تاريخ مصر الخرافى!

الرأى12-3-2022 | 09:13

أبو الخروج إليك من أوهامهم

والناس فى أوهامهم سجناء

هذا بيت من قصيدة طويلة لأمير الشعراء أحمد شوقى، ينطبق تمامًا على بعض المؤرخين أو المدعين علمهم بالآثار المصرية، التى طالتها خرافات كثيرة ما أنزل الله بها من سلطان!

وقد يكون هؤلاء المدعون (سجناء) فى أوهامهم عن عمد أو عن جهل، مثل بعض الهواة، الذين ربطوا بين الحضارة المصرية القديمة وبين الفضائيين وقارة أطلانتس، أو العماليق من قوم عاد.

لقد أحاطت – ولا تزال – بالحضارة المصرية القديمة الكثير من الأساطير والأكاذيب، خاصة عملية بناء "أهرامات الجيزة" الثلاثة، ومن الذى بناها، هل هم بنى إسرائيل أم قوم عاد؟ أم أناس من الفضاء الخارجى؟

بل ولا يزال البعض "يفتى" حول كيفية قتل الملك توت؟ ومن هو فرعون موسى؟

وقد تصادف أن قرأت – مؤخرًا وللمرة الثانية – كتاب د. وسيم السيسي "المسكوت عنه فى التاريخ"، كما أهدانى صديقى حسام حسين صاحب دار نون للنشر والتوزيع كتاب "أشهر خرافات الفراعنة" للباحث والخبير الأثرى د. شريف شعبان وهو بالمناسبة نجل أستاذنا رائد علم المكتبات المصرى المرحوم د. شعبان خليفة، الذى تولى رئاسة قسم المكتبات بآداب القاهرة، وأصدر أكثر من 15 مؤلفًا من أهمها موسوعة دائرة المعارف العربية فى علوم المكتبة والمكتبات (19 جزءا).

والمعنى أن د. شريف يكتب عن علم مكتسب وموروث، ومن ثم جاء كتابه رغم صغر حجمه (200 صفحة) محاولة جديدة وجادة؛ لكشف تلك الأكاذيب والخرافات المتداولة حول الحضارة المصرية القديمة، والراسخة – للأسف – فى وجدان العامة وبعض المتخصصين
أو المدعين فى مصر وخارجها.

وأول ما يلفت النظر فى كتاب د. شريف هذا "الحصر" الشامل والوافى لملوك مصر الحقيقيين بداية من الأسرة الأولى (ثلاثة آلاف عام قبل الميلاد) وانتهاء بالأسرة الحادية والثلاثين (فترة الاحتلال الفارسى الثانى)، ثم مصر البطلمية، بداية من الإسكندر الأكبر ومرورًا بالملكة الشهيرة كليوباترا السابعة وانتهاء ببطليموس الخامس عشر (قيصرون).

والكتاب يتناول العديد من "العناوين" ويعيد تصحيحها بالوثائق والحقائق التاريخية، منها مثلا علاقة الهرم الأكبر بالنبى يوسف وببنى إسرائيل عموما، الذين ادعى بعضهم أنهم بناء الأهرامات، التى بنيت عام ثلاثة آلاف و200 قبل الميلاد، بينما بنى إسرائيل لم يدخلوا مصر إلا مع النبى يوسف عام 1650 قبل الميلاد فى عهد الهكسوس.

ويناقش الكتاب أيضا أسطورة الزئبق الأحمر وما قيل عنه من خرافات، التى وصلت إلى درجة أنه يُحيى الموتى ويشفى المرضى ويحول التراب إلى ذهب، ويؤكد الكتاب أن هذا السائل اكتشف فى مقبرة أحد القادة العسكريين من الأسرة السابعة والعشرين فى منطقة سقارة، واتضح فيما بعد أنه عبارة عن بقايا من مواد التحنيط المعروفة، مثل الرافنج والزيوت العطرية وملح النطرون وقد تفاعلت مع المومياء والدم المسال منها، فاكتسب قدرًا من اللزوجة واللون البنى المائل للاحمرار.

ختامًا.. أقترح أن تقوم وزارة الآثار بترجمة هذا الكتاب لعدة لغات أجنبية وتوزيعه فى الخارج؛ لتصحيح الأساطير والخرافات، التى طالت أجدادنا وحضارتهم العظيمة.

أضف تعليق