مخطط «الثورة الإسلامية» منذ 25 يناير 1990 بمصر

مخطط «الثورة الإسلامية» منذ 25 يناير 1990 بمصرمخطط «الثورة الإسلامية» منذ 25 يناير 1990 بمصر

* عاجل8-1-2018 | 14:14

كنب: عمرو فاروق
دخلت الجماعة الإسلامية، في صدام حاد مع النظام السياسي، والمجتمع المصري، حلال مرحلة  الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، حيث منحت نفسها حق تغيير المنكر، فقامت بالاعتداء على محلات بيع الخمور، ومحلات أشرطة الفيديو، والسائحات، والعروض المسرحية والنشاط الفني، والمسرح الغنائي في الجامعات.
بدأت القاعدة الأولى، للجماعة الإسلامية، في نطاق محافظات الصعيد، لإتخاذ عدد كبير من عناصر تنظيمات الجهاد المصري، أمثال فؤاد محمود حنفي، وعصام الدين دربالة، وعاصم عبد الماجد ماضي، وكرم محمد زهدي، وعلى عبد الفتاح إبراهيم، أحد مساجد محافظة المنيا، مقرا لهم، كما انتشروا في اسيوط، وسوهاج ، والفيوم، وبني سويف، وانشئوا فروعا لهم في مناطق بولاق الدكرور، وعين شمس، والمطرية، بالقاهرة.
كان الشيخ عمر عبد الرحمن قد اتجه إلى الفيوم، في منتصف الستينيات من القرن العشرين، ليعمل إماما وخطيبا بأحد مساجد الأوقاف بمركز "سنورس"، لتكون الفيوم أولى محطاته، حيث ظهرت ميوله المعارضة لنظام الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وحصل خلال تلك الفترة علي الماجستير، والدكتوراة، وعمل مدرسا بكلية أصول الدين بفرع جامعة الأزهر بأسيوط.
ارتبط عمر عبد الرحمن بعلاقات قوية مع قيادات الجماعة الإسلامية بمحافظات الصعيد، عقب تكوينها مباشرة، حيث تواصل مع عدد منهم، وتم اختياره أميرا للجماعة، وكان يخطب الجمعة بعدد من المساجد بمدينة الفيوم، ومنها مسجد "التقوى"، بالنويري، ومسجد الشهداء بتقسيم مصطفى حسن، ويتنقل بين أكثر من مسجد بالمحافظة لإلقاء خطبه المثيرة رغم التضييقات الأمنية عليه، وبعد رحيل الرئيس عبد الناصر، وتولى الرئيس السادات مقاليد الحكم أفتى بتكفيره ،وهي الذريعة التي استند عليها قتلة الرئيس السادات أثناء حضوره احتفالات انتصارات أكتوبرعام 1981 .
أصدر عمر عبد الرحمن، كتاب يحمل عنوان "كلمة حق"، واعتمد فيه أفكار التكفير والجهاد، وتضمن الكتاب ايضا مرافعته في قضية "تنظيم الجهاد"، رقم 84 لسنة 1982 أمن دولة عليا، ومن ضمن أفكاره تكفير الحاكم والمجتمع وضرورة الجهاد ليتضمن المواجهة والتصدي لكل ما هو قائم في المجتمع المصري مخالفا للإسلام.
تركز نشاط الجماعة  الإسلامية، خلال هذه المرحلة على ثلاثة محاور:
أولاً:  الدعوة إلى الله في المساجد والمقاهي والمدارس والقطارات، والقاء الخطب والدروس، والندوات، في النوادي والمدارس والجامعات.
ثامياً: الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، وإغلاق مصانع الخمور، وفرض الجزية على غير المسلمين، وجمع أموال الزكاة وصرفها في مصارفها الشرعية.
ثالثاً: الجهاد في سبيل الله حتى يتحقق الحكم بشرع الله بصورة تامة.
عملت الجماعة الإسلامية، على مخطط استقطاب العناصر الجديدة، خلال مرحلة الثمانينات، وفي نهاية هذه الحقبة، وتحديدا في 1986 ، تم تشكيل مجموعات خاصة  أطلق عليها مجموعات "الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر"،  فاعتدوا على محال بيع  "الخمور"، وأندية الفيديو.
يوم  أغسطس1986 ، قطعت الجماعة الإسلامية طريق القاهرة، أسوان، واستوقفوا سيارة نقل محملة بزجاجات "البيرة"، ثم اشتبكت مع قوات الأمن، جراء ذلك، والقى القبض على عدد كبير منهم، وتم احتجاز بعضهم، لخطورتهم على الأمن العام.
