استشعار لذة العبادة إذا أراد الإنسان أن يتلذّذ بعبادته فلابد له من مراعاة بعض الأمور أثناء قيامه بها، منها ما يأتي:
- جهاد النفس على طاعة الله -تعالى- والقيام بأوامره إلى أن تعتاد النفس ذلك وتألفه؛ ففي البداية قد تنفر النفس من التكاليف وتحاول التهرّب منها، لكنها تعتادها إذا أصرّ الإنسان عليها وأخذ يجاهدها بإرادة حقيقيّة وعزيمة قوية، وقد قال -تعالى- في ذلك: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).
- ترك المعاصي والابتعاد عن الذنوب والآثام؛ فالمعاصي تقف حاجزاً بين قلب الإنسان وتلذّذه بالعبادة، فيصير قلبه قاسياً، وقد كان بعض السلف يقولون: (ما ضرب الله عبداً بعقوبة أعظم من قسوة القلب).
-ترك ما فضُل من الكلام، والنّظر، والطعام، والشراب؛ فيكتفي الإنسان مثلاً بما يسدّ جوعه من الطعام ويُعينه على العمل والعبادة، ويترك الإسراف في مأكله، قال تعالى: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ).
-تذكُّرُ أن العبادة وسيلة لتحقيق رضا الله -تعالى- ومحبته والقرب منه، فقد قال -تعالى- في مَن يحرص على التقرب إليه بالطاعات والعبادات والنوافل ما رواه الرسول -صلى الله عليه وسلم- عنه في الحديث القدسي: (ما تقرَّب إليَّ عبدي بشيءٍ أحبَّ إليَّ ممَّا افترضتُ عليه، وما يزالُ عبدي يتقرَّبُ إليَّ بالنَّوافلِ حتَّى أُحبَّه.
-التفكّر في مآل هذه العبادات؛ فهي لا تفنى ولا تزول كما تزول أمور الدنيا، بل تبقى للعبد يوم القيامة حتى يفرح بها ويسعد بفعلها، فيجد ثمراتها في الدنيا والآخرة، وبهذا فإنّه لا يبالي بما فاته من نعيم الدنيا وملذّاتها، قال تعالى: (مَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا).
-الحرص على الإكثار من النوافل والتنويع فيها؛ وذلك لدفع الملل عن العابد؛ فمرّةً يصلي ومرّةً يصوم، ومرّةً يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وهكذا. تدبّر سِيَر السلف الصالح؛ فذلك يرقّق قلب الإنسان ويدفعه إلى العمل الصالح و العبادة الخالصة.
-تلاوة القرآن الكريم وتدبّر ما فيه من معانٍ وآيات خاصّةً في الصلاة؛ ففي القرآن شفاء للقلوب، ورفع للغفلة عن الإنسان، فهو يذكّره بالجنة والنار وما فيهما من نعيم وعذاب، كما يرقّق القلب ويصله بالله تعالى، ولو أنّ الإنسان تفكّر في أن الكلام الذي يقرؤه فيه هو كلام الله -جل جلاله- لانخلع قلبه من رهبة الموقف.
- اتخاذ وقتٍ للخلوة بالله -تعالى- والأُنس به، فيناجي الإنسان ربّه فيها، ويدعوه ويستغفره، ويترك ملهيات الحياة بعض الوقت، ويتفرّغ للتوسل إلى سيّده ومولاه.