أكدت صحيفة "الاقتصادية" السعودية أن استخدام أدوات الاتصالات كـ "أسلحة" خلال الحروب أمر ليس جديدا، ففي الحرب العالمية الأولى كان هذا الجانب أساسيا، حيث وضعت جهات الصراع مخططات لضرب خطوط الاتصال التقليدية "الهاتف"، لفصل قوات بعينها عن مركز قيادتها، ولإرباك خطوط الإمداد، ولنشر الفوضى في صفوفها عندما لا تكون هناك أوامر من مركز القيادة، وتطور الأمر ليصل إلى شبكات أكثر تعقيدا تستخدم أداة "المورس" للاتصال، وإرسال الإشارات بما في ذلك الأوامر للهجوم أو الانسحاب وغير ذلك في ميادين القتال.
وأوضحت الصحيفة، في افتتاحيتها اليوم الإثنين، بعنوان (حرب موازية بمفاتيح الإنترنت)، أن الاتصالات سلاح رئيسي في أي مواجهة عسكرية، بصرف النظر عن طبيعة أدواته، حتى البريطاني روبرت بادين باول مؤسس الحركة الكشفية العالمية، كان يستخدم الصبيان في نقل الرسائل خلال المواجهات البريطانية مع القبائل الإفريقية في غير بلد في القارة، ويعدهم أدوات اتصال فائقة الأهمية.
وأضافت : في المواجهة الراهنة بين روسيا وأوكرانيا، برزت أهمية دور شبكة الإنترنت، والتعاطي معها كـ "سلاح" لابد أن يكون هدفا مشروعا لهذا الطرف ضد ذاك الطرف وبالعكس، وهذه المواجهة ليست ثنائية بمعنى أنها تخص الدولتين، فقد دخل حلف شمال الأطلسي "الناتو" على الخط منذ البداية، وهذا الحلف يمتلك في الواقع أدوات الاتصالات الإلكترونية المتقدمة، والأهم أن الولايات المتحدة أكبر بلد في هذا الحلف، تمتلك مفاتيح الإنترنت، أو لنقل المركز الأهم للشبكة الدولية في العالم، واللافت أن السبب الأول لاختراع الإنترنت كان عسكريا، ولم تكن الخدمات المدنية عبرها موجودة أصلا في مخططات واضعي هذه الشبكة، أي أنها كانت أداة للاتصالات العسكرية، تتميز بالسرية وسرعة الوصول إلى الأهداف.
وأوضحت أنه مع تقدم خدمات الإنترنت التي تشمل كل مناحي الحياة تقريبا، تحولت الشبكة نفسها إلى سلاح بين المتحاربين، فضلا عن أنها تبقى ميدانا لضرب الاقتصاد العالمي بخسائر بتريليونات الدولارات، عن طريق القرصنة، وفي ظل المواجهة بين موسكو وكييف حاليا، برز هذا السلاح ليس فقط لتعطيل أو إرباك الاتصالات بين المتحاربين ومراكز قياداتهم، بل لتدمير القدرة على الوصول حتى إلى الخدمات المدنية العادية، مثل المصارف والكهرباء والمياه وغير ذلك. لماذا؟ لأن كل الخدمات صارت منذ أعوام عديدة مربوطة بشبكة من الكمبيوترات متصلة كلها بالإنترنت، أفرز ذلك في العقود الماضية ما أصبح يعرف بـ"هجوم السايبر"، وهذا الجانب يتطلب في الواقع خبرات قراصنة محترفين أكثر من خبراء عاديين.