لاشك أن حال أهل الجنة وحياتهم فيها بتفاصيلها من الأمور الخفية التي لا نعرف الكثير عنها، والتي من شأنها أن تكون دافعًا محفزًا ليستقيم البعض ويعمل صالحًا من أجل دخول الجنة، التي تأتي النار مقابلها، وحيث إن الحجاب فرض على المسلمة في الحياة الدنيا الفانية ، فإنه يطرح السؤال هل ترتدي النساء الحجاب في الجنة أم أنه تكليف دنيوي فقط.
ورد فيه أن الجنة دار نعيم وليست دار تكليف ، وقد خلق الله فيها من النعيم ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ، قال الله تعالى : ( فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) السجدة/17، فلا ينبغي للمسلم أن يتكلف السؤال عن تفاصيل ما في الجنة ، مما قد يراه في الدنيا قيدا أو مشقة ، فالجنة عالم آخر ، ليس في الدنيا منه إلا الأسماء فقط ، وأما حقائق الأمور فتختلف تماما ، فمن التكلف أن ندقق النظر في كل ما يذكر في الجنة على مثال ما هو في الدنيا .
ورد فيه أن من أخص ما ورد في العلاقة بين الرجال والنساء غير المحارم غض البصر وقصر النظر عن حظوظ الآخرين من نعيم الجنة ، قول الله تعالى : ( فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ ) الرحمن/56 ، ولكنه في وصف الحور العين ، فهل فيه دلالة على لحوق الأمر باقي النساء ، هذا محل تردد .
ورد فيه أنه يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله : " ( قاصرات الطرف ) أي غضيضات عن غير أزواجهن ، فلا يرين شيئا في الجنة أحسن من أزواجهن : قاله ابن عباس ، وقتادة ، وعطاء الخراساني ، وابن زيد ، وقد ورد أن الواحدة منهن تقول لبعلها : والله ما أرى في الجنة شيئا أحسن منك ، ولا في الجنة شيئا أحب إلي منك ، فالحمد لله الذي جعلك لي وجعلني لك " .