ماذا سيحدث فى ليبيا خلال الفترة القصيرة المقبلة، بعد أن أعلن البرلمان الليبي اختيار الطيار الحربي فتحي باشاغا، وزير الداخلية فى حكومة طرابلس السابقة، لتشكيل الحكومة الجديدة.. سؤال تشير الإجابة عنه - إن صحت توقعاتها - إلى أحداث ساخنة وملتهبة، لن تقل سخونة عن الأحداث، التى سبقتها فى الأسبوع الماضي وانتهت بوضع باشاغا على كرسي رئاسة الحكومة، خاصة فى ظل ما قاله عبد الحميد الدبيبة، رئيس الحكومة السابق: لن أسمح بمرحلة انتقالية جديدة ومستمرون لحين التسليم لسلطة منتخبة.
لكن من توقف عند مشهد المصافحة، الذى جمع باشاغا وحفتر فى 21 ديسمبر الماضي بمدينة بنغازي، ربما يستطيع أن يقرأ بعضا مما يحدث فى هذه الأيام داخل ليبيا وخارجها، فقد كان المشهد يحمل فى طياته الكثير من الرسائل ربما من أهمها أن الفوضى، التى تحدث ومرشحة للانفجار فى ليبيا قد تجد طريقا نحو الانتهاء، تحقيقا لحلم الليبيين، وهو ما حدث بالفعل وتؤيده وجهة النظر، التى ترى أن صداما لن يحدث بين الدبيية وباشاغا، وأن التغيير سيكون سهلًا وسلسًا، خاصة أن الرجلين من مدينة واحدة "مصراتة "، التي تعد مجموعاتها المسلحة من بين أقوى الجماعات فى طرابلس، و تسعى باستمرار إلى توسيع نفوذها وإيراداتها، التى أيضا يقال عنها أنها لا تدعم أي صراع بين أبنائها.
بين هذه وتلك تبقى ليبيا فى انتظار أحداث كثيرة مهمة الأيام المقبلة، ربما جزء كبير من سيناريو هذه الأحداث تمتد خيوطه من الاجتماع، الذى عقدته المبعوثة الأممية إلى ليبيا ستيفاني ويليامز فى روما يوم الثلاثاء الماضي، مع ممثلين عن فرنسا وبريطانيا وأمريكا وألمانيا وإيطاليا والإمارات وقطر وتركيا وروسيا، الذى أعتقد أن قدوم "باشاغا" أربك كثيرا من تفاصيل هذا السيناريو، لذلك فالحكومة الجديدة مضطلعة بمهمة محلية دقيقة، تحتاج فيها إلى تحقيق التوافق الكافى، الذي يحول دون مزيد من التأزم فى الوضع السياسي الليبي، وتحقيق توازن بين جميع الأطراف الفاعلة، وبالتالي تشكيل حكومة تلقى القبول من الجميع، وتحقيق المصالحة الوطنية وصولا إلى إجراء الانتخابات، فضلا عن إصلاح المالية العامة، وترشيد الإنفاق الحكومي، وضبط السلاح وتوحيد المؤسستين العسكرية والأمنية، ودعم جهود اللجنة العسكرية المشتركة "5+5".
وأعتقد أنه أمام كل هذه التحديات الكبرى، التى تواجهها ليبيا حاليا، يبقى الرهان الكبير على الشعب الليبي وقدرته على الصمود وتحدى أى مخططات ومخاطر وعراقيل تمنعه من الحفاظ على حالة الاستقرار، التى شهدها وطنه الفترة الماضية، واقترابه من حلمه فى وطن مستقر به مؤسسات كاملة التكوين والنضج وقادرة على العمل وتسيير أمور البلاد وحماية أمن ومصالح العباد.