فى اليوم العالمى للمسرح.. خبير آثار يرصد تاريخ المسرح المصرى منذ عهد مصر القديمة

فى اليوم العالمى للمسرح.. خبير آثار يرصد تاريخ المسرح المصرى منذ عهد مصر القديمةدار الأوبرا الخديوية

فنون27-3-2022 | 09:54

يحتفل العالم باليوم العالمى للمسرح يوم 27 مارس من كل عام وكانت بدایة فكرة الاحتفال عام 1961 أثناء المؤتمر العالمي التاسع للمعھد الدولي للمسرح بمدینة "فیینا" وذلك باقتراح من رئیس المعھد آنذاك، حیث كلف "المركز الفنلندي" التابع للمعھد فى العام الذى تلاه بتحدید یومًا عالمیًا للمسرح والذى صادف تاریخ افتتاح مسرح الأمم بباريس عام 1962 الذى كان یحمل اسم "مسرح سارة برنار" وتحتفل وزارة الثقافة بمصر بهذا اليوم بإقامة معرضًا للكتاب المسرحى بالمجلس الأعلى للثقافة يشمل مجموعة كبيرة من كتب المسرح والمسرحيات الصادرة عن المركز القومي للترجمة وتشارك الهيئة العامة للكتاب بـ 300 كتاب فيما يخص الفنون المتميزة في مجال المسرح، كما تشارك هيئة قصورالثقافةبـ 80 كتاب

وفى ضوء ذلك يرصد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مديرعام البحوث والدراسات الأثرية والنشرالعلمى بجنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار المسرح فى مصر منذ عهد مصر القديمة حتى القرن العشرين موضحًا أن مصر القديمة عرفت المسرح على يد كهنة معبد أمون في مدينة طيبة حيث عرفوا فن تشخيص الروايات والقصص الأدبية بالشعر والموسيقى وأمام جمهور من الصفوة (الأمراء والنبلاء والحكام)

وذكر المؤرخ الأغريقي هيرودوت الذى توفى عام 425 ق.م. أن كهنة أمون كانوا يعدون ساحة المعبد المقدس في الأعياد والمناسبات الدينية لتقديم عروض تشخيصية تجسّد دور إله الشر ست ودورأوزوريس وإمرأة تلعب دور إيزيس وطفل يجسّد دور حورس. واستخدموا الملابس المسرحية والمكياج وكانت تصاحبهم الموسيقى لتحفيز الجمهور

كما اكتشف العالمان كورنتس 1932 وكورت 1938 برديات تحوي نصوص مسرحية لعروض كانت من 40 مشهد في صورة أقرب ماتكون إلى الشعر لتصوير مأساة ايزيس وبحثها عن زوجها في كافة البلاد، وعرقلة الإله ست "أسطورة ايزيس وأوزوريس"كما كان هناك المسرحالشعبيبينعامةالناسفيقرىومدنمصرمن فرقالرحالةالمتجولينمنهمالراقصينوالموسيقيينوالممثلين

وأضاف الدكتور ريحان أن مصر عرفت المسرح فى العصر الرومانى وهناك مسرحان شهيران مسرح الفرما التى تقع على أحد فروع النيل وهو الفرع المعروف باسم (بيلوزيان) نسبة إلى مدينة بيلوزيوم (الفرما) وباقي مصبه كان يقع بقربها وقد كشف بها عن قلعة لها سور كبير مبنى بالطوب الأحمر ومسرح روماني بالطوب الأحمر والأعمدة الجرانيتية مدرجاته بنيت بالطوب اللبن وغطيت بالرخام الأبيض وهو المسرح الروماني الوحيد بمصر المتكامل بعناصره المعمارية حيث أن مسرح الإسكندرية صالة استماع فقط ويتسع مسرح الفرما لحوالي تسعة آلاف متفرج

كما كشفت حفائر المتحف اليونانى الرومانى وجامعة الإسكندرية والبعثة البولندية عن المسرح الرومانى بالإسكندرية الذى يرجع تاريخه إلى القرنين الأول والثانى الميلاديينوكان المسرح فىبدايته مخصصًا لإقامة الرياضات العنيفة وخاصة المصارعة.

يتكون المسرح من جدارين متداخلين بشكل حدوة الفرس وبوابة كبرى لدخول الإمبراطور لمقصورته وبوابات لدخول الجماهير ولا تتوفر بهذا المسرح عناصر المشاهدة الخاصة بالمسرح الرومانى المتكامل حيث يتكون تخطيط المسرح الرومانى المتكامل من شكل نصف دائرة مع وجود مساحة كافية لخشبة المسرح وليس حرف U كمسرح الإسكندرية والذى لا يمكّن الجالسين على الأطراف من المشاهدة، كما أن اكتشاف 17 قاعة يعتقد أنها للدراسة تؤكد أن مسرح الإسكندرية كان قاعة أساسية تستخدم فى المجال الثقافى والتعليمى.

