سعت الحكومات عبر العالم نحو فرض عدد من الإجراءات الفعالة لمواجهة فيروس كورونا، تنوعت بين إجراءات اجتماعية وأخرى إدارية تخفف الأعباء عن العاملين بالمؤسسات العامة والخاصة، وثالثة صحية، تقلل من التواصل المباشر وتفرض التباعد الاجتماعي.
ولقد قام المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، بتدشين سلسلة من التقارير والدراسات حول فيروس كورونا المستجد، وما جرى تطبيقه من إجراءات احترازية، وتأتي تلك الدراسة تحت عنوان "التدابير الاحترازية في مواجهة فيروس كورونا المستجد، تقييم تجربة العمل عن بعد"،
كواحدة من الدراسات الحديثة والمهمة.
وأفادت الدراسة أن "العمل عن بعد" جاء كتدبير احترازي يستهدف في المقام الأول التباعد الاجتماعي، وبقراءة التجارب الأولية لبعض الدول أُثبتت الحاجة إلي العمل عن بعد كأسلوب أدى إلى الاستغناء إلى حد ما عن أسلوب البيروقراطية الورقية.
وبصفة عامة يمكن القول إن العمل عن بعد يسمح بجذب الكفاءات والخبرات، ويساعد أيضا على رفع المشاركة في سوق العمل لفئات بعينها، مثل الشباب، والمرأة، وكبار السن، وذوي الإعاقة، إضافة إلى أنه يشجع رجال الأعمال في بداية نشاطهم على توفير جزء من رأس المال المخصص للتكلفة اللوجستية.
وقامت الدراسة بتعريف العمل عن بعد، بأنه تأدية المهام الوظيفية التي يتقاضى الموظف عنه أجرا، دون التقيد بالمعايير البيروقراطية التقليدية؛ وذلك باستخدام التقنيات التكنولوجية، ووسائل الاتصال الحديثة.
وأسفرت نتائج الدراسة عن عدد من المعوقات التي تقف عقبة أمام أسلوب العمل عن بعد تمثلت في، عدم وعي المجتمع بقيمة العمل عن بعد، وأسلوب الإدارة وبنيتها، وعدم وجود موارد كافية، عدم تقديم دورات تدريبية، عدم وجود الكفاءات المهنية وأصحاب المهارة، وعدم توافر بنية تكنولوجية وافية.
وأظهرت نتائج البحث أن أكثر من نصف حجم العينة بدأ تجربة العمل عن بعد مع بداية أزمة فيروس كورونا، مستمرا في ذلك حتى وقت إجراء هذه الدراسة، كما أيد أفراد العينة فوائد العمل عن بعد بدرجة تزيد عن تأييدهم لمساوئ هذا النظام، سواء بالنسبة للموظف أو لجهة العمل؛ ولذا يظهر بشكل واضح تحيز العينة نحو العمل عن بعد والفوائد العائدة منه.
وافق أكثر من ٧٥٪ من عينة الدراسة على أسلوب العمل عن بعد كبديل للعمل التقليدي، بهدف مواصلة العمل في حالة حدوث أزمة أو طوارئ.
أيد أكثر من ٦٠٪ من أفراد العينة فائدة العمل عن بعد في تقليل استهلاك الطاقة والموارد، والحد من مشكلات التغيب عن العمل والتأخير.
أشار ما يقارب من نصف العينة إلى أن العمل عن بعد يضعف من فكرة العمل الجماعي، ويحد من القدرة على ضبط ساعات العمل، ويجعل اندماج الموظفين الجدد أكثر صعوبة.
أما بالنسبة للفوائد والمساوئ الناتجة عن العمل عن بعد بالنسبة للموظف، فقد أشار أكثر من ٨٠٪ إلى أن العمل عن بعد يساهم في تخفيض النفقات وتوفير الوقت، وأيد أكثر من ٧٥٪ العمل عن بعد في حالة المرض أو الإعاقة.
وفي المقابل أشار ما يقارب من نصف حجم العينة إلى احتمالية أن يؤدي العمل عن بعد إلى شعور الموظف بالعزلة الاجتماعية، أو إلى تضارب بين الدور الوظيفي والأسري للموظف.
أفادت الدراسة تأييد العينة لنجاح تجربة العمل عن بعد، لكن مع ضرورة اتخاذ العديد من الإجراءات لتلافي المخاطر المحتملة.
ومن المؤشرات الدالة على نجاح تجربة العمل عن بعد، رؤية غالبية العينة لعدم وجود أثر سلبي للعمل عن بعد في حياة المرأة، حيث أشار ٦٠٪ إلى عدم وجود تأثير سلبي للعمل عن بعد في حياة المرأة، وتوزعت هذه النسبة إلى ٥٤,١٪ بالنسبة للذكور و٣, ٦٤٪ بالنسبة للإناث.