في حب «بيبو» أسطورة الكرة والرياضة المصرية

في حب «بيبو» أسطورة الكرة والرياضة المصريةإيهاب الملاح

الرأى27-11-2021 | 12:47

نعم. أحب محمود الخطيب.. وسعادتي كبيرة جدًّا بفوزه لدورة قادمة رئيسًا للنادي الأهلي.

لا أزال أحمل ذكريات أحبها عن الخطيب "بيبو"، وكرة القدم وأبناء الثمانينيات الذين تفتحت عيونهم على تألق ونجومية الخطيب التي لا تنسى:

تتعالى صيحات مشجعي الدرجة الثالثة (جمهور الكرة الأصيل الرائع) يرجون الملعب رجا، لحن جماعي يعزفه الجماهير في الاستاد والمنازل والشوارع، وفي كل مكان، تتعلق القلوب والأعين بذلك الذي يحمل القميص رقم 10 يستعد للنزول إلى أرض الملعب، أجيال بكاملها أحبت هذا الرقم وعشقته، وتحول إلى أيقونة للسعادة والمهارة والحب أيضًا.

مَن منا لم يحب الخطيب؟! مَن منا لم يردد كلمة "الله" مع كل لمسة سحرية ومهارة مدهشة تفنن فيها وأداها بإتقان محسوب لا يتكرر. مَن مِن أبناء جيلي لم يتسمر أمام شاشة التليفزيون بالساعات ذات يوم من العام 1987 ليتابع ماتش اعتزال "بيبو"، ويبكي بكاء حارا على الموهوب الذي يودع الملاعب. كان موهوبا، وكان محبوبا، وكان اسمه محمود الخطيب.

طوال السنوات الأولى من الثمانينيات، التي تفتحت فيها أعيننا على الفريق الذهبي للنادي الأهلي بنجومه الكبار، كنا نتابع "اللعيبة"، ونحبهم ونشجعهم بحماسة صادقة ووافرة... شطة، مصطفى عبده، مختار مختار، طاهر أبو زيد، مصطفى يونس، إكرامي، ثابت البطل، صفوت عبد الحليم، حمدي أبو راضي، علاء ميهوب، ربيع ياسين، ودرة التاج "بيبو" محمود الخطيب.

ذلك الجيل العظيم، الذي بسببه أحببنا الكرة ولعبناها واستمتعنا بكل مباراة حلوة أدوها وطرنا من الفرح مع كل بطولة يحرزونها، كنت صبيحة يوم أي فوز للأهلي أو المنتخب أستيقظ مبكرا جدا وأقطع مسافة طويلة سيرا على الأقدام لأقف مع الواقفين لدى بائع الجرائد انتظارا لطبعات الأهرام والأخبار والجمهورية، وقبل أن أصل إلى البيت أتوقف بجانب أي رصيف قريب وألتهم السطور وأقرأ تغطيات الماتش وتحليلات المباراة وأشاهد الصور.
وبعد أن يقرأها والدي، أقوم بقصقصة الصور الملونة أو البوسترات أحيانا كي ألصقها على باب الغرفة أو جدران الحجرة، يا على الأيام! كانت حلوة ولحظاتها السعيدة

طعمها في حلقي لا ينسى.
لم أفوت مباراة للخطيب لم أشاهدها، هدفا أحرزه ولا أعرف في مباراة وفي مرمى أي فرق، بطولة حققها مع زملائه في الأهلي أو المنتخب، في الدوري والكأس، دوري أبطال إفريقيا، وأبطال الكؤوس، بطولة أمم إفريقيا.. كانت ثقافتي كروية بامتياز لا ينازعها في ذلك الوقت إلا "روايات مصرية للجيب" و"ميكي" و"سمير"!
كنت أحب الخطيب من قلبي، أحبه وهو يلعب، أحبه وهو يتحدث في أي حوار صحفي أو تليفزيوني، كنت أراه دائما طيبًا وادعًا متواضعًا متصالحًا مع نفسه، ومع الجميع، حفظت كل الأغاني التي ألفت له أو عنه وكل الشعارات والهتافات التي تفنن جماهير الكرة في تأليفها له خصيصًا، كنت أبكي كي أضغط على أبي ليشتري لي "فانلة كورة" من الصالون الأخضر تحمل الرقم 10 (أقصى ما كنت أحلم به حينها والله!).

وإلى الآن، لم يقل شغفي أو يفتر حماسي لمتابعة أي شيء يخص "بيبو"، لو مررتُ بالصدفة أمام التليفزيون وكان يعرض هدفًا له توقفت، لو خبر عارض جاء عنه استمعت، لو شيَّر أحدهم فيديو بأهدافه ومسيرته التي أحفظها عن ظهر قلب، شيرته أنا أيضا بسعادة كبيرة وفرح عظيم كما لو كنت الطفل الذي كان في العاشرة من عمره!

أستعيد بعضًا من الأهداف الأسطورية التي أحرزها فيتجدد عشقي وتتجدد متعتي بالساحرة المستديرة، هل تذكرون هدف الخطيب في مرمى كوتوكو الرهيب هناك في قلب أكرا حيث القرود المذبوحة والخنازير المدفونة أسفل خط المرمى؟ أم هدفه في مرمى منتخب تونس الشقيق عندما سحب الكرة بكعب قدمه اليسرى وهو يجري يطارده المدافع التونسي فلا يستطيع منعه أو إيقافه و"يركنها" بيمينه على يسار الحارس مسجلًا هدفًا من أجمل أهداف اللعبة في تاريخها.

إذا حاولتُ عدّ الأهداف الجميلة، الممتعة، الخالدة، التي أحرزها الخطيب "مش هنخلص!". كبرنا وأخذتنا الدنيا، ولم أعد الطفل الذي كنته أيام الخطيب، قلتُ في نفسي خلاص انتهى زمن الخطيب، وراحت أيامه ولن يأتي غيره أبدا.. لكن الخطيب أسطورة حية متوهجة ومتجددة.. حضور عارم وقيمة مجسدة للجماهيرية الحقيقية الممتدة المتواصلة عبر الأجيال، وإخلاص لا مثيل للأهلي الذي نحبه وننتمي إليه ونشجعه دائما على "الحلوة والمرة معاه".

ولهذا فسعادتي برئاسة الكابتن بيبو للأهلي كبيرة وخالصة وحقيقية.

أضف تعليق