بعد قانون حظر الأونروا.. إسرائيل «تغتال» الأمم المتحدة !

بعد قانون حظر الأونروا.. إسرائيل «تغتال» الأمم المتحدة ! الكنيست الإسرائيلى

عرب وعالم7-11-2024 | 22:13

فى سابقة هي الأولى من نوعها فى تاريخ الأمم المتحدة، وخطوة وصفتها صحيفة «الجارديان» البريطانية بتصرفات دولة مارقة، أقر الكنيست الإسرائيلى بالإجماع حظر أنشطة وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين المعروفة اختصارًا باسم «الأونروا» ومصادرة مقرها الرئيسى فى القدس، كما أخطرت إسرائيل الأمم المتحدة بإلغاء الاتفاق الذى يُنظّم عمليات وكالة «الأونروا» فى إسرائيل والضفة الغربية وقطاع غزة.

الإجماع الإسرائيلى على طرد الأونروا، قوبل بإجماع دولى على تأييد ودعم الأونروا، الأمر الذى أثار التساؤلات حول مدى قدرة الأمم المتحدة على حماية مؤسساتها؟! وما إذا كانت هناك بدائل أخرى للحركة أمام المنظمة الأممية ؟!

وقوبل التشريع الذى أقره الكنيست الإسرائيلى، بالقلق الشديد فى مجلس الأمن الدولى التابع للأمم المتحدة، وقال المجلس فى بيان تبناه بالإجماع، إنه «يحذر بشدة من أى محاولات لتفكيك أو تقليل» عمليات «الأونروا» وتقويضها.
وأكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، أن الحظر الإسرائيلى على «الأونروا»، إذا تم تنفيذه، سينتهك القانون الدولى وميثاق الأمم المتحدة واتفاقية امتيازات وحصانات الأمم المتحدة لعام 1946.
وبعث جوتيريش برسالة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو معبرا عن مخاوفه، وكتب الأمين العام للأمم المتحدة أن المادة الثانية من ميثاق الأمم المتحدة التأسيسى تلزم إسرائيل «أن تقدم للأمم المتحدة كل المساعدة» فى عملها، ولفت إلى وجود خلاف فى تفسير أو تطبيق الاتفاقية بين الأمم المتحدة وإسرائيل، وأن مثل هذه الحالات يمكن إحالتها إلى محكمة العدل الدولية.
وأصدر وزراء خارجية سبع دول هى: أستراليا، وفرنسا، وألمانيا، واليابان، وكندا، وكوريا الجنوبية، وبريطانيا، بياناً قالوا فيه: «بدون عمل الأونروا، فإن تقديم المساعدات والخدمات، سيُعرقل إن لم يصبح مستحيلاً، مع ما يترتب على ذلك من عواقب وخيمة على الوضع الإنسانى الحرج بالفعل والمتدهور بسرعة، لا سيما شمال غزة».
من جانبه، أكد المدير العام لـ «منظمة الصحة العالمية» تيدروس جيبريسوس، «أن الأونروا منظمة لا يمكن للشعب الفلسطينى الاستغناء عنها»، ولم يختلف الناطق باسم الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر عن الآراء السابقة، وقال إن أونروا تلعب «دورًا لا غنى عنه الآن فى غزة، ولا يوجد أحد يستطيع أن يحل محلها الآن فى خضم الأزمة».
وقال المجلس النرويجى للاجئين، إن حظر إسرائيل لوكالة غوث وتوظيف اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» إجراء اتخذه متطرفون بالكنيست، وسيؤدى إلى شل عمل كل المنظمات هناك، مؤكدًا أن حظر الوكالة الأممية يعنى تخريب أعمال الإغاثة الأخرى، الأمر الذى قد يؤدى إلى موت جماعى للفلسطينيين. وأعلنت النرويج أنها ستتقدم بمشروع قرار إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة لطلب رأى محكمة العدل الدولية بشأن التزامات إسرائيل.
وأكد خبراء فى القانون الدولى، أن تمرير هذا القانون الإسرائيلى يعتبر سابقة خطيرة وتعديًا على الأمم المتحدة ووكالاتها وميثاقها، بما فى ذلك المادتان (2) و(105)، واعتداءً على الأعراف والاتفاقيات الدولية، خاصة اتفاقية جنيف الرابعة، وانتهاكًا لقرارات الجمعية العامة ذات الصلة بحصانات وحماية المنظمات الدولية، بما فيها قرار تأسيس الأونروا رقم 302 وفق المادة (17)، وهى سابقة لم تحدث فى تاريخ الأمم المتحدة منذ أُنشِئت فى عام 1945، حيث لم يسبق أن اتُّخذ إجراء مماثل بحق أى منظمة أممية تعمل فى أى من الدول، وبالأخص أكبر منظمة أممية أسستها الجمعية العامة للأمم المتحدة قبل 75 عاما، وتقدم خدماتها لأكثر من 6 ملايين لاجئ فلسطينى مسجل فى مناطق عملياتها الخمس: الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وقطاع غزة، والأردن، وسوريا، ولبنان.