ويشير الدكتور ريحان إلى المسرح فى مصر فى العصر الإسلامى المعروف بالتكية المولوية التي تقع بشارع السيوفية بالحلمية الجديدة خلف جامع السلطان حسن والتى تضم المؤديين (الممثلين) والنص المسرحي (درامي غنائي) والخلفيات والمناظر والإضاءة ووجود العنصر الحركي ووجود المتلقيين (الجمهور)،وكان المسرح الإسلامي مسرحًا أوبراليًا خالصًا ولم يكن مسرحًا دراميًا على نمط تعريف أرسطو لفن الدراما،وقد نشأ على يد جماعة صوفية عرفت في تاريخ التصوف بلقب (طائفة المولوية) وهم أتباع ومريدي جلال الدين الرومي

ولفت الدكتور ريحان إلى أن مسرح المولوية يتكون من قاعة السمعخانة أومسرح الدراويش وهو مخصص لأذكار المولويين، ويتكون من منصة خشبية مستديرة تتوسطها دائرة بلون مغاير للون المنصة ويحيط بها درابزين خشبي له بابان لدخول الدراويش وخروجهم قبل وبعد تأديتهم الذكر المولوي،والطابق الثاني عبارة عن سلم خشبي يؤدي إلى مساحات غيرمنتظمة جرى تخصصيها لجلوس الجمهور والمشاهدين ومنها مكان مخصص للنساء يغلق عليه باب خشبي ويحجبه عن الجمهور حجاب من الأخشاب المشكلة بطريقة التقاطع، وتتوسّط المسرح من السقف قبة تعتبر من أهم العلامات المميزة للتكية، فهي مقامة على 12 عامود خشبى

ويتابع الدكتور ريحان أن العصرالمملوكي في مصر في القرن الثالث عشر الميلاد يشهد انتشار فن خيال الظل (قَرَةكُوْز) في ربوع مصر،وكان عبارة عن شاشة بيضاء وراءها خيالات لشخصيات مع أشعار وقصص وموسيقى لتقديم رواية قصيرة ذات مغزى ثم تطورت إلى عرائس تتحرك أمام المشاهدين وانتشر شعبيا باسم "الأراجوز" والذى سجل تراث ثقافى غير مادى باليونسكو عام 2018 وكان له فنانين ومؤلفين اشهرهم ابن دانيال الكحّال الذى توفى عام 1335م وله رواية شهيرة "طيف الخيال"

وبعد دخول نابليون بونابرت لمصرعام 1798،أنشأ مسرحًا لجنوده للتسلية فتكونت فرقة "الكوميدي فرانسيز"وفي حفلاف إفتتاح قناة السويس عام 1869م أنشأ الخديوى اسماعيل دارالأوبرا في مكانها القديم بميدان العتبة،وكلف الخديوي اسماعيل الموسيقار الايطالي فيردى بعمل أوبرا يتم استخلاصها من التاريخ المصري القديم فقدم أوبراعايدة وبعد انتهاء الاحتفال تم اغلاق دارالأوبرا لفترة طويلة

كما شيد الخديوي في تلك الفترة مسرحًا في الطرف الجنوبي من حديقة الأزبكية المطل على ميدان العتبة سنة 1870 باعتباره أول مسرح وطني ،وشهد هذا المسرح عام 1885 م أول موسم مسرحي لفرقة أبوخليل القبانى بالقاهرة، كما قدمت فرقة اسكندر فرح وبطلها سلامة حجازي أشهر أعمالها على نفس المسرح من سنة 1891 إلى 1905،وكان عام 1905 هو أول موسم لفرقة الشيخ سلامة حجازى على تياترو الازبكية.

ويشير الدكتور ريحان إلى المسرح الذى تشكّل بصورته العصرية فى مصر على يد الفنان يعقوب صنوع (الشهير بأبي نضارة) سنة 1876م الذى ترجم العديد من أعمال الأدب العالمي وتقديمها عن طريق فرق مسرحية من الشام سليم نقاش و أديب نقاش، وفي الإسكندرية انتشر فن مارون نقاش وسليم نقاش الذين جاءو اليقدموا فنهم في مصرسنة 1876م وشاركهم الترجمة والتأليف أديب اسحق ،وفي عام 1888م شهد المسرح المصري تطورًا كبيرًا على يد أحمد ابو خليل القباني وفرقته المسرحية التى قدمت عروضهاعلى مسارح القاهرة والإسكندرية ومنهاعنترة بن شداد وهارون الرشيد

وفي بداية القرن العشرين انتشر الفن المسرحي الغنائي واشتهر الفنان جورج أبيض الذى تولى تأسيس المسرح الدرامي ،وفي العشرينات بدأ المسرح الدرامي يأخد وضعه بانضمام يوسف بك وهبي لقائمة رواد المسرح فقدم أعمالًا لاقت نجاحًا كبيرًا بين جمهور مصر في القاهرة والإسكندرية والبلدان العربية مثل سوريا ولبنان والمغرب، ونافسهم رواد المسرح الكوميدي نجيب الريحانى وعلى الكسار

أضف تعليق