الإسلام جاء ليحد من تعدد الزوجات بالطريقة التي كانت سائدة في هذا العصر عند العرب والفرس والروم، وأن الإسلام لم يوجب على المسلم الزواج من أربع نساء، وحدد الإسلام العدل بين الزوجات شرط في الزواج من أكثر من واحدة.
قال الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، إن تعدد الزوجات ينبغي أن يكون له مبرر قوي معتبر مع مراعاة العدل بين الزوجات.
وأضاف«علام» خلال لقاء سابق له مع الإعلامي حمدي رزق، ببرنامج «نظرة»، المذاع على قناة «صدى البلد»، أن الأصل عدم التعدد، إلا أن التعدد جاء لعلاج مشكلة اجتماعية، ولذلك ينبغي أن يكون التعدد تحت وطأة مبرر قوى معتبر، وأن يتوافر العدل مع باقي الزوجات.
وتابع الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية في رده على بعض أسئلة المتابعين للبرنامج ومنها: حكم مبادرات الزواج المؤقت التي روج لها البعض مؤخرًا بدعوى حل مشاكل الزواج، قائلاً: إن ما يقوم به بعض الناس من إطلاق أسماء جديدة على عقد الزواج واشتراطهم فيه التأقيت بزمن معين ونحو ذلك؛ يؤدي إلى بطلان صحة هذا العقد.
ولفت مفتي الجمهورية، إلى أن الزواج الشرعي هو ما يكون القصد منه الدوام والاستمرار وعدم التأقيت بزمن معين، وإلَّا كان زواجًا مُحرَّمًا، ولا يترتب عليه آثار الزواج الشرعية ومن ثم، فلا تسهم هذه المبادرات في حل المشكلات، بل تساهم في زيادة التباعد والتفكك الأسري.
وعن ادِّعاء البعض عدم إنصاف الفقهاء للمرأة بالمخالفة لأوامر القرآن والسنة بإنصافها، أفاد بأن الفقهاء والعلماء المعتبرين أنصفوا المرأة امتثالًا وخضوعًا لأوامر الشرع الشريف، فها هم الفقهاء والعلماء يعتمدون على المرأة في العلم والفقه والحديث ويستفيدون من علمها وفقهها كالعالمات من الصحابة والتابعين.
وأوضح المفتي أن المتتبع للنموذج النبوي يراه نموذجًا منفتحًا في تقرير حقوق المرأة؛ فقد كانت النساء في عهده صلى الله عليه وآله وسلم يقمن بتكاليف اجتماعية كثيرة، فضلًا عن مشورتهن فلم ينتقص من قدرهن، ولعل خير دليل أخذه صلى الله عليه وسلم بمشورة السيدة أم سلمة -رضي الله عنها- في البدء بالحلق أثناء صلح الحديبية، فكل ذلك كان تطبيقًا عمليًّا وفعليًّا منه صلى الله عليه وآله وسلم لتأكيده على حق المرأة في ممارسة حقوقها المشروعة.
ونوه بأن الزوجة المصرية في أغلب الحالات داعمة لزوجها وأسرتها في كل شئون الحياة، ومحافظة على كيان الأسرة، وهو أمر تتميَّز به المرأة المصرية والعربية.
شروط تعدد الزوجات
1- من شروط تعدد الزوجات ألّا يتزوّج الرجل بأكثر من أربع نساءٍ في وقتٍ واحدٍ.
2- ومن شروط تعدد الزوجات أن يكون الزوج قادراً على الإنفاق على جميع زوجاته، فلا يجوز في الشريعة الإسلامية للرجل أن يُقدِم على الزواج إلا إذا كانت لديه القدرة المادّيّة التي تمكّنه من الإنفاق على زوجته وإتمام تكاليف الزواج، مع استمرار الزوج بأداء النفقة الواجبة لزوجته طيلة فترة الزواج، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «يا معشَرَ الشَّبابِ، مَنِ استطاع منكم البَاءَةَ فلْيتزوَّجْ».
3- ومن شروط تعدد الزوجات أن يكون الزوج قادراً على العدل بين زوجاته؛ ويكون العدل بالتسوية بينهم بالإنفاق والمبيت وحسن المعاشرة؛ فإن لم يستطع الرجل العدل؛ اقتصر على زوجةٍ واحدة، لقول الله -تعالى-: «فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلَّا تَعُولُوا»، وليس مقصوداً بالعدل التسوية بالعاطفة والمحبّة والميل القلبي؛ فهذه أمور فطرية قلبية لا يستطيع أيّ شخص التحكّم بها؛ والله -تعالى- لا يكلّف عباده بما لا يطيقونه ولا يقدرون عليه.
لكن مع ذلك حذّر الإسلام من الميل الشديد إلى إحدى الزوجات والذي ربّما يصل إلى درجة الإهمال بالزوجة الأخرى فيتركها كالمعلّقة؛ فلا هي زوجة تتمتّع بحقوقها الزوجية، ولا هي مطلّقة؛ قال الله -تعالى-: «وَلَن تَسْتَطِيعُوا أَن تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ ۖ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ ۚ وَإِن تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا».
4- من شروط تعدد الزوجات أن يمتلك الزوج القدرة البدنية التي تمكّنه من الجماع وإعفاف زوجاته.
5- من شروط تعدد الزوجات أن يكون الزوج قادراً على حماية نفسه من الانشغال والافتتان بالزّوجات عن أمور الدين، مما يجعله مقصّراً بعيداً عن حقوق الله -تعالى-.
6- من شروط تعدد الزوجات أن لا تكون الزوجات قريبات جداً: منع الإسلام الرجل من أن يجمع بين المرأة وعمتها، والمرأة وخالتها، وذلك لما قد يسبب ذلك من قطع لصلة الرحم، والعداوة بين الأقارب، واستجابةً لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يُجمعُ بين المرأة وعمَّتها، ولا بين المرأة وخالتها».
7- من شروط تعدد الزوجات أن يكون الزوج قادراً على حماية نفسه من الانشغال والافتتان بالزّوجات عن أمور الدين، مما يجعله مقصّراً بعيداً عن حقوق الله -تعالى-.