ما الفرق بين الروح والنفس..؟ الشيخ جاد الحق يجيب

ما الفرق بين الروح والنفس..؟ الشيخ جاد الحق يجيبالشيخ جاد الحق

الدين والحياة8-12-2021 | 14:21

إن الحديث عن النفس و الروح هو أحد الموضوعات التي شغلت تفكير كثير من المفكرين الإسلاميين والدعاة والعلماء، ورغم كل تلك التساؤلات لم يصل أيا من هؤلاء المفكرين حتى الآن إلى قول قاطع في الفرق بين كل من النفس والروح. فكل منهم له رأي يدعمه ببعض من الادلة العقلية، لكن تلك الآراء لم تصل الى نقطة التقاء بعد، ولعل طرحنا لهذا الموضوع الفرق بين الروح و النفس يجعلنا نتفهم تلك الآراء ونستخلص منها ما نراه مناسبًا لنا.

أجاب عن هذا السؤال فضيلة الشيخ جاد الحق علي جاد الحق"رحمه الله " :

إن كلمتي الروح و النفس ترددتا في آيات كثيرة في القرآن الكريم وكثر ورود الكلمة الأخيرة مفردة ومجموعة قرابة الثلاثمائة مرة أو تزيد، وقد اختلف العلماء في الروح والنفس، هل هما شيء واحد؟ أو هما شيئان متغايران؟

فقال فريق: إنهما يطلقان على شيء واحد، وقد صح في الأخبار إطلاق كل منها على الأخرى، من هذا ما أخرجه البزار بسند صحيح عن أبي هريرة: "إن المؤمن ينزل به الموت ويعاين ما يعاين يود لو خرجت نفسه، والله تعالى يحب لقاءه، وإن المؤمن تصعد روحه إلى السماء فتأتيه أرواح المؤمنين فيستخبرونه عن معارفه من أهل الدنيا".

فهذا الحديث يؤيد إطلاق الروح على النفس و النفس على الروح، وقال الفريق الآخر إنهما شيئان، ف الروح ما به الحياة، و النفس هذا الجسد مع الروح، فللنفس يدان وعينان ورجلان ورأس يديرها وهي تلتذ وتفرح وتتألم وتحزن، ف الروح جسم نوراني علوي حي يسري في الجسد المحسوس بإذن الله وأمره سريان الماء في الورد لا يقبل التحلل ولا التبدل ولا التمزق ولا التفرق يعطي للجسم المحسوس الحياة وتوابعها، ويترقى الإنسان باعتباره نفسا بالنواميس التي سنها الله وأمر بها، فهو حين يولد يكون كباقي جنسه الحيواني لا يعرف إلا الأكل والشرب، ثم تظهر له باقي الصفات النفسية من الشهوة والغضب والمرض والحسد والحلم والشجاعة، فإذا غلبت عليه إنابته إلى الله وإخلاصه في العبادة تغلبت روحه على نفسه فأحب الله وامتثل أوامره وابتعد عما نهى عنه، وإذا تغلبت نفسه على روحه كانت شقوته.

وقد جاءت الروح في القرآن الكريم وفي السنة بمعان، فهي تارة الوحي كما في قوله تعالى: {يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} .

ويسمى القرآن روحا باعتباره أحيا الناس من الكفر الشبيه بالموت.

وأطلق الروح على جبريل : {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ} وقوله : {وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ}.

وفي الحديث الشريف: ((تحابوا بذكر الله وروحه))، قيل: المراد ب الروح هنا: أمر النبوة أو القرآن وهو المعنى عند أكثر العلماء في قوله تعالى : {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا} ولكن الروح المسؤول عنها: هي ما سأل عنها اليهود رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأجابهم الله في القرآن بقوله سبحانه : {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} فهذه الروح التي يحيا بها الإنسان قد استأثر الله في علمه بكنهها وحقيقتها، لم يخبر بذلك أحدا من خلقه ولم يعط علمه العباد، وهي التي نفخها في آدم وفي بنيه من بعده وهي من خلق الله سر أودعه في المخلوقات.

وكلمة النفس تجري على لسان العرب في معان، فيقولون: خرجت نفسه أي روحه، وفي نفس فلان أن يفعل كذا أي في روعه وفكره، كما يقولون: قتل فلان نفسه أو أهلك نفسه أي أوقع الإهلاك بذاته كلها وحقيقته، فمعنى النفس في هذا جملة الإنسان وحقيقته كما في قوله تعالى : {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ}.

وتطلق كلمة النفس على الدم، فيقال: سالت نفسه؛ ذلك لأن النفس تخرج بخروجه، وقد أطلق القرآن هذه الكلمة على الله في قوله: {… تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ}.

والمعنى -والله أعلم- تعلم ما عندي ولا أعلم ما عندك، أو كما قال ابن الأنباري: إن النفس في هذه الآية: الغيب، ويؤكد ما انتهت به الآية: ﴿إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ﴾ أي تعلم ما أعلم ولا أعلم ما تعلم، فلفظ الروح و النفس من الألفاظ التي تؤدي أكثر من معنى يحددها السباق والسياق واللحاق، وهما في الواقع متغايرتان في الدلالة حسبما تقدم، وإن حلت إحداهما محل الأخرى في كثير من الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة، ولكن على سبيل المجاز لا الحقيقة.

أضف تعليق

تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2