تتجه العديد من الدول العربية لتفعيل آلية "الحوار الوطني"؛ لتجاوز الإشكاليات الانتقالية التي لا يزال يشهدها بعضها، أو تعزيز الاستقرار ومواجهة التحديات المتزايدة فى دول أخرى تجاوزت بالفعل هذا الانتقال خلال السنوات الماضية، ويُنظر إلى دعوات "الحوار الوطني"، والتي تبنتها دول مثل تونس والسودان و ليبيا ومصر ودول أخرى، كإطار تنسيقي جامع للفاعلين فى قضايا الداخل؛ بهدف التشاور والوصول إلى خريطة عمل داعمة لمسارات الإصلاح ومعالجة الأزمات القائمة.
وسبق وأعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال حفل إفطار الأسرة المصرية فى شهر رمضان الماضي، إطلاق حوار وطني يجمع القوى والتيارات السياسية الحزبية والشبابية؛ لبحث أولويات العمل الوطني خلال المرحلة الراهنة، كما وجه برفع نتائج الحوار الوطني إليه، ووعد بحضور المراحل النهائية من جلساته.. وحددت "الأكاديمية الوطنية للتدريب"، التابعة لرئاسة الجمهورية، الأسبوع الأول من شهر يوليو موعدًا لانطلاق أولى جلسات هذا الحوار.
وفى السودان انطلقت دعوات للحوار بين القوى السودانية، فى مطلع عام 2022، برعاية "الآلية الثلاثية" التي تضم الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي ومنظمة (إيجاد)؛ بهدف تجاوز الأزمة السياسية فى البلاد منذ أكتوبر 2021، كما صدرت دعوات للحوار الوطني فى ليبيا، ومنها ما أعلنه رئيس حكومة الاستقرار الوطني التى تحظى بثقة البرلمان، فتحي باشاغا، فى 2 مايو الماضي؛ للتواصل المباشر مع الأطراف كافة، والوصول إلى توافق وطني حقيقي.
وفى تونس شكّل الرئيس التونسي - قيس سعيد- لجنة مكلفة بإدارة الحوار الوطني، تنفيذًا لمبادرته بإطلاق حوار بمشاركة الشباب؛ تمهيدًا لتنظيم استفتاء على دستور جديد فى 25 يوليو، بهدف الخروج من الأزمة السياسية التي تعاني منها البلاد.
وتركز دعوات الحوار الوطني فى عدد من الدول العربية على أهداف محددة تتمثل فى تحقيق التوافق وإيجاد مخرج للأزمات التى تستهدف أمن واستقرار البلاد.. والتمهيد لإعادة تهيئة المجال العام سياسيًا واقتصاديًا، وتأسيس "الجمهوريات الجديدة".
وفى تقديرى إن مصر قد أعدت خريطة واضحة للحوار المستهدف والفئات المدعوة إليه، وقد تشكل آلية الحوار الوطني فرصة لتجاوز الأزمات التي تعاني منها بعض دول الشرق الأوسط، وهو ما يجعل من الأهمية بمكان استشراف المسارات المحتملة لهذه الآلية، وما قد تتيحه من فرص للنجاح كما رصدت بعض الأبحاث ظاهرة للتهدئة فى التعامل بين الدول المختلفة خاصة الجوار العربى.
إجمالاً يمكن القول إن دعوات الحوار الوطني المتزايدة فى دول الشرق الأوسط، وهي فى الغالب دول عربية، منذ بدايات العام الجاري؛ تعكس رغبة بعض هذه الدول والحكومات فى التصدي للأزمات السياسية والاقتصادية المختلقة، وتعزيز التماسك المجتمعي لديها، وتحقيق مستويات متقدمة من الاستقرار.