النمو والتنمية والقربة المخرومة!

الرأى16-1-2022 | 14:49

أعتقد أن المتابع لما يجرى فى مصر لن تخطئ عيناه رؤية ما يجرى على أرض الواقع من تحديث وتطوير لكافة أنواع البنية التحتية، وبرامج تنموية مختلفة ومستمرة، واكتشافات معدنية وبترولية جديدة، فضلا عن المحاولات الجادة لتحسين التعليم والارتقاء بالخدمات الصحية، ولكن تظل مشكلة الزيادة السكانية المضطردة سنويا وكأنها "القربة المخرومة" والتى "تسرب" جزءا كبيرا من الجهود التى تبذل فى كافة المجالات لتحسين أحوال المواطنين.

فمصر لا تستهدف فقط رفع معدلات النمو فى الناتج المحلى الإجمالى، والذى يتوقع أن يصل إلى 5.5% هذا العام، خاصة بعد أن وصل إلى حوالى 9% فى آخر الربع الثانى من العام المالى الحالى، ولكن مصر ترغب فى مواصلة التنمية.. وأن تتحول إلى الاستدامة وأن تكون شاملة لكل ربوع مصر.. وبصراحة شديدة أنه ومنذ الستينيات من القرن الماضى وتلك المشكلة قائمة ولم تحظى بالحل الشامل والناجز رغم محاولات التوعية المتتابعة والمشكلة أن الدستور بيلزم الحكومة بـ "برنامج سكانى" يستهدف تحقيق التوازن بين معدلات النمو السكانى والموارد المتاحة، مع تعظيم الاستثمار فى الطاقة البشرية وتحسين خصائصها، والمشكلة أيضا أننا لم نقوم بـ "مسح صحى للسكان" منذ عام 2014، والمفروض أن يتم هذا المسح كل أربعة سنوات على الأكثر، إن لم يكن كل عامين!

ويبدو أن انتهاء البرنامج التمويلى للوكالة الأمريكية للتنمية فى مصر لقطاع الصحة والسكان قد أثر سلبا على تلك البرامج والمبادرات، فالخبراء والمتخصصون يؤكدون على ضرورة تواجد أربعة عناصر لنجاح أى خطة لتنظيم الأسرة، أولها الإرادة السياسية (موجودة)، الإطار المؤسسى (متذبذب) بمعنى تغير تبعية المشكلة من وزارة الصحة إلى وزارة السكان إلى المجلس القومى للسكان، فضلا عن عدم التنسيق فى الخطط والمبادرات.

ثم سياسة سكانية (غير شاملة) بمعنى أيضا أن السياسة السكانية السليمة لابد أن تعالج عناصر متعددة مثل التعليم والصحة، وتوفير الغذاء، والمسكن الملائم، وأيضا توزيع السكان جغرافيا، والارتقاء بخصائصهم الإيجابية.

وأخيرا التمويل (وتلك هى المشكلة) حيث يعتقد البعض أن الإنفاق على تنظيم الأسرة بمثابة الأموال المهدرة، مع أن المتخصصين يؤكدون على أن كل جنيه ينفق على تنظيم الأسرة يحقق عائد 158 جنيها كعائد لاحق!

إذن.. لابد من العودة للاهتمام بالمشكلة، مع استخدام سياسة "المكافأة والحرمان"، مثل تخفيض رسوم الالتحاق بالتعليم، أو الحرمان من بعض الخدمات الأسرية إذا زاد عدد أسرة عن أربعة أو خمسة أفراد.

وأعلم أن وزارة التخطيط لديها خطط وبرامج محددة لمواجهة المشكلة والسيطرة عليها، ولكنها تحتاج لحوار مجتمعى وتوعية وتوافق والتزامات جدية بالتنفيذ.

أضف تعليق