قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، إن الإسلام بالأساس نسق مفتوح، وليس خاص بزمن معين بحيث لا يصلح في أزمان أخرى، ولا هو خاص بقوم معينين بل إنه يخاطب العالمين.
وأضاف أن الصحابة الكرام تلقوا الإسلام من سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعرفوا مصادره واجتمعت كلمتهم على أن القرآن الكريم هو المصدر الأول السنة المشرفة مصدرا ثانيا للتشريع.
وكتب الدكتور علي جمعة تدوينة على الفيس بوك "عندما تلقى الصحابة الكرام دين الإسلام من سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عرفوا مصادره واجتمعت كلمتهم على أن القرآن الكريم هو المصدر الأول؛ فهو كلام الله الذي تعهد الله سبحانه وتعالى بحفظه، وأمرنا فيه بما أراد من أحكام وأرشدنا إلى ما أراد سبحانه وتعالى من منهج نسعد به في الدنيا والآخرة".
وقال "وكان مما أمرنا به القرآن قوله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ العِقَابِ} [الحشر:7]. ووجدوا أن الله سبحانه وتعالى قد جعل الرسول أسوة حسنة فقال: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ في رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب:21]. وأمرنا القرآن بإتباعه وطاعاته، فقال: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فاتبعوني يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران:31]. وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِى الأَمْرِ مِنكُمْ} [النساء:59]. فجعلوا السنة المشرفة مصدرا ثانيا للتشريع ومعرفة أحكام الله".
أقسام أوامر الله
وأضاف علي جمعة "ومن خلال فهم الصحابة الكرام ومن بعدهم الأئمة الأعلام للغة العربية ولمفردات ألفاظها وقواعد بنائها، عرفوا أن حكم الله هو وصف للفعل البشري، ولذلك كان هذا الوصف علي خمسة أقسام:
-القسم الأول هو الذي أمر الله به أمرا جازما وأسماه بالواجب؛ كالصلوات المفروضة،وصيام شهر رمضان، وإخراج الزكاة عند تحقق شروطها، والذهاب إلى الحج عند تحقق شروطه، والصدق في القول وأمثال ذلك.
-القسم الثاني هو ما نهى الله عنه نهيا جازما وهو الحرام؛ كالزنى، والسرقة، والربا، وشهادة الزور، والكذب ونحو ذلك.
-القسم الثالث هو ما أمر الله به ولكن ليس على سبيل الجزم وهو المندوب؛ إذا فعله الإنسان أعطاه الله الثواب وإذا لم يفعله فليس هناك مؤاخذة عليه ولا عقاب؛ مثل الصلوات النوافل، والصدقة وكل أنواع فعل الخير غير المفروضة .
-القسم الرابع هو ما نهى الله عنه نهيا غير جازم وهو المكروه. وعد منه العلماء كثرة الكلام من غير طائل وكثرة الأكل ونحو ذلك.
- أما القسم الخامس والأخير فهو الفعل البشري الذي لم يأمرنا الله فيه بأمر ولم ينهانا عنه بنهي، وهو المباح.
وإذا تخيلنا إننا قد حصرنا أفعال البشر وتصرفاتهم في حياتهم لوجدنا أن دائرة المباح هي أعظم مساحة من أي دائرة أخرى، وهذا من رحمة الله بعباده. وهذا أيضا مزية جعلت الفقه الإسلامي أكثر مرونة وجعلته أقدر علي تطبيق القواعد التي أتت بها الشريعة الغراء، مع اختلاف حاجات الناس وتباين مصالحهم بتغير الزمان والمكان والأشخاص والأحوال"
واختتم حديثه قائلًا: "فالإسلام بالأساس نسق مفتوح وليس خاص بزمن معين بحيث لا يصلح في أزمان أخرى ولا هو خاص بقوم معينين بل إنه يخاطب العالمين. قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} [الأنبياء:107] وقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِّلنَّاسِ} [سبأ:28]. ووصف الله القرآن فقال: {هَذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ} [آل عمران:138]. فهو بيان لجميع الخلق وإن كان لا يستفيد منه إلا من طلب منه الهداية، قال تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ القُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَسَارًا} [الإسراء