لقد خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان فى أحسن تقويم وهداه الى الطريق القويم ومنحه سبحانه عقلاً كرمه به على جميع المخلوقين ، فالعقل هو وعاء الفكر ، والإستثمار فى تنمية العقول هو الإستثمار الرابح فالعقل البشرى إذا تُرك ليتلقى كل ما هو متاح من أراء وافكار بدون توعية وتوجيه ، سيكون وبالاً على المجتمع ، حيث أن غياب الوعى يؤدى الى ضياع تلك العقول فتكون مصدر إزعاج بدلاً من أن تكون مصدر نهضة وبناء ، فصحة العقول وحمايتها من أى فكر مشبوه أو فهم مغلوط يحتاج الى بناء وتنمية ،وصناعة الوعى علم كباقى العلوم وتنميته أصبحت ضرورة و من الأهمية بمكان ، فالعقل هو ملك الإدراك والتمييز بين الأمور، و لا ينمو العقل إلا بثلاث إدامة التفكير، ومطالعة كتب المفكرين، واليقظة لتجارب الحياة وتجارب الآخرين ويعتمد نجاح أى قرار على صحة المعلومات المتوفرة وسلامة العقل الذى يتخذ القرار ، حيث أن العقل الذى يسعى لمعرفة الحقائق المؤكدة هو العقل السليم .
وقد تحدثت القيادة السياسية أكثر من مرة أن معركتنا الحقيقية هى معركة الوعى وأن الاستثمار فى القوى البشرية هو الثروة الحقيقية لهذا الوطن حيث من الأهمية تنميتها والحفاظ عليها ، ولابد من قيام المؤسسات المعنية و الإعلام سواء كان مرئياً أو مسموعاً أو مقروءاً بالدور الهام لتدريب وتثقيف العنصر البشرى على التمييز بين الأفكار والإدراك الواعى لما تتعرض له البلاد من شائعات ومؤامرات ودسائس يروجها أهل الباطل وتتأثر بها تلك العقول التى لا تعى أهمية الوعى والإدراك ولا تعلم خطورة المرحلة خاصة ما يتعلق بالأمن المجتمعى وقد أحسنت وزارة الأوقاف بأن جعلت خطبة الجمعة عن دور الأمن المجتمعى وتأثيره على سلامة وأمن الفرد والمجتمع .
ونحن كأبناء لهذا الوطن ندعوا الجميع لنشر الوعى فى المسجد والكنيسة والمدرسة والجامعة فى المصنع وفى النادى وفى كل مناحى حياتنا لأنه لو تمكن أعدائنا من اختراق عقول شبابنا وتشكيلها فقد حُسمت لهم المعركة ، ولكن إذا تكسرت وتحطمت أحلامهم وسوء أفكارهم وباطل شبهاتهم على صخرة عقولنا الواعية فقد فشلوا كما فشل أسلافهم ، حيث أن تماسك أبناء مصر و اصطفافهم خلف القيادة والتفافهم حول الوطن هذا التماسك والالتفاف والاصطفاف هو الصخرة القوية التى تسقط وتتحطم عليها أحلام ومطامع الكارهين .
أصبح حتمياً و ضرورياً ان نجعل سلاح الوعى مصطفاً جنباً الى جنب مع حماة هذا الوطن قواتنا المسلحة العظيمة التى تحمى الحدود وتحافظ على سلامة وأمن الوطن ، فإذا كانت القوات المسلحة تحمى الجبهة الخارجية فعقول أبناء الوطن و يقظتهم تحمى الجبهة الداخلية بالوعى والفكر المستنير.
ولابد من تكاتف جهود كافة المؤسسات التربوية والتعليمية الرسمية والمجتمعية و أن تعمل على نشر الوعى المجتمعى بين أبناء الوطن فى كل شبر من أرض مصر الطاهرة .
ومن الوعى أيضاً الفخر بما تقوم به مصر وقادتها من تنمية حقيقية يراها ويشاهدها القاصى والدانى ومنها إعادة كتابة التاريخ حيث أبهرت مصر العالم بأسره للمرة الثانية خلال العام الحالى وفى سهرة مصرية انتظرها العالم شرقه وغربه ليرى عظمة شعب مصر عبر تاريخه العظيم ففى أبريل الماضى كان موكب الملكات الذى كان حديث العالم وها هى مصر العظيمة تُعيد توجيه أنظار العالم الى مدينة التاريخ الأقصر ( طيبة ) فى إحتفالية افتتاح طريق الكباش بحفل أسطورى عالمى وسط متابعة عالمية وهذه رسالة الى العالم كله تعكس عظمة حضارة مصر و قدرة قيادتها على إعادتها بلداً للأمن والأمان ، وقد تابع المصريون والعالم احتفالية استدعاء التاريخ وقد اصطف الشعب أمام الشاشات ليشاهد إعادة كتابة صفحة من صفحات تاريخنا العظيم .
إن معركة الوعى التى قررت القيادة خوضها لن تكن ابداً معركة القيادة السياسية وحدها بل إنها معركتنا جميعاً ، إن التحدى فى هذه المعركة هو بناء الإنسان الواعى المستنير القادر على إعادة الشخصية المصرية .
إن البناء التنموى والعمرانى الذى تشهده مصر ويشهد به العالم لابد له من بناء للإنسان المصرى وتنمية الوعى لديه وتقوية عوامل الإنتماء للوطن ، ولابد من تحرك فاعل وقوى بأهداف محددة المعالم ليتماشى السلوك والوعى العام بما يليق بمصرنا الغالية ومكانتها الرائدة بين الأمم والشعوب ، وبما تقدمه القيادة من إنجازات تتحدث عن نفسها على أرض الواقع ..
حفظ الله مصر