نظم مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، اليوم الثلاثاء، صالونه الثقافي الرابع عن الثقافة الأسرية وأثرها على الفرد والمجتمع (التنشئة المتوازنة)، ناقش خلاله أهم الأفكار والمقترحات التي تسهم في معالجة قضايا الأسرة المصرية، وذلك بحضور أ.د محمد المهدي، أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر، والدكتورة خضرة سالم، عضو مجلس الشيوخ، والدكتور أسامة الحديدي، المدير التنفيذي لمركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، وأدار النقاش الأستاذ أشرف عبد الحليم، المذيع بالتلفزيون المصري.
وخلال كلمته بالصالون الثقافي، قال الدكتور محمد المهدي، إن الأسرة لها شأن عظيم في الإسلام وقد اهتمت تعاليم الدين الإسلامي السمحة بالمفاهيم الأسرية وعلاقة الاحترام المتبادل بين أفراد الأسرة الواحدة، وقد أكد رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم على أهمية رعاية الأسرة ومكانتها في بناء المجتمع في حديثه الشريف قائلًا: "كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالْأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ، وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ"، مؤكدًا أن الظروف المجتمعية التي نعيشها في واقعنا المعاصر أوجدت تحديات تربوية كبيرة أمام الآباء والأبناء، وتسببت وسائل التواصل إلى قطع التواصل بين أفراد الأسرة، بما أسهم في خلق تباعد فكري بين أفرادها.
وأشار الدكتور المهدي إلى أنه لم يعد الأب والأم هم المربيين الحصريين لأبنائهم؛ بل أصبح الأبناء يتأثرون بالرسائل التي تأتي إليهم من وسائل التواصل الاجتماعي، أكثر من الرسائل التربوية الموجهة إليهم من الأب والأم، موضحًا أننا نحتاج إلى تشكيل ثقافة أسرية منهجية مكتسبة من تجارب علمية متكاملة، وذلك من خلال وضع مناهج تربوية وتعليمية تواكب تطورات ومجريات العصر، مشددًا على أهمية أن يكون هناك توازنا في التنشئة الأسرية بين الوالدية الراعية والوالدية المربية، وتوازن بين الإشباع وبين الحرمان، وتوازن بين المبادئ المثالية والتنشئة، مؤكدا أن هذا التوازن هو العنصر الذهبي في التربية، وبدون هذا التوازن تختل التربية، ويبتعد الأبناء عن أباءهم.
وفي ذات السياق أكدت الدكتورة خضرة سالم، أن الثقافة الأسرية هي عادات وتقاليد يكتسبها الطفل عن طريق الأسرة، موضحة أن غياب التشاور بين الزوجين تسبب في تفكك الأسرة وضياعها، مشددة على أهمية أن يكون الآباء والأمهات قدوة لأبنائهم من خلال تنمية الحوار والتفاهم فيما بينهم، وتنمية القيم النبيلة داخل نفوس أطفالهم، فضلا عن أهمية تضافر الجهود مجتمعيًا وعلميًا وثقافيًا لتحقيق الوعي التربوي لدى الأسرة بما يسهم في بناء أسرة قوية تسهم في بناء مجتمع متحضر .
من جانبه أوضح الدكتور أسامه الحديدي، أن مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية يهدف من خلال برنامج التوعية الأسرية الذي ينفذه بالتعاون مع مؤسسات الدولة، إلى حماية الأسرة المصرية من خطر التفكك والحد من الخلافات بين المتنازعين وحصر ظاهرة الطلاق، ونشر التوعية المجتمعية والأسرية وتأهيل المقبلين على الزواج، والحد من ظاهرة أطفال الشوارع، وما إلى ذلك من المشكلات التي تواجه الأسرة المصرية.
وأشار الحديدي إلى أن البرامج التي يطلقها مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكتروني تعني بتوعية الفرد والأسرة والمجتمع بقيم ومبادئ الأسرة وتماسكها، وتوعية المجتمع بتعاليم الإسلام السمحة، وما يشتمل عليه من تكريم المرأة والحفاظ على حقوقها، ومواجهة العنف الأسري بكلّ أشكاله، فضلًا عن تصحيح المفاهيم الأسرية والاجتماعية الخاطئة والمغلوطة بين فئات المجتمع المتنوعة من طلاب وشباب ومتزوجين وغيرهم، مؤكدًا أن وحدة لم الشمل التي وجه فضيلة الإمام الأكبر بإنشائها؛ قامت بالفصل فيما يقرب من (75.000) حالة من أصل (80,000) حالة نزاع تم تسجيلها على بوابة الأزهر الإلكترونية أو عبر الاتصال الهاتفي المباشر على الخط الساخن لمركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، منها ما كان ماثلا أمام المحاكم في درجات التقاضي المختلفة، ومعظمها قضايا تم الطلاق فيها بالفعل، ومنها قضايا المواريث، حيث تدخل أعضاء الوحدة للم شمل تلك الأُسر بأكثر من طريقة ووسيلة.
ويأتي تنفيذ هذا المشروع في إطار التعاون المثمر بين الأزهر الشريف ومختلف المؤسسات، والمراكز المتخصصة، والهيئات الفاعلة في المجتمع المصري؛ من خلال رؤية معرفية، وخطة تنفيذية واضحة في كافة التخصصات العلمية والدينية والحياتية؛ لتعزيز الوعي المجتمعي، ومواجهة الظواهر السلبية في المجتمع المصري من كافة جوانبها، ومن المقرر أن تبث فعاليات «الصالون» عبر المنافذ الإلكترونية لمركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية.
يذكر أن مشروع مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية «الصالون الثقافي والفكري لمناقشة مشكلات الأسرة المصرية» حلقة جديدة من سلسلة نشاطات وجهود مجتمعية وتثقيفية كبيرة، اضطلع بها المركز منذ إنشائه؛ تحقيقًا لدور الأزهر، ورسالته العالمية.