الحرب الباردة بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي لم تكن نهاية حلقات الصراع الدولي، بل اتخذ التناحر بين القوى الكبرى مسلكًا آخر وصولاً للحرب العالمية الثالثة القائمة بالفعل منذ بداية الألفية الجديدة، ببساطة عليك أن تنظر لخريطة العالم وتحدد نقاط الصراعات والنزاعات والحروب وأيضًا الفوضى لتجد أن الجغرافيا العالمية تمسك بأركانها نيران المدافع وتئن أرضها من قصف الصواريخ والطائرات، يضاف إلى هذا أدوات الحرب الجديدة المتعلقة بالمعارك الاقتصادية والهجمات السيبرانية وصولاً للأسلحة البيولوجية، ثم بعد كل هذا نتحدث عن احتمالية اشتعال حرب عالمية ثالثة! نحن بالفعل فى ذروة الحرب.
تحركات القوى الكبرى الأخيرة تؤكد بالفعل أننا فى ذروة المعركة ونتجه نحو مرحلة الحسم التي سيتبعها تغيير فى شكل المجتمع الدولي، وهذا معتاد بعد نهاية أي من الحروب العالمية، فبعد صراعات نفوذ ممتدة بين تلك القوى اتسعت جغرافيته بداية من أمريكا اللاتينية مرورًا بالشرق الأوسط وإفريقيا وصولاً لبحر الصين الجنوبي وأقصى شرق آسيا، تأتي منطقة شرق أوروبا لتحدد المسافة الفاصلة فى هذه الحرب، حيث تعد الأزمة الأوكرانية هي نقطة التحول الحقيقية نحو العالم الجديد.
خريطة التحالفات القائمة الآن على الصعيد العسكري تشمل بشكل أساسي حلف الناتو فى مواجهة معاهدة الأمن الجماعي ( روسيا بيلا روسيا وأرمينيا وكازاخستان وقرغيزستان وطاجيكستان) وبينهم تسعى أوروبا لتعزيز قوة أوروبية مشتركة تتدخل وقت الحاجة، كما اتجهت الولايات المتحدة لإيجاد مظلة أمنية أخرى لها تحت اسم "كواد" وهو التحالف الرباعي للحوار الأمني ويضم (أمريكا اليابان و أستراليا والهند) بل أوجدت الولايات المتحدة أيضا شراكة أمنية أخرى تحت مسمى "أوكوس" وتشمل (أمريكا بريطانيا أستراليا)، أما على صعيد المواجهة الاقتصادية والتي لا تقل خطورة عن المواجهة العسكرية فتركز روسيا على دول تحالفها الأمني بجانب الصين بينما تعتمد الولايات المتحدة الأمريكية على إنجلترا والشريك الأوروبى، بجانب سعي بايدن فى جولته الآسيوية الأخيرة لتأسيس الاتفاق التجاري الأمريكي الآسيوي الذي يضم 13 دولة فى محاولة لجذب الصين بالتحديد لذروة الصراع عبر إثارة قضية تايوان.
خريطة التحالفات ربما تشير إلى نشاط أكثر للولايات المتحدة الأمريكية فى مقابل الجبهات المقابلة سواء الروسية أو الصينية، لكن هذا ليس مقياسًا فاعلاً لبناء تكهنات تتعلق بمن سيحسم الصراع، لكن من المؤكد أن العالم يتغير.