وخلال هذه المرحلة توسعت مجموعات "الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر"،  من نشاطها، داخل مختلف المحافظات، وأرهبوا الناس في الطرقات، واستمرت الاشتباكات بين الجماعة الإسلامية وقوات الأمن.
وفي القاهرة، قادت مجموعة من عناصر الجماعة الإسلامية بالاشتراك مع عناصر من تنظيمات الجهاد المصري، كانت متمركزة بمسجد "منشية التحرير"، بمنطقة عين شمس بمنطقة، اتخذته مقر لانشطتها، أول صدام عنيف مع قوات الأمن، واشتبكوا مع الأهالي، ومنهم: حازم الحسيني، وأكرم هريدي، وبركات هريدي، ومحمد عبد الرؤوف نوفل، وإسماعيل رفاعي، تحديدا في يوم 12 أغسطس1988، حيث أحرقوا إطارات السيارات، والقوا كرات اللهب، والحجارة على قوات الأمن، عقب خطبة القاها عمر عبد الرحمن وصف فيها، قوات الأمن بأنهم "جنود فرعون"، وتم القبض علي بعضهم وتمكن البعض من الهروب.
وفي مارس1989،  قررت نقابة المهن الزراعية، بمحافظة الفيوم،  عرض مسرحية "أصل وخمسة"، التي أستفزت مجموعات "الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر"، الموالية للجماعة الإسلامية، وحاولوا منع العرض بقوة السلاح، والقوا قنابل المولوتوف، على سرادق العرض، وأصابوا ضابط برتبه مقدم، وعدد من المواطنين.
تم خلالها ضبط 16 من أتباعه وبحوزتهم أسلحة نارية وقررت النيابة حبسهم ومنهم عمر عبد الرحمن بتهمة مقاومة السلطات واستغلال الدين في ترويج أفكار بقصد إثارة العنف وإحراز أسلحة نارية والشروع في قتل مأمور بندر الفيوم آنذاك.
وعقبها دارات الإشتباكات بين مجموعات "الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر"،  الموالية للجماعة الإسلامية، وقوات الأمن المصري، ما دفع قيادات الجماعة الإسلامية، مظاهرة بقيادة  الشيخ عمر عبد الرحمن، محملين بالأسلحة النارية، والقت القبض على بعضهم، وقدموا للمحاكمة، في قضية "أحداث شغب الفيوم"، لكنهم حصلوا على البراءة.
وأعقب ذلك، إلقاء زجاجتين حارقتين من قطار الفيوم،  على رواد سينما عبد الحميد بميدان السواقي، ما تسبب في إصابة عدد من الرواد أثناء وقوفهم أمام شباك التذاكر، وتم ضبط الفاعل وهو من أتباعه بعد مطاردة مثيرة وهو نفس الشخص الذي قام فيما بعد بألقاء عبوة ناسفة علي حفل للمرضى بمستشفى الفيوم العام، ما تسبب في إصابة عدد منهم، كما  كان هذا الإرهابي، من بين المتهمين فيما بعد في قضية اغتيال رئيس مجلس الشعب، الدكتور رفعت المحجوب وقد لقى مصرعه وآخرين من شركائه في مواجهة مع الشرطة بالقرب من أسوار جامعة القاهرة .
وتصاعدت أعمال العنف في محافظة الفيوم، بين مجموعات "الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر"،  الموالية للجماعة الإسلامية، وقوات الأمن المصري،  وتحديا في شهر يناير1990، بعدما انتشر فكر عمر عبد الرحمن، في كافة أرجاء المحافظة على يد طلابه، والتي بدأت بإطلاق عدد من أنصار  الشيخ عمر عبد الرحمن، النيران على قوات الشرطة، من أمام مسجد "الشهداء" بمصطفى حسن بالفيوم،  وتبادلت قوات الشرطة إطلاق النيران معهم، ما أسفر عن إصابة سيف الإسلام مأمور قسم شرطة الفيوم،  وقيام مجموعة أخرى  بإشعال النيران في 3 صيدليات، وعدة منازل ودراجة بخارية للأقباط، وإلقاء عبوة ناسفة وإطلاق نيران على قوة تأمين "كنيسة العذراء"، بقرية سنهور القبلية التابعة لمركز سنورس عقب انطلاق مدفع الإفطار في شهر رمضان الكريم، ما أسفر عن استشهاد مساعد شرطة وإصابة اثنين من قوة الحراسة.
