ذوق جمهور السينما العربية كما سبق وحكينا فى فترة الثلاثينيات لمس صناع السينما ميله ناحية السماع. كان الميل إلى أصوات غنائية ارتبط بها الجمهور من خلال محطات الإذاعة الأهلية وجهاز الجرامافون الذى كان فى بيوت الأعيان فى ريفنا الطيب أم كلثوم،
عبد الوهاب، نادرة، ملك، نجاة على، سهام فوزى، زوزو لبيب، وعبد الغنى السيد وغيرهم.. الراصد لأفلام السينما فى تلك الفترة يقف على عدة ملاحظات شديدة الأهمية.. أولاً ضمن الأغانى الوطنية التى تضمنها فيلم نشيد الأمل وفيلم الوردة البيضا غنى عبد الوهاب للعلم المصرى وغنت ثوما للملك (ملك مصر فاروق وقتها الذى كان شابًا حديث العهد بالجلوس على العرش)، وفى فيلم أبو ظريفة الكوميدى لفوزى الجزايرلى نسمع أبيات فى مدح الملك أيضًا ضمن أغنية، وفى فيلم الأبيض والأسود (الذى يناقش مسألة لون البشرة) منولوج انتقادى يصالح أصحاب البشرة السمراء، غير منولوج ينتقد تفضيل المواطن للمنتج الأجنبى عن المنتج المصرى.. وإذا سلمنا أن التنوع فى موضوعات الأغانى لم يكن منفصلا لا عن التنوع فى القوالب الغنائية فى هذه الأفلام ولا عن تنوع الأصوات.. سواء كانت الأصوات الغنائية التى ذكرناها أو الأصوات الشِعرية (بيرم، رامى، المنسترلى، أمين صدقى، وكان جديدهم
أبو السعود الإبيارى، مأمون الشناوى)، كل واحد منهم لكلماته الغنائية لون واتجاه وطعم مختلف، والتنوع كان فى الألحان (كان أغلب الملحنين فى هذه الأفلام شبابا) السنباطى الصغير، القصبجى الصغير، زكريا أحمد، فريد الغصن، أحمد صبرة، حسن مختار صقر، وعزت الجاهلى.. فى الثلاثينيات تحديدًا عند منتصفها أغلقت الحكومة الإذاعات الأهلية (بعد اتهامها بإحداث فوضى وارتكاب مخالفات أربكت المجتمع)، وتأسست إذاعة مصر الرسمية من القاهرة.