منذ أيام اختيرت القاهرة عاصمةً للثقافة الإسلامية من قبل «منظمة الإيسسكو»؛ تقديرًا لدور مصر الرائد فى العالم الإسلامي، تنويريا، وتعليميا من خلال ما تملكه من مقومات عديدة؛ الأزهر الجامعة والمسجد، وما قدماه للعالم الإسلامى من بعثات وتعليم، أيضًا الثقافة المصرية التى تسهم إلى حد كبير بكتابها وأدبها وعلمها فى تنمية ووحدة الثقافة الإسلامية، حيث أثرت المكتبة العربية بآلاف من الإصدارات، التي تغطى جميع فروع المعرفة، والجامعات المصرية وما قدمته طوال تاريخها - ومازالت - من ثقافة ومعرفة لكل الدول الإسلامية.
وقد استضافت مصر فعاليتين، هما المؤتمر العام، والمجلس التنفيذى للإيسسكو. وحاليا يقوم أمينها العام، بزيارة إلى مصر لتعزيز التعاون فى كل المجالات «التربية والعلوم والثقافة»، وهو ما يتفق مع سياسة الدولة المصرية، التي شهدت عدة أمور مهمة منها المنتدى العالمى للتعليم العالى لتحديد رؤية وظائف المستقبل، والذى افتتحه رئيس الجمهورية، وقد قدم الرئيس درع الجمهورية الجديدة «تحيا مصر»، إلى الدكتور «سالم بن محمد المالك»، مدير عام الإيسسكو خلال فعاليات المنتدى، الذي تزامن مع الدورة الرابعة عشرة للمؤتمر العام للمنظمة والذى عقد فى مصر.
ومن جانبه، قدم وزير التعليم العالى د. خالد عبد الغفار، شرحًا تفصيليًا عن 4 جامعات جديدة ب مصر لها شراكات كبرى مع كبرى الجامعات الأجنبية.. وأشار الوزير إلى أن الجامعة اليابانية تسير وفق البرنامج التنفيذى، ويتم العمل الآن على 14 كلية فى نفس الوقت، وأن هناك 6 جامعات تكنولوجية جديدة فى شرق بورسعيد، وشرق أكتوبر، وبرج العرب، وطيبة، والأقصر وأسيوط، وهى تحاكى البرامج الخاصة بالصناعة والتنمية، وأشار إلى أنه فى العاصمة الإدارية الجديدة تم عقد توأمة مع الجامعات الأجنبية تمكنها من فتح فروع جديدة لها فى مصر، وهناك من 5 إلى 6 جامعات بدأت تعمل منذ عامين.
تحدث الوزير عن ارتباط الجامعات والمراكز البحثية بالمجتمع، وتقديم حلول لمشاكله، وبحوث جديدة تساهم فى تنمية الإنتاج، كذلك مساهمة كل من شركتي «سيسكو، وهواوى» فى تطوير البنية التحتية المعلوماتية فى كل الجامعات المصرية، بتكلفة وصلت إلى 7 مليارات جنيه. وأسهم هذا المشروع بشكل كبير فى استمرار العملية التعليمية وسط جائحة كورونا، وأيضًا ما قامت به شركة «هواوى»، فى تدريب الشباب، وتوفير فرص عمل لهم، كذلك تحدث وزير التعليم العالى عن إعداد الطلاب للمستقبل بالالتزام العلمى ونظرة متفائلة إلى المستقبل وإعداد المعامل وتبادل الخبرات مع نظرائهم ودعم رواد الأعمال منهم.
وأكدت مساعد المدير العام للمنظمة لشئون التعليم، الاهتمام بالتعليم والثقافة والعلوم لإظهار المواهب اللازمة لتحقيق التنمية المطلوبة، وأن العالم الآن يعانى من مشكلة كبيرة، وهى التوزيع المتساوى للمواهب، الأمر الذى يؤدى إلى أن تلك المشكلة نتج عنها عدم توافر الفرص لبعض الشرائح لاكتشاف هذه المواهب؛ ما يؤدى إلى إهدار الكثير منها، ويعطل فرص تحقيق مستويات عالية من التنمية.
الجامعة البريطانية نموذجا
سنحت لى فرصة عظيمة لزيارة أحد الصروح التعليمية المهمة فى مصر، ولأول مرة وهى الجامعة البريطانية فى مدينة الشروق، بدعوة من د. محمد شومان، عميد كلية الإعلام بالجامعة للتعاون وإلقاء محاضرة هناك.. وكانت فى الحقيقة الزيارة بالنسبة لى مفاجأة بكل المقاييس، ففى مدخل المدينة مبان راقية بُنيت على الطرز القديمة فى العمارة، وبها نموذج مصغر لقبة جامعة القاهرة.
مبانى الإدارة والكليات والمكتبة المركزية تحفة معمارية وتخطيط رائع، وينسب هذا الفضل للرائع رائد الصناعة والاستثمار فى مصر الراحل، محمد فريد خميس كنموذج يحتذى من رجال الأعمال المصريين، الذين قدموا لبلادهم، سواء فى الصناعة أو التعليم أو خدمة المجتمع نماذج تحترم وتقدر، ولن تنسى لأن لها صفة الاستدامة.
فى كلية الإعلام وجدت تنوعا غير عادى فى الأقسام التقليدية، ولكن بأطر ووسائل تعليمية على أعلى مستوى، استديوهات صوت للإذاعة أو التليفزيون أو السينما، قسم لأول مرة للسينما فى الجامعات المصرية خارج أكاديمية الفنون فكرة المبدع د. شومان.. التنسيق بين الطلبة والإدارة وهيئة التدريس يتم بروح جميلة، وتحضر لم تبخل الإدارة بشىء يمكن توفيره للعملية التعليمية إلا ووفرته.
وكان لنا لقاء مع الأستاذ الدكتور محمد لطفى، رئيس الجامعة الذى تولى منصبه حديثًا منذ شهرين تقريبًا، وسيتم إقامة حفل تنصيب رسمى السبت المقبل فى تقليد جميل واحتفال خاص. وكانت السعادة كبيرة للقائى هذا العالم القدير بعد عودته من إنجلترا وقضاء 25 عامًا هناك كرئيس جامعة، ثم العودة إلى الجامعة البريطانية فى مصر رئيسًا لها. وصادف ذلك زيارة د. مفيد شهاب الوزير السابق، والأستاذ الجامعى والمفاوض والمحكم الشهير الذى قاد فريق المفاوضات لعودة الأراضى المصرية بالقانون..
مصر بها رجال أخلصوا وقدموا لها أحلى سنوات عمرهم وعلمهم ومازالوا يقدمون المزيد، كانت جلسة جميلة حدثنا فيها د. مفيد شهاب عن بعض الذكريات الجميلة فى حياته الحافلة.
وانصرفت بعد أن كرمنى د. محمد لطفى، بإهداء درع الجامعة لى ووعد بإطلاق اسم دار المعارف على إحدى القاعات المهمة بالجامعة؛ تقديرًا لدور دار المعارف فى نشر الثقافة طوال 131 عامًا، ولم أنس زيارة المكتبة المركزية، وأرى الحداثة والتكنولوجيا من قاعات البحث والاطلاع والكتب التى وفرتها الجامعة لطلابها.
تحية للجامعة البريطانية ولرئيسها د. محمد لطفى، وعميد الإعلام د. محمد شومان، وبالطبع مؤسسها محمد فريد خميس وأبنائه الذين يكملون المسيرة من بعده.