«إطلالة فى كتاب»: مصر.. فى عام ميلاد محفوظ

«إطلالة فى كتاب»: مصر.. فى عام ميلاد محفوظ«إطلالة فى كتاب»: مصر.. فى عام ميلاد محفوظ

ناس تانية29-11-2017 | 14:59

كتبت: أمل إبراهيم

.. ملامح ومشاهد وصور ووثائق عن مصر، كيف كانت فى العام الذى استقبلت فيه ميلاد كاتبنا الأشهر - فيما بعد - نجيب محفوظ، تفاصيل يرسمها، المبدع المؤرخ، أو المؤرخ المبدع أحمد كمالى، يترجم بها إيمانه الراسخ بأن الإنسان نتاج البيئة التى جاء منها وعاش فيها .

هذا التاريخ 1911 م ، لم يكن – فى عمر الوطن – بعيدا عن تاريخ سابق هو 1881 عام احتلال الإمبراطورية البريطانية لمصر.

مصر 1911 وطن يكابد الإحتلال، وتعيش فى ذاكرته هزيمة عرابى فى التل الكبير ، يعتلى كرسى العرش عباس حلمى الثانى الذى ورث الحكم عن أبيه الخديوى توفيق وولى عهده البرنس محمد عبد المنعم الأبن الثانى لعباس حلمى وأبرز الوجوه السياسية آنذاك المعتمد البريطانى والزعيم الوطنى محمد فريد الذى يقود الحركة الوطنية ضد الإحتلال البريطانى وكانت اللقطة الأبرز فى مصر على المسرح السياسى عام 1911 عام ميلاد نجيب محفوظ هى الحكم بسجن الزعيم محمد فريد بينما كان يتصدى للدفاع عن حق الأمة فى الإستقلال والحرية.

وفى منتصف نفس العام تولى اللورد كتشنر منصب المعتمد البريطانى بعد وفاة السير الدون جورست وجاء كتشنر على ظهر بارجة حربية بريطانية فى اشارة لأحكام السيطرة على مصر.

الحكومة وقتها كانت تتكون من ست حقائب وزارية ويراسها محمد سعيد باشا رئيس وزراء مصر وكان يحمل حقيبة الحقانية سعد زغلول باشا.

فى هذا الوقت كانت الصحافة المصرية تخضع لقانون جائر اسمه قانون المطبوعات صدر عام 1881 لتأديب الصحف الوطنية وكان التراشق الإعلامى والاختلاف والتباين سمة الصحف فى ذلك الوقت.

وكانت الكتب خانة الخديوية هى حبة اللؤلؤ فى عنق الثقافة المصرية آنذاك حتى أن منصب مدير الكتب خانة كان محلا للصراع بين الإنجليز والألمان الذين طالبوا أن يستأثر الألمان بادارة الكتب خانة الخديوية فى عام 1904.

وفى عام 1911 خلا المنصب واراد الإنجليز الاستئثار به والصحافة المصرية وعلى رأسها الأهرام تدق الجرس أنه قد حان الوقت أن يشغل المنصب مصريا وفى النهاية أصدرت الحكومة المصرية قراراً بتشكيل مجلس أعلى للكتب خانة من مصريين وإنجليز واسند منصب مدير المكتبة للمستشرق الألمانى " شاد ".

وكان الحدث الأهم هو تعيين الشاعر حافظ إبراهيم رئيسا للقسم الأدبى فى المكتبة .

الحياة الفنية فى مصر كانت تخضع لرقابة رجال البوليس فى المسرح والسينما والسيرك والملاهى وكانت دور السينما تسبق المسرح فى الخضوع للرقابة .

أما أهم ثمرات المطابع هذا العام فكانت كتاب " الكافى " وهو يتناول تاريخ مصر بدءاً من العصر الفرعونى ويقع فى أربعة مجلدات ضخمة وسعرها 90 قرشا وفى نفس العام قررت وزارة المعارف تدريس كتاب كليلة ودمنة على طلبة المدارس وكان المصريون فى ذلك الوقت محرومون من حق التعليم المجانى والصحافة تهاجم سياسة الحكومة وتثير قضية التعليم المجانى واعتمد المصريون على المدارس الأهلية لتعليم أبناءهم وأنشأوا الكتاتيب بأعداد هائلة وساهم الحزب الوطنى بفكرة المدارس الليلية التى اعتمدت على جهود أهل الخير لتمويل الإنفاق عليها وكان تنظيم الحفلات الخيرية إحدى الوسائل لجمع التبرعات للإنفاق على مدارس الشعب .

