قال الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، إن جبر الخواطر خلق إنسانى رفيع وكريم، لا يتخلق به إلا أصحاب النفوس النقية، يقول الحق سبحانه: "وإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَّعْرُوفًا"، جبرًا لخاطرهم وتطييبًا لنفوسهم، ويقول سبحانه جابرًا لخاطر نبينا -صلى الله عليه وسلم- "وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى".
وأوضح جمعة، أن دعاء النبى -صلى الله عليه وسلم- بينَ السَّجدتينِ فى صلاةِ اللَّيلِ: "ربِّ اغفِر لي وارحَمني واجبُرني وارزُقني وارفَعني"، ويقول سفيان الثورى: "ما رأيت عبادة يتقرب بها العبد إلى ربه مثل جبر خاطر أخيه المسلم"، وقديمًا قالوا: "من سَارَ بينَ النَّاسِ جابرًا للخَواطرِ أدركَه لطف الله فى جَوفِ المَخاطر".
وأشار وزير الأوقاف، إلى أن النبى محمد -صلى الله عليه وسلم- حثنا على الوقوف بجانب الآخرين وجبر خواطرهم فقال -صلى الله عليه وسلم- "مَن نَفَّسَ عن مُسلِمٍ كُرْبةً من كُرَبِ الدُّنيا، نَفَّسَ اللهُ عنه كُرْبةً من كُرَبِ يومِ القيامةِ، ومَن يسَّرَ على مُعسِرٍ، يسَّرَ اللهُ عليه في الدُّنيا والآخِرةِ، ومَن سَتَرَ على مُسلِمٍ، سَتَرَ اللهُ عليه في الدُّنيا والآخِرةِ، واللهُ في عَونِ العَبدِ ما كان العَبدُ في عَونِ أخيهِ".
ولفت إلى أن من أعظم ألوان جبر الخاطر، جبر خاطر المحتاجين والضعفاء حيث جاء أعرابى إلى رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ- فقال: "دلَّني على عملٍ يُدخلُني الجنةَ، قال: أطعمِ الجائعَ واسقِ الظمآنَ وأمرْ بالمعروفِ وانهَ عنِ المنكرِ فإن لم تُطِقْ فكفْ لسانَكَ إلا من خيرٍ"، ويقول نبينا -صلى الله عليه وسلم- "أحبُّ الناسِ إلى اللهِ أنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، وأحبُّ الأعمالِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ سُرُورٌ يدْخِلُهُ على مسلمٍ، أوْ يكْشِفُ عنهُ كُرْبَةً، أوْ يقْضِي عنهُ دَيْنًا، أوْ تَطْرُدُ عنهُ جُوعًا، و لأنْ أَمْشِي مع أَخٍ لي في حاجَةٍ أحبُّ إِلَيَّ من أنْ اعْتَكِفَ في هذا المسجدِ، يعني مسجدَ المدينةِ شهرًا، ومَنْ كَفَّ غضبَهُ سترَ اللهُ عَوْرَتَهُ، ومَنْ كَظَمَ غَيْظَهُ، ولَوْ شاءَ أنْ يُمْضِيَهُ أَمْضَاهُ مَلأَ اللهُ قلبَهُ رَجَاءً يومَ القيامةِ، ومَنْ مَشَى مع أَخِيهِ في حاجَةٍ حتى تتَهَيَّأَ لهُ أَثْبَتَ اللهُ قَدَمَهُ يومَ تَزُولُ الأَقْدَام".
كما نهانا ديننا الحنيف عن كسر خاطر اليتيم والمسكين أو غيرهما، فيقول الحق سبحانه: "وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ".
وإذا كان جبر الخاطر مطلوبًا فى كل وقت وحين فإنه فى الأيام المباركة أعظم أجرًا، وها نحن فى أيام مباركة فى شهر من الأشهر الحرم وهو شهر ذو القعدة، وعلى مشرفة أيام قريبة منا هى العشر الأول من ذى الحجة، فيقول نبينا -صلى الله عليه وسلم- "ما مِن أيَّامٍ العملُ الصَّالحُ فيها أحبُّ إلى اللَّهِ من هذِهِ الأيَّام يعني أيَّامَ العشرِ، قالوا: يا رسولَ اللَّهِ، ولا الجِهادُ في سبيلِ اللَّهِ؟ قالَ: ولا الجِهادُ في سبيلِ اللَّهِ، إلَّا رَجلٌ خرجَ بنفسِهِ ومالِهِ، فلم يرجِعْ من ذلِكَ بشيءٍ"، والعمل الصالح للحاج وغيره كثير ومتسع، ومن أولوياته جبر الخواطر، سواء بصلة الأرحام، أم بإطعام الفقراء والمساكين والتوسعة عليهم في هذه الأيام، أم بالاستعداد لشعيرة الأضحية التى هى أفضل أعمال يوم النحر، حيث يقول -صلى الله عليه وسلم- "ما عمل ابن آدم من عمل يوم النحر أحب إلى الله من إهراق الدم، وإنه ليؤتى يوم القيامة، بقرونها وأشعارها وأظلافها، وإن الدم ليقع من الله بمكان قبل أن يقع بالأرض، فطيبوا بها نفسا".
وأكد أن الأضحية كما يمكن أن يقوم بها الإنسان بشكل مباشر، فإنه أيضًا يمكن أن يقوم بها من خلال صكوك الأضاحى، مع ما تحققه صكوك الأضاحى من تعظيم لمقاصد الأضحية، بتوزيعها على مستحقيها الحقيقيين أينما كانوا، وما يحققه مشروع صكوك الأضاحى من الحفاظ على البيئة، والاستفادة بكل جزء من أجزاء الأضحية دون هدر أو فاقد.