لا شيء يعوض الأطفال عن وجود الأب في حياتهم، ومشاركته لهم في تفاصيلها، فمجرد وجوده إلى جانبهم يشعرهم بالأمان والثقة، بينما غيابه عن حياة أبنائه يعرضهم للكثير من المشاكل النفسية والسلوكية.
تقول سارة ممدوح، استشاري علاقات أسرية ومدربة تنمية بشرية، تربية الطفل تحتاج إلى تعاون مشترك بين الأب والأم فالنشأة السليمة هي التي تتم بمشاركتهما مع بعضهما.
ففي السابق كان الأب يعود إلى منزله في وقت مناسب؛ فيستطيع أن يقضي بعض الوقت مع أسرته يتحدث معهم ويناقشهم ويستمع إليهم، ولكن انتشار مفهوم أن دور الأب ومسؤوليته فقط هي تلبية الاحتياجات المادية، وباقي جوانب التربية مسؤولية الأم بمفردها من أكبر الأخطاء وهدم الثقة بالنفس لدى الأطفال.
وأضافت سارة ممدوح، أن دور الأب هام جدا في المرحلة العمرية من ١٠ سنوات إلى انتهاء سن المراهقة، فدور الأب هو الأكثر أهمية في نشأة السلوك وتكوين الشخصية.
وأوضحت استشاري العلاقات الأسرية، أن دوره في حياة البنت يختلف عن دوره في حياة الولد؛ فبالنسبة للبنت تتكون صورة ذهنية في عقلها من خلال سلوكيات الأب في التعامل ومن هنا تأتى تشكيل شخصيتها في كيفية التعامل مع الذكور،
أما بالنسبة للولد فيتعلم من الأب فنون وكيفية التعاملات الذكورية، ولدينا أطفال كثيرين يتحدثون عن كيفية التعامل مع آبائهم أو مشاركتهم في نشاط يمارسونه فيشعر الطفل الآخر الذي يتركه والده دون مشاركة حتى بالاستماع له بالغيرة والتمرد على زملاؤه، وعلى أمه ويتدرج الخلل في نفسية الطفل وتتحطم الثقة بالنفس لديه، فالطفل يتعلم المشاركة وتكوين العلاقات من خلال والديه، وتابعت، لا بد من تخصيص وقت لاجتماع الأسرة كل يوم ولو ساعة واحدة فتأثيرها الإيجابي سيكون كبيرا في الجميع.
ويستطيع أيضا الأب المسافر أن يجتمع بأسرته عن طريق السوشيال ميديا التي من ضمن آثارها الإيجابية أنها زالت معوقات التواصل حتى ولو كان الشخص فى بلد آخر.
وتقول سارة ممدوح، إنه على الأب المسافر أن يحدد وقت يتحدث مع أسرته وأبنائه عن كل شيء في يومهم فيدعمهم أو يعاقبهم بالاتفاق مع الأم على عدم تنفيذ وسيلة ترفيه لهم كعقاب مثلا،ومن هنا لا يستطيع الطفل التمرد على الأم أو يكون لديه غيرة من أطفال آخرين.
ف الأب الذي يشارك في تربية الأبناء يصنع جيل متزن نفسيا سوي لديه قدرة التمييز بين الأمور.
ويكفى تهميش في دور الأب وتحميله مزيد من الأعباء المادية التى تجعله لا يستطيع الموازنة بين أسرته وأبنائه، فالاتكالية على الأم وحدها في التربية أتى بثمار غير لائقة في المجتمع حاليا الدليل على ذلك وجود مسمى (ابن أمه) فى بعض الخلافات الزوجية وارتفاع نسب الخلافات التي تسببها الحماة فى حياة ابنها، وتضيف، أن كل هذا نتيجة إلغاء دور الأب في التربية والأم وحدها هي التي تربي.
وتضيف، ليس مطلوب منك أيها الأب المسافر أن تترك سفرك ولا تفقد عملك، ولكن مطلوب منك التواصل اليومى مع أسرتك ومعرفة ما يفعلون ومناقشتهم وتدعيمهم، فعندما يرى الطفل أن الأب والأم متفقان على عقابه أو مكافأته فلا يترك فى عقله ثقافة التمرد على الأم أو عدم تنفيذ المطلوب منه، فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فهناك فرق كبير بين الأب الذى يلقي بالمسؤولية كاملة على الأم بحجة أنها هي التي تربي، وبين الأب الذي يوازن بين عمله وأسرته، فعندما يكبر الأب لا يشعر بالوحدة أو أن أولاده لا يهتمون به أو يكون غريبا بين أسرته بعد عودته من سفره، فالطفل لا يتذكر سوى المواقف التي جمعته بوالده وكيف كانت مشاركته معهم.