كانت الجامعة فى ذلك الوقت فى عامها الثالث ولم يكن هناك سوى كلية الأداب أما باقى الكليات فكانت مدارس عليا مثل (مدرسة  المهندس خانة ، مدرسة الطب ، مدرسة الحقوق ، مدرسة التجارة ) وكانت أجمل لقطة فى هذا العام هى إرسال بعثة تعليمية للأطفال لتلقى العلوم الحديثة فى أوروبا.

مصر عام ميلاد محفوظ من دفتر أحوال البوليس المصرى.

الصحيفة الجنائية للوطن تسجل عدد 762 جناية قتل ، 348جريمة سرقة ، 38 جريمة شروع فى سرقة ، 680 حريق عمد ، 136 جريمة تزوير ، 14 جريمة رشوة ، 77 تسميم مواشى.

فى هذا العام كان رجل الأمن مغلول اليد مقيد بالحصانة القضائية للأجانب ولو جاءت الجريمة بين مصرى وأجنبى يحال المصرى للقضاء الوطنى والأجنبى إلى قنصلية بلاده.

القاهرة ملامح ومشاهدات عام ميلاد نجيب محفوظ

حسب أخر احصاء سكانى كان يبلغ تعدادها حوالى 650 ألف شخص تقريبا مسكونة دائما بالحركة والحياة.

يتقاسم الحياة فيها المصريون والمحتلون والأجانب المقيمون وينقسم المصريون إلى باشوات وبكوات والأعيان ويشكلون طبقة الهاى كلاس  والطبقة الوسطى من المتعلمين والموظفين والتجار والسواد الأعظم هم البسطاء وعموم المصريين.

فى الشوراع والحوارى والأزقة كان صديق النهر حاضرا فى المشهد" السقا " حامل قربة الماء لتوزيعها على البيوت رغم وجود الحنفيات العمومية يدق الأبواب ثم يدخل مستأذنا بكلمة الأمان "ياستار" ثم يفرغ الماء العذب من قربته وأحيانا كان الماء معطرا بماء الزهر.

من ملامح القاهرة وأجملها كانت الكبارى الممتدة على النيل وأهمها كوبرى قصر النيل والترام الذى يشق شوارعها كوسيلة اتصال وتواصل بالمجتمعات العمرانية الجديدة التى قامت على أطراف القاهرة ولكن لم يغنى ذلك عن الحمير والخيول وعربات الكارو والحنطور الذى يعتبر وسيلة مواصلات خاصة فى الطبقة الوسطى .

القاهرة فى ذلك الوقت كانت مجتمع شرقى تحكم العائلات مجموعة من العادات والتقاليد للأب سلطة مطلقة ولا تتزوج البنت الصغرى قبل الكبرى والوظيفة الميرى تعنى الاستقرار والوجاهة .

القاهرة كانت وقتها مدينة العلماء والجهلاء وبصفوة والدهماء الفتوات والشعراء، مدينة غيمت الكوليرا على سماءها فحصدت الكثير من الأرواح.

فى ذلك العام يمكننا أن نصف الفلاح المصرى برهين المحبسين وهما فيضان النيل ودودة القطن ولأن محصول القطن وقتها كان عصب الاقتصاد فقد سخرت الحكومة كل جهودها للقضاء على دودة القطن واللقطة الأبرز هنا أن الفلاح البسيط تتحالف ضده قوى الجهل والمرض والفقر .

وفى مشهد من مشاهد ضياع الأوطان قرر الشعب المصرى مد يد العون لشعب شقيق فى محنة عندما غزا الإيطاليون مدينة طرابلس الليبية مما كان له رد فعل قوى ومؤثر لدى الأمة المصرية تمثلت فى جمع التبرعات لجمعية الهلال الأحمر على خلفية الغزو الإيطالى لطرابلس.

بيانات الكتاب:

- الكتاب: "مصر عام ميلاد نجيب محفوظ".

- المؤلف: أحمد كمالى.

- الغلاف: لوحة للفنان " حلمى التونى ".

- يتضمن الكتاب صور من وثائق ومناظر عام 1911 .

* عدد من جريدة الاهرام.

* غلاف مجلة الزهور .

* صورة الكتب خانة الخديوية فى باب الخلق.

* لائحة التياترات وقرار الداخلية لتشغيل أى تياترو.

* كتاب مدرسى التحلية والترغيب فى التربية والتهذيب.

* صورة الترام أمام محطة السكة الحديد.

* ظرف بريدى بختم الحكومة الخديوية.

أضف تعليق

تدمير المجتمعات من الداخل

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2