"أسوأ أنواع الانحراف بالسلطة".. حكم قضائي ضد الاضطهاد الوظيفي

"أسوأ أنواع الانحراف بالسلطة".. حكم قضائي ضد الاضطهاد الوظيفي الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى

حوادث وقضايا7-5-2022 | 14:32

في حكم جديد من أحكامها العادلة يحظر استغلال الوظيفة ويدين إساءة استعمال السلطة والانحراف بها لتعطيل المصلحة العامة بما يحفظ للمواطنين ثقتهم في مرافق الدولة، قضت المحكمة الإدارية العليا بإجماع الاَراء برفض الطعن المقام من وكيل وزارة ال تموين وتأييد الحكم التاريخى الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية برئاسة القاضى المصرى الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة أولاً : بإلغاء القرار السلبي المطعون فيه بامتناع مديرية ال تموين بالإسكندرية عن منح المدعي (أ.ع.س) بطاقة الضبطية القضائية الجديدة ذات الرقم الكودي بدلاً من بطاقة الضبطية القضائية القديمة وما يترتب علي ذلك من آثار أخصها منحه بطاقة الضبطية القضائية لمفتشى ال تموين وما يرتبط بذلك من صرف الحوافز والمكافآت والمزايا المالية الأخرى المقررة لمأموري الضبط القضائي.

كما ألزمت مديرية ال تموين بالإسكندرية بأن تؤدي للمدعي مبلغاً مقداره عشره آلاف جنيه مصري تعويضاً له عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت به بسبب انحراف الإدارة عن سلطتها وامتناعها عن تجديد بطاقة الضبطية القضائية رغم كفاءته ونزاهته وتميزه وحصوله على تقارير ممتاز طوال مدة عمله واجتيازه أعلى برامج التفيش والرقابة الميدانية وألزمتها أيضاً المصروفات.

وأكدت المحكمة على أن الاضطهاد الوظيفى أحلك أنواع انحراف المدير الإدارى بالسلطة يوجب إبطال عمله والتعويض عنه، وحددت (5) قواعد لمواجهة انحراف المدير الإدارى بالسلطة : 1- الاضطهاد الوظيفى ينتج عن تظاهر المدير الإدارى المنحرف بسلطته باحترام القانون مع تعمده مخالفته 2- غمط الحقوق أوالتنزيل من الوظيفة أواستبعاد المتطلعين للترقية دون سبب وسائل مستترة للانحراف بالسلطة 3- الانتقام من المرؤوس لتميزه أو محاباة آخر أقل كفاءة على حسابه أوعرقلة مسيرته الوظيفية انحراف وظيفى يتعلق بنفسنة وسلوكيات صاحب السلطة الوظيفية 4- إنصاف ضحايا إساءة استعمال السلطة بإلغاء القرار الجائر وتعويضهم مساعدة نفسية واجتماعية ترفع الإيذاء عن اعتلال صحتهم البدنية والنفسية 4- التعويض عن الأذي النفسي للشعور والإحساس بالظلم والاضطهاد أمام الزملاء والأسرة والمجتمع جبراً للضرر.


وتعود قصة قضية الاضطهاد الوظيفى عندما تقدم المدعى (أ.ع.س) بالحضور فى جلسة المحكمة المكتظة بالمتقاضين ووقف أمام القاضى المصرى الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة قائلا : "سيدى القاضى أنا أعمل بوظيفة مفتش تموين أول بإدارة تموين الإسكندرية وعند تجديد كارنيه الضبطية القضائية الجديد ذات الرقم الكودي فوجئت باستبعادى من المدير الإدارى من استخراج الكارنيه رغم أنى مفتش تموين أول وأحمل كارنيه بصفة الضبط القضائي القديم خلال مباشرتى لعملي على أكمل وجه في التفتيش والرقابة علي المحال العامة والمخازن والمصانع والمخابز وجميع تقاريري فى سنوات حياتي ممتاز واجتزت أعلى برامج التفتيش والرقابة وحرموني من بطاقة الضبطية القضائية !ومن المكافآت المقررة عن تحرير المحاضر للمخالفين! عشان كدة أقمت القضية ضد وكيل وزارة ال تموين بالإسكندرية ومحافظ الإسكندرية ووزير ال تموين وكلى أمل في عدلك وإنصافك".

قالت المحكمة برئاسة القاضى المصرى الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة إن الاضطهاد الوظيفى أحلك أنواع انحراف المدير الإداري بالسلطة يوجب إبطال عمله والتعويض عنه وأن إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها من العيوب القصدية فى السلوك الإداري قوامها أن يكون لدى صاحب السلطة الوظيفية القصد والنية والإرادة والوعي لإساءة استعمال سلطته أو الانحراف بها بأن يتظاهر باحترام القانون مع تعمده مخالفته أو يتنكب وجه المصلحة العامة التى يجب أن تتغياها طبيعة وظيفته فى إصدار القرارات أو أن تكون قد صدرت منه ببواعث شخصية لا تمت للمصلحة العامة فى شئ ، ومن صورها الانتقام من شخص المرؤوس لتميزه أو محاباة آخر أقل كفاءة على حسابه ، أو عرقلة مسيرته الوظيفية نحو التقدم , ومن ثم فإن هذا العيب يتعلق بنفسنة وسلوكيات صاحب السلطة الوظيفية يجب أن يقوم الدليل عليه لخطورته , وحينئذ يتوجب إلغاء القرار الإدارى المعتور بعيب جسيم والتعويض عنه كذلك .

