ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية اليوم الإثنين، أن ألمانيا تُكثف حاليًا إجراءاتها للحفاظ على الغاز الطبيعي وتسعى لتشغيل محطات الطاقة التي تعمل بالفحم وحث الشركات على الحد من استهلاك الغاز، وسط تباطؤ الإمدادات القادمة من روسيا.
واعتبرت الصحيفة -في سياق تقرير نشرته عبر موقعها الرسمي في هذا الشأن- أن جهود برلين في هذا الملف تمثل خطوة تصعيدية في مسار الحرب الاقتصادية بين أوروبا وروسيا؛ حيث كشفت النقاب عن هذه الإجراءات مساء الأمس بعد أن قطعت روسيا إمدادات الغاز عن أوروبا في الأسبوع الماضي ردًا على العقوبات الأوروبية المفروضة ضدها واستمرار تدفق الدعم العسكري لأوكرانيا.
وتهدف هذه الإجراءات، وهي جزء من استراتيجية أوسع بدأت في أعقاب العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا، إلى تقليل استهلاك الغاز وتحويل شحناته إلى منشآت التخزين لضمان أن يكون لدى البلاد احتياطيات كافية لتجاوز فصل الشتاء؛ حيث أثار قرار روسيا التدريجي بوقف إمدادات الغاز شبح نقص محتمل في الوقود إذا دخلت أوروبا في فصل الشتاء بتخزين أقل من المعتاد.
كما أدى الأمر، حسبما أبرزت الصحيفة، إلى ارتفاع الأسعار، ما زاد من الضغط على الاقتصادات التي تعاني بالفعل من ارتفاع معدلات التضخم وزيادة تكاليف الاقتراض وتواجه احتمالية حدوث ركود.
وكانت "جازبروم" الشركة المسئولة عن تشغيل خط أنابيب نورد ستريم، وهي القناة الرئيسية التي تصل الوقود الروسي إلى أوروبا، أعلنت عن انخفاض حاد في إمدادات الغاز، وألقت باللوم في هذا الأمر على عطل في "التوربينات" التي توقفت في كندا بسبب العقوبات. بينما رفض مسئولون ومحللون أوروبيون التعليق.
مع ذلك، قال روبرت هابيك، وزير الاقتصاد الألماني، تعليقًا على الأمر:" من الواضح أن استراتيجية الرئيس فلاديمير بوتين تهدف إلى إثارة قلقنا ورفع الأسعار وتقسيمنا. ونحن لن نسمح بذلك وسنظل ندافع عن أنفسنا بحزم وبدقة مدروسة".
يُشار إلى أن ألمانيا تستورد نحو 35٪ من غازها الطبيعي من روسيا، انخفاضًا من 55٪ قبل الأزمة الأوكرانية، وتستخدم معظمه للتدفئة والتصنيع، وفقًا لتقديرات الحكومة الألمانية، بينما قال هابيك إن توليد الطاقة باستخدام الغاز الطبيعي في العام الماضي شكل حوالي 15٪ من إجمالي الكهرباء العامة في ألمانيا، مضيفًا أن حصة الغاز في إنتاج الطاقة قد انخفضت هذا العام بشكل ملحوظ.
وفي قرار وصفته "وول ستريت جورنال" بأنه "تحولًا عن النهج" لزعيم حزب الخضر الألماني، الذي يدافع عن البيئة ويقوم بحملات للحد من استخدام الوقود الأحفوري، قال هابيك إن الحكومة ستمكّن شركات المرافق من تمديد استخدام محطات الطاقة التي تعمل بالفحم. وهذا من شأنه أن يضمن ل ألمانيا مصدر بديل للطاقة ولكن قد يؤخر جهودها لخفض انبعاثات الكربون في الوقت نفسه.
وأضاف: أن الحاجة إلى الاعتماد على الفحم مريرة، لكن في الوقت الراهن، من الضروري تقليل استهلاك الغاز لضرورة أن تمتلئ المخازن بالغاز بحلول الشتاء، فالأمر يشكل لنا أولوية قصوى..مشيرًا إلى أنه من المتوقع أن تتم الموافقة على التشريع الخاص بعودة استخدام الفحم في 8 يوليو المقبل داخل أروقة مجلس الشيوخ الألماني "البوندسرات"، على أن ينتهي الإجراء في 31 مارس 2024، حيث انه في ذلك الوقت تأمل الحكومة في إيجاد بديل مستدام للغاز الروسي.
وتأتي هذه الإجراءات بالإضافة إلى مجموعة متنوعة من الخطوات التي أعلنت عنها ألمانيا مسبقًا وتهدف إلى تقليل اعتمادها على الغاز الروسي. وبموجب الخطط التي تمت صياغتها في وقت سابق، يمكن للحكومة تقنين استخدام الغاز للمستخدمين الصناعيين في حالة نفادها في الشتاء.