نجح باحثون من جامعة تل أبيب بإسرائيل، فى تطوير جهاز جديد لكشف الكذب يعمل بدقة 73 بالمئة، فى المتوسط، لكشف زيف روايات الأشخاص المخادعين، عن طريق قراءة تعبيرات عضلات الوجه.
ووفقًا لدراسة حديثة نشرتها مجلة "Brain and Behavior" فقد تم التوصل لأداة تعلم آلى جرى تدريبها على اكتشاف علامات الكذب، باستخدام بيانات توفرها أجهزة استشعار يرتديها الأشخاص الخاضعين للاختبار، بعد أن تلتقط الوميض الصغير فى عضلات الوجه.
عالم يعلق على التقنية الجديدة
وعن التقنية الجديدة يقول عالم الأعصاب السلوكى دينو ليفي، وأحد معدّى الدراسة: "التقنية الجديدة ليست مثالية، لكنها أفضل بكثير من أى تقنية موجودة لكشف الكذب تعتمد قراءة تعبيرات الوجه".
وحتى نفهم مقدار التطور الذى وصل إليه الجهاز الجديد، علينا أن نعرف أن أجهزة كشف الكذب التقليدية، تعتمد على الاستجابات الفسيولوجية مثل معدل ضربات القلب وضغط الدم ومعدل التنفس أى جميع الوظائف التى يمكن تعلُّم التحكم فيها تحت الضغط.
وعلى الرغم من استخدام أجهزة كشف الكذب التقليدية بشكل مستمر من قبل مختلف جهات إنفاذ القانون، إلا أن هذه الأجهزة تعتبر غير دقيقة فى كثير من الأحوال، لذا استمر البحث عن طرق أخرى أكثر موضوعية؛ لكشف مدى صدق الأشخاص، ويعدّ الجهاز الجديد أحد الثمار الأخيرة لجهود العلماء.
طريقة عمل جهاز كشف الكذب
من المعروف أن مفهوم "قراءة المشاعر الحقيقية من خلال عضلات الوجه" ليس جديدًا تمامًا إذ يعود تاريخه إلى زمن تشارلز داروين، الذى انخرط فى تجارب علم النفس".
ففى عام 1872، أشار إلى أن: " عضلات الوجه الأقل طاعة للإرادة، ستعكس أحيانًا عاطفة طفيفة وعابرة".
وبحسب الباحثين؛ تظهر التعبيرات الدقيقة اللاإرادية على الوجه، والتى لا يمكن التحكم فيها، ثم تتلاشى بعد 40 إلى 60 مللى ثانية.
وفى سبيل ذلك، أُجريّت الكثير من الأبحاث لتحديد عضلات الوجه المسؤولة عن إظهار تعبيرات الوجه، وباستخدام تقنية تسمى "التخطيط الكهربائى للوجه السطحي"؛ تم قياس النشاط الكهربائى لعضلات الوجه، وتسجيل التعبيرات الدقيقة للغاية التى يتعذر على البشر اكتشافها.
اختبرت الدراسة الجديدة نوعًا جديدًا من الأقطاب الكهربائية القابلة للارتداء والمصممة لتكون أكثر حساسية وراحة، والتى تحتوى على أداة تعلُّم آلى مدربة على قراءة تعابير الوجه فى مقاطع الفيديو.
وعند النظر عن قرب للجهاز الجديد، نعرف أن أجهزة الاستشعار الموجودة به، قامت بقياس حركات عضلات الوجه لدى 40 متطوعًا لتغذية خوارزمية التعلم الآلي، وهو ما عزز معرفتها بأنماط الحقيقة والكذب فى تعابير الوجه.
كيف تعمل عضلات الوجّه
أثناء التجارب جلس شخصان فى مواجهة بعضهما البعض، متجهين نحو الأقطاب الكهربائية، كان أحد الأشخاص يرتدى سماعات رأس ويردد الكلمة التى سمعها أو يقول شيئًا مختلفًا لتضليل شريكه.
وأثناء الاستماع إلى الإشارات الصوتية والتحدث والاستجابة، سجل الباحثون نشاط عضلات الوجه بين الحاجبين التى تسمى "الأهداب الفائقة المموجة"، وعلى الخدين، وتسمى "عضلة وجنية كبيرة".
ورغم نجاح التقنية إلى حد كبير فى كشف الكذب، إلا أن الباحثين يقولون إن الخوارزمية التجريبية لا تزال بحاجة إلى مزيد من العمل والتطوير، كما أن عضلات الوجوه عرضة للتغيير بمرور الوقت.
كما أن ثمة أنواع أخرى من الكذب لا تظهر على عضلات الوجه بخلاف الأخطاء الصريحة، مثل الإغفال والتهرب واستخدام لغة غامضة لإخفاء الحقيقة (تسمى المراوغة) والتى قد تعقد عمل التقنية.
وهنا يشير ليفى موضحًا: "لا يزال الوقت مبكرًا للتوصل إلى نتائج نهائية، حيث يوجد عديد من الأسباب التى تجعل الشخص متوترًا ولكنه لا يكذب، سيحدد الوقت ما إذا كانت هذه التقنية قادرة على معرفة الفرق بشكل ملموس".
ويقول فى حديث لتايمز أوف إسرائيل: "نأمل فى نهاية المطاف، بعد التطوير والاختبار الشامل، أن يوفر هذا الجهاز بديلاً جديًا لاختبارات جهاز كشف الكذب".