حكم نهائي سابق: مصر الحضارة احترمت حقوق الموتى ولو كانوا من اليهود

حكم نهائي سابق: مصر الحضارة احترمت حقوق الموتى ولو كانوا من اليهود الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي

مصر14-5-2022 | 15:33

بعد أن اعتدت قوات الاحتلال الإسرائيلى على موكب تشييع جنازة الصحفية الفلسطينية شيرين أبوعاقلة، ومنعت إخراج جثمانها من المستشفى الفرنسى ب القدس المحتلة سيرًا على الأقدام، وإصابة عدد من المشاركين بالاختناق، كشف حكم قضائي نهائي سابق للمحكمة الإدارية العليا باعتبار الطعن كأن لم يكن فى الحكم التاريخى الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية دائرة البحيرة برئاسة القاضى المصري الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة يؤكد أن مصر الحضارة تحترم حقوق الموتى ولو كان يهوديا، برفض نقل رفات رجل دين يهودي إلى إسرائيل لأن الإسلام ينبذ نبش قبور الموتى ويحترم الأديان السماوية.

ورفض طلب إسرائيل المبدى لمنظمة اليونسكو لنقل رفاته إلى القدس لأن القدس أرض فلسطين العربية وإلغاء الاحتفالية التى كانت تقام له سنويا فى مصر ويحضرها يهود العالم وذلك بصفة نهائية لتعارضها من وقار الشعائر الدينية وطهارتها.

وقالت المحكمة كلمات من ذهب للقاضي المصري الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة إن الإسلام يتخذ موقفاً متسامحاً تجاه الأديان الأخرى ليرسخ مبادئ العدل والمساواة والتكافل الاجتماعي بين الناس حيث يحترم الإسلام الكتب السماوية والرسل، ولما كانت الطوائف غير الإسلامية من أهل الكتاب تتمتع فى مصر من قديم الزمان بحرية واحترام كيانها الديني إذ بلغت الطوائف غير الإسلامية شأناً عظيماً في مصر فى مجال الحقوق والحريات العامة وحرية العقيدة في إطار من النظام العام المصري لم تبلغه تلك الطوائف غير الإسلامية فى أية أمة من الأمم، ولا حتى فى تلك الأمم الأوروبية العريقة فى أكثر النظم ديمقراطية فى العالم وأكثرها تشدقا بها.

وأضاف القاضي المصري في حكمه القضائي أنه لما كانت مصر مهد الدين وراية مجد الأديان السماوية، وكان الإسلام الذي هو دين الدولة المصرية بمبادئ الشريعة الغراء التي عدها المشرع الدستوري المصدر الرئيسى للتشريع، يحترم الأديان السماوية ويحترم موتاهم وينبذ نبش قبورهم بما يحمله ذلك من سماحة وسلام أرسى دعائمها رسول الإنسانية محمد عليه الصلاة والسلام – الذي بعث للناس كافة ليتمم مكارم الأخلاق – بقوله: "من أذى ذميا فأنا خصيمه يوم القيامة "رواه مسلم" .

كما أنه عندما مرت جنازة على الرسول الكريم فوقف احتراماً لها، فإذ بأحد الصحابة يقول له: "إنها جنازة يهودي" فقال الرسول الكريم :"أليست نفساً". وهذا له دلالته الساطعة على أن الإسلام يسوى بين الموتى حينما وقف رسول الرحمة المهداة للعاملين احتراماً لروح غير مسلم تصعد لبارئها، وبغض النظر عن ديانة صاحبها، فضلا عن أن الإسلام أمر بحسن معاملة الطوائف غير الإسلامية من أهل الكتاب وعدم الإساءة إليهم وألا يضاروا فى أنفسهم أو أموالهم، وآية ذلك أنه في عهد خليفة المسلمين الفاروق عمر بن الخطاب حينما فتح "بيت المقدس" أعطى لأهل الكتاب أماناً لأنفسهم وصلبانهم وكنائسهم لا تسكن كنائسهم ولا ينتقص منها ولا من حيزها ولا من صليبها ولا يضارون في أنفسهم أو أموالهم.

وأشارت المحكمة إلى أنه بعقد المقارنة بين الفقة والقضاء فى كل من فرنسا ومصر بصدد النظام القانونى للجبانات والمقابر وما ينتظمها من حقوق فإن الفقه فى فرنسا ينظر إلى الجبانات والمقابر على أنها تراخيص لها صفة العقود الإدارية، وتتسم بطابع الاستقرار التراخيص الخاصة بشغل مساحات محدودة من أراضي الجبانات لإقامة مدافن أو أحواش عليها، ويذهب القضاء الفرنسى إلى أن حق المرخص له فى الانتفاع بجزء من أراضي الجبانات هو حق عيني عقاري موضوعه الانتفاع بالجزء المخصص في الأغراض المحددة في التراخيص، بمراعاة أن رغبة الأسرة هي أن يستقر موتاهم في المكان الذي خصص لهم.

أما فى مصر فإن الترخيص بمثل هذا النوع من الانتفاع يرتبط باعتبارات ومعتقدات دينية وأعراف مقدسة عميقة الجذور في نفوس الكافة منذ فجر التاريخ باعتبار أن القبر هو مأوى المرء بعد مماته وداره التى يواري فيها بعد انتهاء رحلته الدنيوية، كل ذلك أضفى على التراخيص بشغل أراضي الجبانات فى مصر منذ وجدت طابعاً من الثبات والاستقرار لا يزحزحه إلا إنهاء تخصيص المكان للدفن وقلما يتم ذلك إلا فيما يتعلق بالجبانات التى بطل الدفن فيها ودست معالمها.

وانتهت المحكمة أن المطالبة بنقل رفات حاخام يهودي من مصر إلى إسرائيل يتعارض مع سماحة الإسلام ونظرته الكريمة لأهل الكتاب واحترام قبور موتاهم بحسبانها مأوى المرء أياً كانت ديانته بعد مماته وداره التى يوارى فيها بعد خلاص حياته الدنيوية، دون الاستجابة للطلب الإسرائيلى المبدي لمنظمة اليونسكو بنقل رفات الحاخام اليهودى أبو حصيرة من مصر إلى القدس لأن الأرض – القدس - محل الطلب الإسرائيلى لنقل رفات الحاخام اليهودى إليها هي أرض مغتصبة من سلطة الاحتلال الإسرائيلي والأرض المحتلة لا ترد عليها تصرفات الدولة الغاصبة ولا تدخل في سيادتها ولا يكسبها ذلك حقا مهما طال الزمان ولا يجوز – والحال كذلك – نقل الرفات إليها طبقا للقانون الدولي والقانون الدولي الإنسانى واتفاقية جنيف الرابعة واللائحة المتعلقة بقوانين وأعراف الحرب البرية لاهاى باعتبار أن القدس أرض مغتصبة من سلطة الاحتلال الإسرائيلى والأرض المحتلة لا ترد عليها تصرفات الدولة الغاصبة ولا تدخل فى سيادتها ولا يكسبها ذلك حقا مهما طال الزمان.

أضف تعليق

الاكثر قراءة

تسوق مع جوميا