بعد قانون حظر الأونروا .. إسرائيل "تغتال" الأمم المتحدة !

بعد قانون حظر الأونروا .. إسرائيل "تغتال" الأمم المتحدة ! الكنيست الإسرائيلى

فى سابقة هي الأولى من نوعها فى تاريخ الأمم المتحدة، وخطوة وصفتها صحيفة «الجارديان» البريطانية بتصرفات دولة مارقة، أقر الكنيست الإسرائيلى بالإجماع حظر أنشطة وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين المعروفة اختصارًا باسم « الأونروا » ومصادرة مقرها الرئيسى فى القدس، كما أخطرت إسرائيل الأمم المتحدة بإلغاء الاتفاق الذى يُنظّم عمليات وكالة «الأونروا» فى إسرائيل والضفة الغربية و قطاع غزة .

الإجماع الإسرائيلى على طرد الأونروا ، قوبل بإجماع دولى على تأييد ودعم الأونروا، الأمر الذى أثار التساؤلات حول مدى قدرة الأمم المتحدة على حماية مؤسساتها؟! وما إذا كانت هناك بدائل أخرى للحركة أمام المنظمة الأممية ؟!

وقوبل التشريع الذى أقره الكنيست الإسرائيلى ، بالقلق الشديد فى مجلس الأمن الدولى التابع للأمم المتحدة، وقال المجلس فى بيان تبناه بالإجماع، إنه «يحذر بشدة من أى محاولات لتفكيك أو تقليل» عمليات «الأونروا» وتقويضها.

وأكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، أن الحظر الإسرائيلى على «الأونروا»، إذا تم تنفيذه، سينتهك القانون الدولى وميثاق الأمم المتحدة واتفاقية امتيازات وحصانات الأمم المتحدة لعام 1946.

وبعث جوتيريش برسالة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو معبرا عن مخاوفه، وكتب الأمين العام للأمم المتحدة أن المادة الثانية من ميثاق الأمم المتحدة التأسيسى تلزم إسرائيل «أن تقدم للأمم المتحدة كل المساعدة» فى عملها، ولفت إلى وجود خلاف فى تفسير أو تطبيق الاتفاقية بين الأمم المتحدة وإسرائيل، وأن مثل هذه الحالات يمكن إحالتها إلى محكمة العدل الدولية.

وأصدر وزراء خارجية سبع دول هى: أستراليا، وفرنسا، وألمانيا، واليابان، وكندا، وكوريا الجنوبية، وبريطانيا، بياناً قالوا فيه: «بدون عمل الأونروا، فإن تقديم المساعدات والخدمات، سيُعرقل إن لم يصبح مستحيلاً، مع ما يترتب على ذلك من عواقب وخيمة على الوضع الإنسانى الحرج بالفعل والمتدهور بسرعة، لا سيما شمال غزة».

من جانبه، أكد المدير العام لـ « منظمة الصحة العالمية » تيدروس جيبريسوس، «أن الأونروا منظمة لا يمكن للشعب الفلسطينى الاستغناء عنها»، ولم يختلف الناطق باسم الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر عن الآراء السابقة، وقال إن أونروا تلعب «دورًا لا غنى عنه الآن فى غزة، ولا يوجد أحد يستطيع أن يحل محلها الآن فى خضم الأزمة».

وقال المجلس النرويجى للاجئين، إن حظر إسرائيل لوكالة غوث وتوظيف اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» إجراء اتخذه متطرفون بالكنيست، وسيؤدى إلى شل عمل كل المنظمات هناك، مؤكدًا أن حظر الوكالة الأممية يعنى تخريب أعمال الإغاثة الأخرى، الأمر الذى قد يؤدى إلى موت جماعى للفلسطينيين. وأعلنت النرويج أنها ستتقدم بمشروع قرار إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة لطلب رأى محكمة العدل الدولية بشأن التزامات إسرائيل.

