مصر والأزمة الروسية الأوكرانية

مصر والأزمة الروسية الأوكرانيةالكاتب إسلام كمال

الرأى23-2-2022 | 18:48

روسيا شريك أساسي من ضمن شركاء الدولة المصرية سياسيا واقتصاديا وعسكريا، مهما كانت الاختلافات، التى تصل لتناحرات في أوقات ما، و أوكرانيا هذه الدولة الوليدة من رحم تفكك الاتحاد السوفيتي التاريخى، هى شريك لمصر، "ونأكل منها عيش بمعنى الكلمة"، فهى المصدر الرئيسي لاستيراد القمح لمصر، ونغطى بالقمح الأوكراني عجزا يصل ل٥٠%، والأمر لا يتوقف عند هذا الحد فالسياحة الروسية والأوكرانية تقدم مددا مهما للخزانة المصرية، واستخدمتها موسكو كورقة مساومة لفترة طويلة، في أعقاب سقوط الطائرة الروسية في الأجواء المصرية.

هذا بشكل مباشر، تقدير مقتضب للموقف بالنسبة لنا، حتى يعرف من يسأل أين مصر من الأزمة الروسية الأوكرانية، فأغلب الدول غير المتورطة بشكل مباشر وغير مباشر في الأزمة منشغلة بهذا التساؤل، ونخبتها تتمنى أن يتبلور موقف لدولهم حيالها، خاصة إنها تحمل عنوان، الحرب العالمية الثالثة!

لكن، عن نفسي، لم يعد يبهرنى هذا العنوان، لأنه يردد مع كل أزمة عالمية بل وإقليمية، لكن الأمر غير اعتيادي بشكل كبير مع هذه الأزمة الخطيرة، التى سيكون للطرف الثالث المجهول دورا في تحويلها لحرب لو أندلعت بالفعل، فليس هذه أجواء التناحر الإيرانى الإسرائيلي، المستمرة منذ حوالى خمسة سنوات، وتركز على المواجهة غير المباشرة أو السيبرانية والدبلوماسية في الغالب، وليست أيضا أجواء حرب ناجورنيكرباخ ولا أجواء الربيع الكازاخى التى واجهتها روسيا على الفور في مهدها، ولا هى أجواء الحرب الإثيوبية التيجرية، ولا أجواء التناحر الجزائرى المغربي!

فهى أجواء خاصة جدا، تكاد تكون هى الوحيدة التى يمكن وصفها بالحرب العالمية الثالثة، بالإضافة طبعا لأزمة تايوان، التى تشتعل ما بين حين وآخر، وتشابه أوكرانيا بالفعل تايوان، كونهما الأداة الأمريكية لابتزاز واستفزاز عدويها روسيا والصين!

لكن لا يمكن أن يتم تشبيه أزمة أوكرانيا بالأزمة التى وصلت لذروتها في هونج كونج منذ عامين، وكاد النظام الصينى يسقط فيها، لكن يمكن أن تكون هى نفس النموذج الذي واجهته روسيا فى كازاخستان، مع اندلاع الاضطرابات الدموية هناك منذ حوالى الشهر.

بشكل عام، الإسقاطات متشابه في الاستفزازات الأمريكية للصين وروسيا، واختارت إدارة بايدن أن تكون المواجهة بشكل مباشر مع عدويها، الصين وروسيا، مع التهدئة مع الإيرانيين، بحجة توسعة حلف الناتو ناحية الشرق، لتكون في كييف الأوكرانية قاعدة للحلف المعادى للروس، كاشفة كل النقاط الروسية، ومؤهلة لهجوم مفاجئ على روسيا في أى وقت، الأمر الذي ترفضه روسيا بالمرة، وتعتبره تهديد مباشر لها.

وبعد بعض الايضاحات السريعة للأزمة، من حقنا جميعا أن نسأل أين مصر من ذلك كله، بالذات بعد الاعتراف الروسي بالجمهوريتين الانفصاليتين عن أوكرانيا، لكن بالتبعية، يجب أن يكون هناك تقدير موقف حقيقي لا متسرع لهذه الأزمة المعقدة، التى تربك كل الأطقم المخابراتية والدبلوماسية والسياسية والإستراتيجية بأغلب الدول المحورية إقليميا وعالميا، لبلورة موقف حيالها.

من الممكن جدا أن نلعب دور المفاوض، أو حتى الداعى لضبط النفس والاستقرار، لكن السكوت سيكون مضرا بشكل كبير، ومن حقنا أن نتعامل مع الموقف، كما تتعامل معنا روسيا وامريكا في أزمة السد الإثيوبي، ويكون الدهاء هو الحل في مثل هذه التوترات، خاصة إن مصادر القمح البديلة أوربية في الغالب أو من المعسكر الأمريكى، مثل فرنسا وكندا، لكن مصر دولة كبيرة والأمر وصل لمجلس الأمن، ومؤثر بشكل كبير على العديد من النقاط الاستراتيجية المتماسة معنا، ومنها مصادر الغاز العالمية، والتى علقت قطر من خلالها، بقولها إنه لا يستطيع أحد أن يكون البديل للغاز الروسي في أوربا، وفعلت مثلها إسرائيل، التى كانت تحلم بوصول ما تعتبره غازها لأوربا، وكل هؤلاء وغيرهم حلفاء أمريكا المباشرين، لكنهم لا يستطيعون إغضاب روسيا، وتؤكد إسرائيل مرارا وتكرارا إنها لاتزال تدرس موقفها من الأزمة، وترفض أن تعلن موقف داعم لهذا أو ذاك، رغم أن الرئيس الأوكراني يهودى، وطلب منها منظومات دفاعية، بل وأمرت وزراءها بعدم التصريح علنية بأى موقف حيال الأزمة، حتى لا تغضب روسيا أو أمريكا!

الأمر في غاية التعقد بالطبع، لكن في المواقف الصعبة، تظهر القوى العالمية والإقليمية، ولابد أن يكون لنا تواجد ما

وكان لمصر موقفا قويا في أزمة الأولبيماد الشتوية الصينية التى هاجمتها أمريكا، بل دعت لمقاطعتها دبلوماسيا، لكن بسبب المصالح المصرية الصينية، المتامسة مع أمن قناة السويس والأمن المائي، كان لمصر موقفا قويا داعم للصينيين، وذهب الرئيس السيسى لبكين لدعم الصينيين، رغم إن هذا يغضب واشنطن المهاجمة لنا في الملف الحقوقي بالذات، بشكل أو آخر بالطبع، إلا إننا اخترنا الأصلح لنا بمنتهى الشجاعة، خاصة إن الصين تدعم أبي أحمد وتهدد قناة السويس ببدلاء برية وبحرية بخلاف التعاون الاقتصادى المهم، وهذا ما ندعو له..وحمى الله مصر.

أضف تعليق

رسائل الرئيس للمصريين

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2