أعلنت وزارة الخارجية أن فعاليات النسخة الثالثة من منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامين، والتي انعقدت بالقاهرة، شددت على ضرورة استمرار إيلاء تحديات السلم والتنمية في إفريقيا أولوية متقدمة لدى المجتمع الدولي، خاصةً في ظل المخاطر المتتالية والأزمات المتداخلة التي تواجه القارة، وعلى رأسها أزمة الغذاء العالمي وتغير المناخ، فضلاً عن استمرار تأثير تداعيات جائحة كورونا وظاهرة التطرف والإرهاب.
وذكرت وزارة الخارجية في بيان، اليوم الجمعة، أن النسخة الثالثة، التي عقدت بالقاهرة، يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين، استهلت أعمالها برسالة مسجلة من الرئيس عبد الفتاح السيسي، تلتها رسالة من كل من سكرتير عام الأمم المتحدة ورئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي.
وأضافت أنه حضر الفعاليات وزراء وكبار مسؤولين من مصر وإفريقيا وعلى رأسهم من الدول الإفريقية وزيرة خارجية السنغال التي تترأس بلادها حالياً الاتحاد الإفريقي، فضلاً عن وزيري زراعة كوت ديفوار وبناء السلام بجنوب السودان، وذلك بالإضافة إلى وفد من كبار مسئولي الاتحاد الإفريقي برئاسة مفوضة الزراعة والبيئة المستدامة، وكذلك من الأمم المتحدة ممثلة في الدكتورة غادة والي مدير مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، كما شارك مسؤولون من المنظمات والتجمعات الإفريقية ومؤسسات التمويل الدولية والإقليمية والمنظمات الدولية، فضلاً عن ممثلين من المجتمع المدني ومراكز الأبحاث والقطاع الخاص.
وأوضحت أن الحوارات التي دارت خلال المنتدى ساهمت في التأكيد على أهمية الدفع قدماً بأجندة التعاون بين الدول الإفريقية في عدد من المجالات، من خلال تبادل الخبرات واستخلاص الدروس المستفادة من تجاربها، والعمل على تطوير استجابات إفريقية شاملة للمخاطر والأزمات المتشابكة تعزز الملكية الوطنية.
وتابعت الخارجية أن النسخة الثالثة من المنتدى تناولت تداعيات تغير المناخ على جهود تحقيق السلم والأمن والاستقرار في إفريقيا، وجرت مناقشة متعمقة حولها في جلسات المنتدي ركزت على سبل تعزيز العلاقة بين تدابير التكيُف مع تغير المناخ وبناء السلام وكيفية تطوير حلول طويلة الأجل لمسألة النزوح نتيجة للتغيرات المناخية والتصدي لآثار تغير المناخ على نظم الأمن الغذائي والمائي والطاقة.
وأشارت إلى أنه تم التأكيد خلال المناقشات على أهمية تنفيذ الالتزامات الدولية، بما في ذلك تقديم الدعم اللازم للدول الإفريقية للتصدي لتغير المناخ، وخاصة مضاعفة التمويل في مجال التكيُف.
ولفتت وزارة الخارجية إلى أن النسخة الثالثة كانت محطة مهمة على طريق انعقاد الدورة 27 لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ "كوب 27" بشرم الشيخ في نوفمبر القادم، حيث سيتم النظر في ضوء المناقشات التي تمت خلالها في كيفية تعزيز تناول موضوعات تغير المناخ والسلم والتنمية وفقاً للأولويات الإفريقية.
وأوضحت الخارجية أن جهود مكافحة الإرهاب تصدرت جدول أعمال المنتدى باعتبار أنها تأتي على رأس القضايا التي تواجه القارة الإفريقية على الصعيد الأمني، واستنادًا إلى التجربة المصرية الناجحة في هذا المجال.
وفي هذا السياق، تم إطلاق تقرير رائد أعده مركز القاهرة الدولي لتسوية النزاعات وحفظ وبناء السلام، بصفته سكرتارية المنتدى، حول التحديات الراهنة التي تواجه جهود مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف في نيجيريا في ضوء زيارة ميدانية قام بها فريق من المركز في شهر ديسمبر الماضي، شملت ولاية "Borno" والتي تقف في خط الدفاع الأول في مواجهة كثافة أعداد المنشقين العائدين والسابق انتمائهم لتنظيم بوكو حرام الإرهابي، وتحظى تجربتها في التعامل معهم باهتمام إفريقي ودولي كبير.
