قال الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية د. نظير عياد، المشرف العام على مركز الفتوى، إن عصرنا يشهد تغيرات هائلة في العلم والثقافة والاجتماع والأدب.
والكثير من هذه التغيرات كانت في الغالب انعكاسا للعولمة التي جعلت من العالم قرية إلكترونية صغيرة تترابط أجزاؤها عن طريق الأقمار الصناعية والاتصالات الفضائية والقنوات التلفزيونية، وقد ظهرت تلك التطورات الهائلة في مجال تكنولوجيا التواصل والاتصال، وصار الفضاء الإلكتروني الجديد هو الأرض الخصبة؛ لنشر الأفكار والآراء والمعتقدات والفلسفات، التي اقتحمت على الناس بيوتهم من خلال الهواتف الذكية وما تشتمل عليه من تطبيقات وبرامج.
جاء ذلك في كلمته التي ألقاها أمس الثلاثاء، في الجلسة الافتتاحية للملتقى الفقهي الأول الذي ينظمه مركز الأزهر العالمي للرصد و الفتوى الإلكترونية بعنوان " الفتوى الإلكترونية ودورها في التنمية المستدامة"
وأوضح الأمين العام أن المسؤولية الملقاة على عاتق مؤسسات الفتوى ورجالها كبيرة في ضرورة مسايرة العصر بمعطياته التي يعيشها الناس في التعامل مع هذه التكنولوجيا الرقمية؛ خاصة في ظـل هـذه التـحـديـات إذ صـارت الحاجـة ملـحـة لاستخدام استراتيجيات جديدة لنشر الدين الوسطي، والفكر المستنير، وتقـديم خطابات تواجه خطابات العنف والكراهية والتشدد والإرهاب؛ لذا كانت الحاجة ماسة إلى الفتوى الإلكترونية نظرا لما تتمتع به من سرعة الانتشار، وقوة التأثير في الواقع.
كما أكد عياد أن عدم انضباط أمر الفتوى الإلكترونية وصدورها (في الغالب الأعم) من غير المتخصصين ذوي الخبرة والدراية بالأحداث والأزمان ومـا يناسبها مـن فـتـاوى في أحكام قابلة للاجتهاد، وكذلك بسبب صدورها عن بعض الجماعات المنحرفة والمتطرفة التي تحكمهـا الأهـواء والنزعات السياسية؛ فقد خرجت على المجتمع في كثير من الأحيان فتاوى تخالف أصول الدين وأدلته الصحيحة، وتخالف كذلك إجماع الأمة سلفا وخلقا (من خلال المجامع الفقهية المتعـددة)، وتسعى جاهدة إلى هدم المقاصد التي جاء الشرع بحمايتها، وهذا يؤدي إلى مناهضة التنمية المستدامة بتكدير الصفو والسلم المجتمعي، وزعزعة استقرار الأوطـان، والعبث باقتصاديات الدول، وإحداث الفتن الطائفية بين أبنـاء الـوطن الواحد.