مذيع فى الشارع يكشف المستور

مذيع فى الشارع يكشف المستورأميرة خواسيك

الرأى18-12-2021 | 08:39

المذيع الشاب أحمد رأفت هو مذيع على درجة عالية من الإنسانية فى أرفع صورها، وهو يقدم برنامجًا اسمه «مذيع فى الشارع» على اليوتيوب، وعلى الرغم من كونه برع فى تقديم فقرات كوميدية على مدى سنوات، لكنه برع أيضا فى تقديم فقرات غاية فى الإنسانية، ومؤخرا انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعى حلقة من برنامجه مع أحد البسطاء، حققت مشاهدات كبيرة، وتفاعل معها الجمهور تفاعلا كبيرا لما حملته من معان راقية، حتى أصبحت حديث الناس، وربما شاهدها الكثير من القراء.

حين قابل رجلا بسيطا يدعى عبد العظيم يبلغ من العمر سبعة وستين عاما، وبذكاء وإنسانية المذيع استشف رقة حال الرجل، وأقنعه أنه بصدد مسابقة سيحصل على جائزة فى حالة إجابته، تردد الرجل كثيرا لشدة بساطته، وطرح عليه المذيع سؤالا أدرك الجميع أنه مجرد وسيلة لمساعدة هذا الرجل الطيب، وحين أجابه فاجأه بأن الجائزة ثلاثة آلاف من الجنيهات، وهو مبلغ ضخم بالنسبة لرقة حال الرجل.

أما المفاجأة التى أدهشت كل الناس فهى رد فعل الرجل، الذى لم يجرؤ على تلقى المبلغ إلا بعد أن كرر عدة مرات سؤاله على المذيع هل هذا حلال؟ والمذيع يرد حلال، ثم يكرر الحاج عبد العظيم السؤال، ويرد المذيع نفس الرد!

لقد أبكانا هذا الرجل، وأشعر الكثيرين كم هم صغار أمام تعففه وقناعته ورضاه، كم يلهثون وراء تفاهات لا يلتفتون كثيرا إن كانت حلالا أم حراما؟ إن كانت ترضى الله أم تغضبه؟ إن كانت من حقهم أم انتزعوها ممن هم أولى بها؟

أمثال عم عبد العظيم ملايين يعيشون يومهم طامعون فى رحمة الله ورضاه، لا يطلبون سوى الستر، ويخشون من لقاء يوم عظيم، قلوبهم عامرة بالإيمان نفوسهم راضية مطمئنة، فأين كل واحد منا من هؤلاء المؤمنين حقا وصدقا؟

أما السؤال الأهم الذى يطرحه انتشار هذا الفيديو، إذا كان هذا البرنامج الإنسانى ينتشر هكذا ويحقق نجاحا ساحقا بين الناس، فهذا يعنى أن أذواق الجمهور لا تزال بخير، وأن التفاهات التى تتسابق عليها القنوات الفضائية ليست هى ما يريده الجمهور، وأن الخير والإنسانية مازالت فينا، فلماذا لا يأخذ المذيع أحمد رأفت الذى حقق نجاحا كبيرًا بذكائه وإنسانيته فرصته الكاملة عبر القنوات التليفزيونية؟ ولماذا تصر تلك القنوات على أن تحاصرنا بكل ما هو رديء؟ ولماذا لا تهتم بغير طلاق الفنانين وخلافاتهم وملابسهم ومشاكلهم؟

لقد فضح هذا المذيع المجتهد بلادة الآخرين وتأخرهم وسطحيتهم، واختيارهم للطريق السهل الذى لا يسمن ولا يغنى من جوع. لهذا فإن نجاح هذه الحلقة وغيرها من حلقات «مذيع فى الشارع» يجب أن تكون محور دراسة جادة لكيفية إعادة البرامج الإنسانية التى ربما تعيد إلينا بعض القيم التى افتقدها مجتمعنا.

أضف تعليق