وشارك في الجلسة ذات الصلة وفد نيجيري رفيع المستوى ضم حاكم ولاية "Borno" ومسؤولين من الحكومة الفيدرالية، ويعكس التقرير الحرص على متابعة تنفيذ استخلاصات منتدى أسوان المتعلقة بالمقاربة الشاملة للتصدي للإرهاب بشكل عملي والانخراط على أرض الواقع، وبما يسهم في إثراء نقاشات المنتدى.
وقالت الخارجية إن على غرار السنوات الماضية، تطرق منتدى أسوان إلى سبل دفع جهود بناء السلام وإعادة الإعمار والتنمية فيما بعد النزاعات في ضوء ريادة الرئيس عبد الفتاح السيسي لهذا الملف على الصعيد الإفريقي، وإطلاق نشاط مركز الاتحاد الإفريقي ذي الصلة، والذي تستضيفه مصر، في شهر ديسمبر الماضي، وتم في هذا السياق التأكيد على أهمية بناء المؤسسات القادرة على مواجهة المخاطر المتتالية وزيادة التمويل المخصص لبناء السلام بحيث يكون أكثر استدامة.
وأضافت أن النسخة الثالثة تميزت كذلك بمشاركة شبابية واسعة، حيث عقد في إطار المنتدى لأول مرة حوار للشباب يجمع بين شباب إفريقي منخرط في جهود بناء السلام من جانب، وشباب إفريقي يعمل على تنفيذ مبادرات للتصدي لتغير المناخ من جانب آخر، وشهد الحوار نقاشاً ثرياً حول كيفية تعظيم الاستفادة من الخبرات الشبابية في مختلف هذه المجالات، من أجل بلورة استجابات شاملة لتحديات تحقيق السلام والأمن والتصدي لتغير المناخ، تأخذ في الاعتبار احتياجات ومساهمات شباب القارة.
وتابعت أنه من المخطط تقديم أهم الاستخلاصات الصادرة عن هذا الحوار في مؤتمر الشباب "COY17" ثم خلال مؤتمر "كوب 27" بشرم الشيخ.
كما تناولت أعمال النسخة الثالثة العديد من الموضوعات المتصلة بأجندة المنتدى تم مناقشتها في جلسات حول دور المرأة في دعم قدرة المجتمعات الإفريقية على الصمود وتحديات السلم والتنمية في البحر الأحمر، والشراكة بين الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة في عمليات السلام بالتعاون مع منتدى التحديات العالمي والعلاقة بين تغير المناخ والأمن في منطقة الساحل بالتعاون مع المنظمة الدولية للفرانكوفونية، وتعزيز ثقافة السلام في القارة الإفريقية بالتعاون مع بينالي لواندا لثقافة السلام في إفريقيا، الذي تنظمه أنجولا واليونسكو والاتحاد الإفريقي.
وأشارت وزارة الخارجية إلى انضمام شركاء جدد لمنتدى أسوان خلال النسخة الثالثة، وعلى رأسهم الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي، وذلك إلى جانب مجموعة من الشركاء الحاليين للمنتدى تشمل اليابان والسويد والبنك الإفريقي للتنمية كشركاء استراتيجيين، والمنظمة الدولية للهجرة كشريك داعم، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي كشريك مؤسسي، فضلاً عن هيئة الأمم المتحدة للمرأة وشركة تويتر العالمية، بالإضافة إلى عدد من منظمات وبرامج الأمم المتحدة والمحافل الدولية ومراكز الأبحاث ضمن شركاء المعرفة للمنتدى.
من جانبهم، أعرب المشاركون في المنتدى عن تقديرهم لحرص مصر على عقد النسخة الثالثة في هذا التوقيت المهم، وإتاحة هذه المنصة التي أصبحت محطة سنوية مهمة تعزز من أجندة العمل الإفريقي وتساهم في تفعيل التعاون الإفريقي المشترك بين دول القارة.
وذكرت الخارجية أنه من المنتظر أن تتبلور نتائج المنتدى ونقاشاته الثرية في مجموعة من الاستخلاصات التي يتم البناء عليها ومتابعة تنفيذها في إطار دورة العمل المتكاملة التي تتبناها سكرتارية المنتدى، والتي تبدأ فور انتهاء أعمال النسخة الحالية، وذلك حرصا على أن يكون لمخرجات المنتدى أثر ملموس لدفع جهود تحقيق السلام والتنمية في إفريقيا وضمان استدامتهما.