إضافة إلى أن قرار الحظر اتُخذ فى منطقة مصنفة وفق القانون الدولى بأنها محتلة، ولا يوجد أى معنى أو اعتراف للسيادة الإسرائيلية عليها، وبالتالى، يعتبر قرار الحظر مخالفة لقرار مجلس الأمن الدولى رقْم 2730 الصادر بتاريخ 24 مايو 2024، الذى يلزم دولة الاحتلال الإسرائيلى باحترام وحماية المؤسسات الأممية وحماية العاملين فيها.
كما أن قرار الحظر يتعارض مع قرار محكمة العدل الدولية وفتواها القانونية الصادرين فى 19 يوليو 2024، واللذين أكدا أنه لا سيادة لإسرائيل على الأراضى الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس، وهى جزء من مناطق عمليات الأونروا.
وعلى الرغم من حالة الاستهجان العالمى بشأن سعى دولة عضو فى الأمم المتحدة لتفكيك إحدى أذرع المنظمة الدولية، إلا أن القرار الإسرائيلى لم يكن مفاجئاً، على الأغلب، حتى لأونروا، فعلى مدى سنوات، واجهت الوكالة الأممية حالة من التضييق الإسرائيلى فى محاولة لتفكيكها، وفى إطار تصفية القضية الفلسطينية، لا سيما على مستوى اللاجئين، وفق مسئولين أمميين وفلسطينيين، حيث تزعم إسرائيل بأن موظفين فى الأونروا ساهموا فى هجوم «طوفان الأقصى» فى 7 أكتوبر 2023، وأن «جهاز التربية التابع للوكالة يدعم الإرهاب والكراهية»، وقد نفت الأونروا صحة ادعاءات إسرائيل، وأكدت الأمم المتحدة أن الوكالة تلتزم الحياد وتركز حصرا على دعم اللاجئين، وشددت على أنه لا يمكن لمنظمة أخرى القيام بمهام «أونروا».
ولطالما كانت الأونروا هدفًا لأشد الهجمات الإسرائيلية، إذ قُتل أكثر من 220 من موظفى الوكالة فى غزة خلال العام الأخير، بينما خُفِّض تمويلها بشكل كبير وصدرت دعوات إلى تفكيكها فى ظل الاتهام الإسرائيلى بالمشاركة فى هجوم السابع من أكتوبر.
وأُسست «أونروا» بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1949، وتم تفويضها بتقديم المساعدة والحماية للاجئين الفلسطينيين، ويضاعف حظر الوكالة الخدمية معاناة نحو 2.3 مليون فلسطينى فى قطاع غزة؛ جراء حرب الإبادة الجماعية التى تشنها عليهم إسرائيل بدعم أمريكى منذ أكتوبر2023.
ومنذ ما يقرب من 75 عاما من تأسيس الأونروا، فشلت محاولات العثور على بدائل «فشلا ذريعا»، حسبما أكدت مديرة الإعلام فى الوكالة جولييت توما، وقال ينس لايركه، المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية: إن الأونروا لا غنى عنها ولا يوجد بديل عنها فى الوقت الحالى»، وفق وكالة «رويترز».
وقالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة اليونيسيف، إن التشريع الإسرائيلى لإغلاق شريان الحياة الرئيسى للاجئين الفلسطينيين فى غزة «سيكون مميتا»، إذا تم تنفيذه بالكامل.
جنود الاحتلال ينهبون المعدات والذخائر
لغز الأسلحة المسروقة فى إسرائيل !
منذ أحداث 7 أكتوبر 2023، واندلاع الحرب فى قطاع غزة، يشهد جيش الاحتلال ارتفاعا كبيرا لمعدلات سرقة الأسلحة والذخائر من داخل مستودعاته وعلى يد جنوده، وحسب صحف إسرائيلية، فإن هذا النوع من الجرائم لم يكن وليد الحرب، بل كان أمرًا شائعًا منذ عام 2019، ولم يستطع جيش الاحتلال الحد منه والتعامل معه كما يجب، بل ومنذ أحداث غزة ألف جيش الاحتلال المشهد وأصبحت تتوالى جرائم السرقة كل يوم من قاعدة مختلفة، وتكشف التحقيقات التى تجريها الشرطة العسكرية بيع الأسلحة والذخائر المسروقة فى نهاية الأمر لأعضاء المنظمات الإجرامية الإسرائيلية التى تهدد الأمن الإسرائيلى فى الداخل.