وأكد خبراء فى القانون الدولى، أن تمرير هذا القانون الإسرائيلى يعتبر سابقة خطيرة وتعديًا على الأمم المتحدة ووكالاتها وميثاقها، بما فى ذلك المادتان (2) و(105)، واعتداءً على الأعراف والاتفاقيات الدولية، خاصة اتفاقية جنيف الرابعة، وانتهاكًا لقرارات الجمعية العامة ذات الصلة بحصانات وحماية المنظمات الدولية، بما فيها قرار تأسيس الأونروا رقم 302 وفق المادة (17)، وهى سابقة لم تحدث فى تاريخ الأمم المتحدة منذ أُنشِئت فى عام 1945، حيث لم يسبق أن اتُّخذ إجراء مماثل بحق أى منظمة أممية تعمل فى أى من الدول، وبالأخص أكبر منظمة أممية أسستها الجمعية العامة للأمم المتحدة قبل 75 عاما، وتقدم خدماتها لأكثر من 6 ملايين لاجئ فلسطينى مسجل فى مناطق عملياتها الخمس: الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وقطاع غزة، والأردن، وسوريا، ولبنان.

إضافة إلى أن قرار الحظر اتُخذ فى منطقة مصنفة وفق القانون الدولى بأنها محتلة، ولا يوجد أى معنى أو اعتراف للسيادة الإسرائيلية عليها، وبالتالى، يعتبر قرار الحظر مخالفة لقرار مجلس الأمن الدولى رقْم 2730 الصادر بتاريخ 24 مايو 2024، الذى يلزم دولة الاحتلال الإسرائيلى باحترام وحماية المؤسسات الأممية وحماية العاملين فيها.

كما أن قرار الحظر يتعارض مع قرار محكمة العدل الدولية وفتواها القانونية الصادرين فى 19 يوليو 2024، واللذين أكدا أنه لا سيادة لإسرائيل على الأراضى الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس، وهى جزء من مناطق عمليات الأونروا.

وعلى الرغم من حالة الاستهجان العالمى بشأن سعى دولة عضو فى الأمم المتحدة لتفكيك إحدى أذرع المنظمة الدولية، إلا أن القرار الإسرائيلى لم يكن مفاجئاً، على الأغلب، حتى لأونروا، فعلى مدى سنوات، واجهت الوكالة الأممية حالة من التضييق الإسرائيلى فى محاولة لتفكيكها، وفى إطار تصفية القضية الفلسطينية، لا سيما على مستوى اللاجئين، وفق مسئولين أمميين وفلسطينيين، حيث تزعم إسرائيل بأن موظفين فى الأونروا ساهموا فى هجوم «طوفان الأقصى» فى 7 أكتوبر 2023، وأن «جهاز التربية التابع للوكالة يدعم الإرهاب والكراهية»، وقد نفت الأونروا صحة ادعاءات إسرائيل، وأكدت الأمم المتحدة أن الوكالة تلتزم الحياد وتركز حصرا على دعم اللاجئين، وشددت على أنه لا يمكن لمنظمة أخرى القيام بمهام «أونروا».

ولطالما كانت الأونروا هدفًا لأشد الهجمات الإسرائيلية، إذ قُتل أكثر من 220 من موظفى الوكالة فى غزة خلال العام الأخير، بينما خُفِّض تمويلها بشكل كبير وصدرت دعوات إلى تفكيكها فى ظل الاتهام الإسرائيلى بالمشاركة فى هجوم السابع من أكتوبر.

وأُسست «أونروا» بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1949، وتم تفويضها بتقديم المساعدة والحماية للاجئين الفلسطينيين، ويضاعف حظر الوكالة الخدمية معاناة نحو 2.3 مليون فلسطينى فى قطاع غزة؛ جراء حرب الإبادة الجماعية التى تشنها عليهم إسرائيل بدعم أمريكى منذ أكتوبر2023.

ومنذ ما يقرب من 75 عاما من تأسيس الأونروا، فشلت محاولات العثور على بدائل «فشلا ذريعا»، حسبما أكدت مديرة الإعلام فى الوكالة جولييت توما، وقال ينس لايركه، المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية: إن الأونروا لا غنى عنها ولا يوجد بديل عنها فى الوقت الحالى»، وفق وكالة «رويترز».

وقالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة اليونيسيف، إن التشريع الإسرائيلى لإغلاق شريان الحياة الرئيسى للاجئين الفلسطينيين فى غزة «سيكون مميتا»، إذا تم تنفيذه بالكامل.

أضف تعليق