وأضافت المحكمة أن رقابة القاضى الإداري أضحت منبسطة على كافة المنازعات الإدارية للتأكد مما إذا كانت القرارات المتعلقة بمظاهر الحياة الوظيفية للموظف العام قد صدرت من الجهة المختصة في حدود السلطة المخولة لها لا تحركها سوى أهداف الصالح وحسن التنظيم المرفقي المبرر لإعادة توزيع عمال المرافق العامة أو ما إذا كانت الجهة الإدارية ترمي من وراء إصدارها إلى غمط حقوق أصحاب الشأن من العاملين بإلحاقهم بوحدات إدارية للتنزيل من وظائفهم أو التوهين من مراكزهم أو استبعادهم من دائرة المتطلعين للترقية أو زعزعة الثقة في قدرتهم على الاضطلاع بوظائفهم تجاه المجتمع أو حرمانهم دون وجه حق من مزايا الوظيفة أو محاباة غيرهم بالمخالفة لعنصر الكفاءة الدستورى وفي هذه الأحوال يكون قراراتها معدومة الأثر لكونها وسيلة مستترة للإضرار بأصحاب الحقوق.


وأشارت المحكمة إلى أن انعدام السبب المعقول المبرر للقرار الإداري وانطواء تصرف الإدارة على تمييز البعض على حساب البعض الآخر دون مسوغ مقنع من الصالح العام هو صورة من صور الانحراف بالسلطة ويتعين إنصاف ضحايا إساءة استعمال السلطة برد الحق عن طريق إلغاء القرار الجائر الناجم عن انجراف المدير الإداري بالسلطة والحصول على تعويض للمضارين كمساعدة مادية وظيفية ونفسية واجتماعية ترفع الإيذاء الذى وقع على الموظف وإصابته باعتلال صحته البدنية والنفسية نتيجة للانحراف بالسلطة الذي يعد ضـرباً مـن ضروب المخالفة العمدية القانون مع التظاهر باحترامه، ومن أخطر العيوب التي تشوب العمل الإداري وأكثرها إضراراً بمصلحة المرفق ذاته بحسبانها من العيوب الخفية التي يستهدفها الشخص الإداري في نطاق الوظائف المسندة إليه، مما يستوجب على القاضي الإداري التوغل في رقابة المشروعية على العمل الإداري للتوصل عن كشف الغرض الذي يصبو إليه الشخص الإدارى المنحرف بسلطته في نطاق المهام المسندة إليه، والذي يفترض فيه أن يجسد المصلحة العامة من وجهة نظر القانون وليس من وجهة نظره الشخصية حتى يتحقق حسن سير المرفق العام بانتظام واطراد.

وأوضحت المحكمة أن الثابت بالأوراق أن المدعي يشغل وظيفة مفتش تموين أول بمديرية ال تموين والتجارة الداخلية بالإسكندرية وجميع تقارير كفايته طوال سنوات عمره الوظيفى بدرجة ممتاز وقد أجتاز بنجاح برنامج التفتيش والرقابة بمركز التدريب بمديرية التنظيم والإدارة وهو من مأموري الضبط القضائي بحكم أعمال وظيفته طبقاً لأحكام المرسوم بقانون الخاص بشئون ال تموين الذين يحملون بطاقة الضبطية القضائية وقد امتنعت الجهة الإدارية عن منحة البطاقة الجديدة ذات الرقم الكودي الصادر بها المنشور الوزاري دون مسوغ قانوني ودون إبداء أيه أسباب ,ولم يثبت في حق المدعي ثمة تقصير أو إهمال في أداء أعمال وظيفته وخلت الأوراق من أى دليل ينال من نزاهته وحياده في مباشرته لأعمال الضبط القضائي ومن ثم يكون قرارالإدارة مشوباً بعيب إساءة استعمال السلطة والانحراف بها بغرض تمييز بعض الموظفين علي حساب البعض الآخر منهم وإهدار مبدأ المساواة بين أصحاب المراكز القانونية المتماثلة مما يستنهض ولاية هذه المحكمة في إلغاء القرار الطعين وإلزام مديرية ال تموين بالإسكندرية بمنح المدعي بطاقة الضبطية القضائية الجديدة ذات الرقم الكودي استبدالاً لبطاقته القديمة وما يرتبط بذلك من صرف الحوافز والمكافآت والمزايا المالية الأخرى المقررة لزملاء المدعي من مأموري الضبط القضائي اعتبارا من تاريخ منح هؤلاء الزملاء البطاقات الجديدة .


وانتهت المحكمة أن ركن الخطأ في جانب الجهة الإدارية ثابت في حقها يقيناً بثبوت عدم مشروعية القرار المطعون فيه ومخالفته أحكام القانون وهذا الخطأ أصاب المدعي بأضرار مادية تمثلت في حرمانه من بطاقة الضبطية القضائية الجديدة وحرمانه من الحوافز والمكافآت والمزايا المالية المقررة لمأموري الضبط القضائي بالمديرية من الذين منحت لهم تلك البطاقات , فضلاً عما لحق به من أضرار أدبية تمثلت فيما أصابه من أذي نفسي يمس شعوره وإحساسه بالظلم والاضطهاد بين زملائه في العمل وكذلك أمام أفراد أسرته والمواطنين من أفراد المجتمع , وكذلك ما تكبده من جهد ونفقات وتكاليف قضائية في سبيل الحصول علي حقه أمام القضاء , وهذا الأمر تقدره المحكمة إجمالاً بمبلغ عشرة آلاف جنيه مصري لا غير .

أضف تعليق

حظر الأونروا .. الطريق نحو تصفية القضية الفلسطينية

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2