وانتشرت سرقات الأسلحة بجيش الاحتلال رغم وجود قانون يمنع ذلك وينص على أن «الجندى أو الموظف المدنى فى جيش الدفاع الإسرائيلى، الذى يسرق ممتلكات الجيش، سواء كانت وقودًا أو طعامًا أو أى ممتلكات أخرى ذات قيمة مالية، فإنه يرتكب جريمة جنائية، ويعاقب بالحبس لمدة تتراوح عقوبتها بين 3 و7 سنوات فى السجن»، كما هو محدد فى المادة 84 من القانون الإسرائيلى - القضاء العسكرى».
ووقعت أشهر حوادث سرقة الأسلحة التى شهدها جيش الاحتلال مؤخراً، حسب موقع «واللا» الإسرائيلى، فى شهر أغسطس الماضى، عندما عُثر فى بيت جندى إسرائيلى بمحطة بنيامين بالخليل، على كميات كبيرة من الأسلحة المسروقة، ويشتبه بأن الأسلحة والمعدات التى تم سرقتها كانت من قاعدة عسكرية توجد فى غلاف غزة.
وعُثر فى منزل المشتبه به على قنابل يدوية وقنابل صوت ودخان ورصاص وأجزاء أسلحة وسترات خزفية وخوذات والعديد من المعدات العسكرية الأخرى، وخارج منزله، فى منطقة مفتوحة فى يهودا والسامرة، تم العثور على 12 قنبلة أنبوبية أخرى وعدد من قنابل الرش وقنابل الدخان وآلاف طلقات الرصاص الأخرى، وبعد نتائج التحقيقات تم اعتقال الجندى ثم تسليمه إلى الشرطة العسكرية لتلقى المزيد من العلاج النفسى.
وفى حادثة أخرى فى شهر سبتمبر الماضى، اقتحم عدد من المشتبه بهم من جنود الاحتلال القاعدة 906 فى الجنوب، ودخلوا منطقة المدى، واستولوا على 18 حاوية مُحملة بمعدات عسكرية، ومن بين المعدات العديد من الخراطيش والسترات الخزفية والسترات المضادة للرصاص ومعدات الحماية ومعدات الرؤية الليلية ومعدات الوحدات الخاصة.
ظاهرة سرقة الأسلحة من مخازن جيش الاحتلال برزت أواخر عام 2023، مع قضية ورى يافارح الشهيرة التى أثارت جدلاً كبيراً فى إسرائيل، وهو أحد سكان تل أبيب الذى قُبض عليه حينها بتهمة انتحال شخصية أحد رجال الشاباك الإسرائيلى فى 7 أكتوبر، وانتحل صفة مقاتل وشرطى إسرائيلى كذلك، وسرق أسلحة من منطقة القتال فى الجنوب، واستولى على كمية كبيرة من الذخيرة، منها قنابل يدوية وخراطيش رصاص وطائرة بدون طيار وغيرها.
ومؤخراً فى شهر أكتوبر الماضى، حكمت المحكمة المركزية فى تل أبيب على «يافارح» بالسجن لمدة 15 شهراً فقط، بتهمة حيازة الأسلحة بشكل غير قانونى بعد أن أتُهم فى الأصل بانتحال صفة جندى وشرطى، وكما ذكر موقع N12 جاء الحكم مخففًا بهذا الشكل على يافارح باعتباره شارك فى القتال بغزة، وأدى دوراً كبيراً كمسعف أدى به واجبه نحو إنقاذ العديد من الجرحى.
وبالإضافة إلى قضية يافارح، هناك حادث «زنوفار»، نسبة لوقوعه فى معسكر تدريب زنوفار بهضبة الجولان فى نوفمبر 2023، والذى حدث به عملية سرقة ضخمة للأسلحة وفى وقت قصير للغاية، حيث إنه فى غضون دقائق، تمت سرقة حوالى 70 ألف رصاصة بندقية و70 قنبلة يدوية من القاعدة.
