياة هو الزواج وليس التحدث عن التعليم، وهذا موجود بشكل كبير جدا في المجتمعات العربية ويعتبر عامل خفي وراء الطلاق بعد فترة كبيرة من الزواج.
وأضافت أن الشعور بالندم بعد زواج استمر 15 أو 20 سنة يعد سبب قهري أو تغيير جذري، لأن كلا الزوجين يكون قد اعتاد الآخر ووجد مساحة اتفاق مشتركة معه قدر المستطاع وتكونت لديه القدرة على الاحتواء والتفاهم وفهم شريك حياته ومن ثَم لا يستطيع أحدهما أن يتحمل العيش بعيدًا عن الآخر.
الشعور بالندم
ولتفادي شعور أحد الزوجين بالندم بعد مرور سنوات طالت أو قصرت من الزواج لابد أن نقرأ التالي :
أن كل شخص تربى في بيئة تختلف عن الأخر تماما وله طباعه المختلفة، ولهذا على الزوجين تعلم كيفية التعايش مع بعضهما البعض على الاختلاف قبل الاتفاق،أي نختلف ولكن نتوافق.
كما أن المرونة والاستقلالية والقدرة على اتخاذ القرار السليم في الوقت المناسب يقضي على أي خلاف لأن هذا النمط قادر على احتواء الطرف الآخر أيًا كانت طباعه.
فالزوج العصبي لا تتحمله إلا زوجة هادئة في بعض الأوقات، والزوجة التي تنظر إلى الحياة نظرة متشائمة لا يكمل معها الرحلة إلا زوج متفائل والزوج البخيل أو الحريص تتكامل معه زوجة كريمة لسد العيب الموجود في الشخصية.
وشددت "ممدوح" على أهمية سن القوانين التي تمنع الزواج مبكرا ونشر الوعي المجتمعي خاصة في القرى والأرياف .