ومع تصاعد حادة المواجهات بين مجموعات "الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر"،  الموالية للجماعة الإسلامية، تم ضبط عمر عبد الرحمن، و15 من أتباعه، وبحوزتهم كمية كبيرة من الأسلحة النارية، وقررت النيابة حبسهم بتهمة مقاومة السلطات واستغلال الدين في ترويج العنف، وحيازة أسلحة نارية، والشروع في قتل مأمور قسم شرطة الفيوم آنذاك.
القاء القبض على الشيخ عمر عبد الرحمن، دفع عناصر الجماعة الإسلامية للتحطيط للقيام بأول ثورة إسلامية، في مصر، في عهد الرئيس الأسبق مبارك، وتجمهر الكثير من عناصر الجماعة الإسلامية، واشتبكوا مع قوات الأمن في داخل نطاق محافظة القاهرة، وعدد من محافظات الصعيد، تزامنا مع  إقالة اللواء زكي بدر،  وتعيين اللواء محمد عبد الحليم موسى، بديلا له.
وفي يوم عيد الشرطة 25 يناير1990 ، حيث قامت الجماعة بمظاهرات لاستعراض القوة في محافظات عدة وقاموا بالاستيلاء على ثلاثة مساجد كبرى في الفيوم،  وأسيوط، والقاهرة، واطلق بعض أعضائها النار في كل اتجاه، وكسروا واجهات المحلات وأصابوا مواطنين، ثم عرضوا مطاليهم السياسية، اثناء القاء الرئيس  الأسبق مبارك، للخطاب السياسي في عيد الشرطة، وكانت مطالب الجماعة هى الآتي:
أولاً:   الإفراج عن الشيخ عمر عبد الرحمن، وباقي اعضاء الجماعة الإسلامية المقبوض عليهم في المظاهرات، (بالأسلحة النارية).
ثانياً:  تقديم اللواء زكي بدر للمحاكمة .
كان الشيخ عمر عبد الرحمن، أجرى حوار من داخل السجن، مع صحيفة "الشعب"،   الناطقة باسم التيارات الإسلامية في هذه المرحلة،  قائلا: "إن الوزير الجديد ما هو إلا امتداد للقديم لانهما ينفذان سياسة واحدة، وليس هناك مجال للتفاهم، أو الحوار مع الوزير إلا إذا عاد ورجالة إلى الحق".
كانت هذه التصريحات من أمير الجماعة الإسلامية،  إيذانا باستمرار المعركة بين الدولة وجماعات الإرهاب، حتى انتصار طرف منهما.
واستجاب النظام المصري، لمطالب الجماعة الإسلامية بالافراج عن الشيخ عمر عبد الرحمن، وخلال تلك المرحلة، توسطت قيادات إخوانية، لدى وزير الداخلية آنذاك، اللواء عبدالحليم موسى، للقاء عمر عبدالرحمن، أمير الجماعة الإسلامية، وعقد "موسى" مع "عبدالرحمن" صفقة بموجبها يغادرالأخير البلاد، قبل الحكم عليه غيابيا في قضية "أحداث شغب الفيوم"، بعدما  تقرر إعادة محاكمته، و48 آخرين في  تلك القضية،  بعد رفض الحاكم العسكري التصديق علي حكم البراءة .
تقدم عبدالرحمن إلى السلطات المصرية، بطلب للسفر إلى المملكة العربية السعودية، لأداء مناسك العمرة، وأثناء استعداده لركوب الطائرة، أعلنت السلطات السعودية غلق مجالها الجوي أمام القادمين لأداء العمرة لانتهاء الموسم، وكان ذلك في 29 رمضان، غير أن السلطات المصرية رفضت عودته من المطار، وطلب منه ضباط مكافحة الإرهاب بوزارة الداخلية المصرية مغادرة البلاد، ليغادر من مطار القاهرة متوجها إلى السودان، واستقبلته السلطات السودانية التي رحبت به آنذاك، ومن خلالها وقبل نهاية 1991 سافر من الخرطوم إلى الولايات المتحده الأمريكية، وتحديدا ولاية "نيويورك"، التي عمل فيها إماما لمسجد  "الفاروق" في ضاحية "بروكلين" التابعة للولاية.
أضف تعليق

حكايات لم تنشر من سيناء (2)

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2