وحسب تحقيقات الشرطة العسكرية، أفادت المعلومات الاستخباراتية بأن عملية زنوفار نفذها أحد الجنود الذين شاركوا فى الحرب فى غزة، وبعد رجوعه من الحرب أوقعه أحد العملاء السريين فى الشرطة العسكرية بالاتصال به على أنه عميل يريد شراء كمية كبيرة من الذخائر والأسلحة بثمن كبير، وتم تقديم الجندى المشتبه به لتمديد الاعتقال لدى المحكمة العسكرية فى كفار يونا، وتم تمديد اعتقاله.
وحسب موقع «واللا» الإسرائيلى، انتقد عدد كبير من القادة العسكريين تعامل جيش الاحتلال مع هذه الأزمة، معتبرين أن سرقة السلاح من الجيش من أخطر الجرائم التى تعيشها دولتهم، والتى مازال الجيش والشرطة العسكرية الإسرائيلية يواجهونها بالإهمال أو ما أطلقوا عليه «الإهمال الإجرامى»، والذى يتحول إلى كارثة عندما يُقتل مدنيون إسرائيليون على يد قتلة من المنظمات الإسرائيلية الإجرامية باستخدام أسلحة مسروقة من الجيش.
وأعد يعقوب بوروفسكى القائد السابق للمنطقة الشمالية فى الشرطة الإسرائيلية، أن ما يحدث من سرقات لأسلحة جيش الاحتلال يعد انقلاباً، وأن الجيش والشرطة لا يتعاملان معه بشكل صحيح، وأنه يستحيل أن تتم جرائم السرقة بأى قاعدة عسكرية دون معلومات داخلية، ما يعنى أن الجيش مهمل ولا يستعد وفقا للقواعد.
وأضاف بقوله: «الجيش ليس مهملاً فحسب، بل أنه لا يتصرف فى أبسط الأمور، ولا يطبق أصعف وسائل الأمن لحماية ذخائره، والخيانة الداخلية بين عناصره أصبحت شيئا مألوفا».
وأشار الجنرال يتسحاق باريك، حسب موقع N12 الإسرائيلى، إلى أنه «لا يمر أسبوع دون وقوع جريمة سرقة أسلحة وذخيرة من قواعد الجيش الإسرائيلى فى الشمال والوسط والجنوب»، وبحسب قوله فإنه لم يتم الإبلاغ عن العديد من الحالات على الإطلاق، مضيفاً أنه فى حالات أخرى يقومون ببساطة بإخفاء المعلومات، وما ينشر فى وسائل الإعلام ما هو إلا تسريبات من داخل المنظومة العسكرية.
ووفقاً للبيانات التى حصل عليها موقع N12، حدثت فى السنوات الثلاث الماضية 14 عملية اقتحام كبيرة لقواعد جيش الدفاع الإسرائيلى، حيث سُرق ما مجموعه حوالى 650 ألف رصاصة عام 2023، و380 ألف رصاصة فى عام 2022، وما يقرب من 100 ألف رصاصة عام 2021.
ومع اندلاع حرب السيوف الحديدية وارتفاع ظاهرة سرقة الأسلحة فى جيش الاحتلال، حسب صحيفة «يديعوت أحرونوت»، فقد أدركت المنظمات الإجرامية فى إسرائيل أن الفرصة مناسبة وحددت لنفسها هدف التزود بأكبر عدد ممكن من الأسلحة والذخائر.
ويُحذر المراقب المتقاعد يوسى سيدفون، الذى شغل سابقًا منصب رئيس AHAM (قسم التحقيقات الاستخباراتية) فى تل أبيب، من ارتفاع معدل الجريمة من قبل المنظمات الإجرامية بإسرائيل بسبب أسلحة جيش الاحتلال المسروقة، قائلاً «فى نهاية الحرب، سنشهد زيادة فى عدد حوادث التخريب ضد المؤسسات الحكومية وأهداف أخرى».

أضف تعليق