منذ إعلان بوتين الحرب على أوكرانيا ودخول الجيش الروسى من عدة محاور إلى الحدود الأوكرانية تغيرت خريطة الأحداث فى العالم، حيث تصدرت أخبار هذه الحرب نشرات الأخبار ووكالات الأنباء وأصبحت حديث العالم لعدة أسباب منها أهمية البلدين؛ روسيا وأوكرانيا بالنسبة للعالم وتأثير هذه الأحداث على استمرار إمداد البلدان للعالم بعدة احتياجات أساسية.
أوروبا الغاز والبترول وخط الغاز المشترك بين روسيا و ألمانيا والذى تكلف استثمارات تصل إلى أكثر من 35 مليار دولار وقارب على الانتهاء.
اعتماد كل من إيطاليا وإنجلترا و ألمانيا على الغاز الروسى وعدد من الدول الأوروبية وخاصة نحن فى فصل الشتاء.
روسيا وأوكرانيا يصدران 50% من احتياجات العالم من القمح إضافة إلى ما تصدره أوكرانيا من الذرة وعسل النحل والحديد واليورانيوم وغيرها من المعادن والمنتجات الزراعية.
أيضًا هناك العديد من الاستثمارات الفرنسية فى التصنيع الزراعى وغيرها من المنتجات الغذائية مؤثرة فى الاقتصاد الفرنسى.
عند بدء هذه الحرب كانت التوقعات تشير أنها حرب خاطفة وستسيطر روسيا خلال أيام معدودة على مفاصل أوكرانيا وخاصة العاصمة كييف ولكن بعد أيام من الغزو الروسى ووضوح المقاومة الأوكرانية وتغير موقف أوروبا والناتو وأمريكا من مجرد إدانة الغزو وعدم التدخل إلى مواقف تحدث لأول مرة من الاتحاد الأوروبى وإمداده لأوكرانيا بالسلاح والمساعدات المادية وتحرك الناتو بالكثير من المعدات والقوات إلى كثير من الدول المجاورة لأوكرانيا وتعددت أشكال الدعم بعد يأس القيادة الأوكرانية من موقف الغرب السلبى أولا.
وبدأت دول الجوار فتح حدودها بشكل كبير لاحتواء النازحين الأوكران من النساء والشيوخ والأطفال بتوفير الرعاية الكاملة لهم بل وصرف مساعدات مادية وعلاجية لهم فى تضامن كبير يحدث من أوروبا بعد تعرضها لهذه الحرب على الأراضى الأوروبية؛ فى القارة العجوز وهو مالم يحدث منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية.
تحول الأمر إلى الإسراع فى العقوبات المتعددة فى مجالات كثيرة على البنوك الروسية والمركزى الروسى أيضًا على الرغم من امتلاك روسيا احتياطى مالى من الدولار كبير إضافة إلى احتياطى طوارئ لا يستهان به.
وبسرعة شديدة يجتمع مجلس الأمن ثم يحول الأمر إلى الجمعية العامة لتفادى حق الفيتو – تحرك مطلوب ولأول مرة فى مثل هذه الأزمات نادرًا ما يحدث.. هل لأن الأمر حرب جديدة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وعلى أرض أوروبية ومخاطرها الكثيرة على العالم فقط أم لأن الأمر يهدد الأمن الأوروبى.
هذا التحرك لم يحدث فى أفغانستان ولا ليبيا أو العراق أو حتى فى اليمن التى يسقط فيها القتلى يوميًا والتشرد مصير ملايين من الأسر وسوريا أيضًا.
تحرك دولى سريع، معونات لأول مرة مالية وعسكرية وإنسانية ودعم لا محدود وإعادة النظر فى انضمام دول كثيرة إلى الناتو ليزداد تمدده ومحاصرة روسيا.
كل يوم نسمع عن جديد إخراج روسيا من نظام «السويفت» العالمى.. وأيضًا فيزا وماستر كارد الخاصة بالتعامل المالى الدولى للأفراد.. منع الطائرات الروسية.. بدء الحصار الدبلوماسى والاقتصادى ل روسيا لترضخ وتتراجع.. انقسم العالم إلى نظامين مع أو ضد روسيا.
والأثار الناجمة عن هذه الحرب كل يوم تزداد ويظهر أثرها على الدول التى تتعامل فى القمح الروسى أو الأوكرانى والمواد البترولية والغاز.
طلب كل من إيطاليا و ألمانيا استبعاد إمداداتها من الغاز والبترول من المقاطعة وارتفاع أسعار المواد الخام وكسر حاجز المائة دولار لبرميل البترول.
زيادة أسعار المواد الغذائية وندرتها والكل يدفع الفاتورة سواء دول متقدمة أو نامية حتى أمريكا والاقتصاد الأمريكى سيعانى من ويلات وتداعيات هذه الحرب.
لقد مر العالم بأزمة اقتصادية ثم أزمة كورونا ثم أزمة حرب روسيا وأوكرانيا، ثلاث أزمات فيما لا يزيد عن أربع سنوات.
هذا يؤكد أهمية السلام والأمن الدولى على الاقتصاد العالمى، وويلات الحروب التى يعانى منها دول الشرق الأوسط القت بظلالها على أوروبا ومدى استيعابها للآثار المدمرة على الاقتصاد وأيضًا استقبال أعداد النازحين من أوكرانيا.
أين نحن؟
هذا سؤال مُلح للعامة فى الشارع المصرى بلا شك، سيكون هناك أثر كبير على مصر كما على دول العالم أجمع.. ولكن اعتقد ظهر هنا أهمية الاستقرار وثمن السلام وثمن الحرب وقيمة الإصلاح والمشروعات القومية التى قامت بها الدولة فى الفترة التى تولى فيها الرئيس السيسى من بنية تحتية ومشروعات صحية واجتماعية وإسكان وطرق فتحت لنا آفاقًا كثيرة وجعلت البنية الاقتصادية أكثر تحملا، وأن المشروعات التى تمت سواء فى التوسع الزراعى وغيرها من الاهتمام بالصناعة وتوفير الاحتياجات الأساسية للمواطن اعتمادا على الذات.
هذا يجعل المواطن أكثر اطمئنانًا، فالاحتياجات من السلع الأساسية، وخاصة القمح، موجودة ولمدة آمنة، وشهر فقط ويبدأ حصاد المحصول الجديد.. لا يوجد نقص من السلع فى جميع المنافذ ولكن ارتفعت الأسعار بعض الشىء وهذا طبيعى فنحن جزء من هذا العالم ولكن لابد من استكمال الطريق.. طريق البناء لأنه هو السبيل الوحيد لنا جميعًا.