رأت صحيفة ذا هيل الأمريكية أن متحور أوميكرون باغتنا ونحن غير مستعدين. إذ لا يكمن خطر هذه السلالة في سرعة انتقالها الخاطفة فحسب، وإنما يكمن أيضا في قدرتها على التهرب من أفضل لقاحاتنا.
وتظل اللقاحات أداة حاسمة لحمايتنا من الأمراض الشديدة والاستشفاء والوفاة إثر متحور أوميكرون ، غير أن العدوى الشديدة أصبحت شائعة بشكل متزايد .
وقالت الصحيفة -في مقال للرأي عبر موقعها الإليكتروني اليوم الثلاثاء - إنه في حين أن البعض يأمل بأن يكون هذا هو آخر المتحورات التي ستصيبنا، فهذا ليس مؤكدا بأي حال من الأحوال. إذ أن قدرة متحورات كورونا على النجاح في اختراق السكان المحصنين هي إحدى السمات المميزة لها .
وطرحت سؤالا حاسما هو: هل سيصبح هذا المرض أكثر اعتدالا أم أكثر حدة ؟ فمن الأهمية بمكان أن نتذكر حجم الارتباط الوثيق بين سارس-كوف-2 و/سارس/ ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية /ميرس/ فكلاهما له معدلات وفاة أعلى بكثير ولكنهما أقل قابلية للانتقال.
وأضافت الصحيفة أنه لحسن الحظ، لا يزال لدينا العديد من الدفاعات غير المستغلة والتي يتعين أن نستخدمها الآن كسلاح ضد أوميكرون والمتحورات المستقبلية .
فدفاعنا الأول هو الصحة العامة.إذ يمكن للاختبارات النشطة والتعقب وأنظمة العزل المدعومة أن تحول دون الانتقال السريع في جميع أنحاء المجتمعات. واستشهدت بالبلدان في جميع أنحاء آسيا التي نفذت واستثمرت بصرامة في هذه الأنظمة منذ بداية الوباء حيث كان أداءها أفضل بشكل ملحوظ خلال أوميكرون مع انخفاض إجمالي عدد الحالات ومعدلات الوفيات.
وأشارت الصحيفة إلى أن التقارير بشأن الأمريكيين المحبطين والعالقين في طوابير الاختبار لمدة ساعات فضلا عن أرفف الصيدليات الفارغة الخالية من الاختبارات السريعة هذا الأسبوع، تعد تذكيرا صارما بالأهمية الحاسمة للاستثمار المتواصل في تدابير الصحة العامة طوال الوباء. إذ يمكن للكثيرين ممن لا يستطيعون القيام باجازة لساعات من العمل للاصطفاف من اجل اختبار أو لا يستطيعون تحمل تكاليف الاختبارات السريعة أو العثور عليها، أن يتسببوا في إصابات بين مجتمعاتهم عن غير قصد ويؤخرون العلاج الضروري للفيروس.
ودعت الصحيفة إلى خفض سعر الاختبارات السريعة بشكل كبير. إذ يبلغ سعر تجزئة الاختبارات حاليا في المتوسط سعر 23 دولارا. وفي الواقع، يمكن تصنيع هذه الاختبارات بتكلفة 50 سنتًا.
ومضت الصحيفة قائلة إن دفاعنا الثاني يتمثل في مجموعة من العلاجات الطبية. إذ يتعين أن نأخذ بعين الاعتبار الحقيقة غير السارة المتمثلة في أن لقاحاتنا منيت بالفشل في توفير الحماية من العدوى وانتقالها، بعكس ما كنا نأمل. لكنها في الوقت ذاته توفر حماية قوية ضد الأمراض الشديدة والاستشفاء والموت، وهو أمر لا ينبغي الاستهانة به. ولا يزال ثمة أمل في أن توفر الأجيال الجديدة من اللقاحات حماية واسعة ضد معظم المتغيرات إن لم يكن جميعها. وفي الواقع، فإن مثل هذه اللقاحات تشق طريقها ببطء خلال عملية الاختبار التنظيمية، لكن من غير الحكمة وضع كل بيضنا في سلة واحدة عندما تكون المخاطر عالية.
وتعد فيروسات كورونا خصما هائلا لأنها تطورت على مدار ملايين السنين لإعادة إصابة السكان ذوي الكفاءة المناعية على نحو معقد بشكل كبير. فهي تتهرب من جهاز المناعة وتقمعه .
وتساءلت ذا هيل: كيف نهزم مثل هذا الخصم الماهر والشديد؟، مشيرة إلى أن إحدى الإجابات هي الأجسام المضادة أحادية النسيلة التي يمكن استخدامها للعلاج وأيضا بشكل وقائي أثناء تفشي المرض بين المجموعات السكانية المعرضة للخطر والتي تعيش في التجمعات مثل دور رعاية المسنين. غير أن المتحور أوميكرون تمكن من تطوير مقاومة لجميع علاجات الأجسام المضادة باستثناء علاجين.
ولحسن الحظ، توفر تجربتنا مع فيروس نقص المناعة البشرية /الإيدز/ طريقا واضحا صوب الأمام. فربما لم ننجح في صنع لقاح لهذا الفيروس ولكن بفضل عقود عديدة من البحث في العلاج، أصبح الفيروس بعيدا عن أحد يحكم على أحد بالإعدام اليوم. وفي الأسبوع الماضي فقط ، منحت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية الموافقة على أول علاج عن طريق الحقن للوقاية من التعرض المسبق لفيروس نقص المناعة البشرية. تم تطوير عقار ابريتيد بواسطة شركة شركة جلاكسو سميث كلاين، وهو يمنع الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية عن طريق الحقن التي تُعطى كل شهرين.
واختتمت الصحيفة الأمريكية مقالها قائلة، إننا بحاجة إلى اتباع الاستراتيجيات المستخدمة في التعامل مع فيروس نقص المناعة البشرية وإنشاء مجموعات من الأدوية القوية وطويلة المفعول التي تستهدف مجموعة واسعة من الوظائف مع مؤشر علاجي مرتفع لجسر الفجوات في استراتيجيتنا الحالية للحماية طويلة المدى.