لماذا ابتلع الحوت سيدنا يونس؟

لماذا ابتلع الحوت سيدنا يونس؟صورة ارشيفية

الدين والحياة10-8-2022 | 06:41

جاءت قصة نبي الله يونس -عليه السلام- 4 مرات في القرآن الكريم، وقد أرسله الله تعالى نبياً إلى قومه في مدينة «نينوى» في العراق، داعياً إياهم أن يتركوا عبادة الأصنام و يتوجهوا لعبادة الله تعالى دون أن يشركوا به أحداً، مبيناً لهم أنها لن تدفع عنهم ضراً أو تجلب لهم نفعاً.

وقد أمر يونس قومه بالمعروف ونهاهم عن المنكر وحبب إليهم العدل وبغضهم الظلم وحثهم على فك العاني والأسير وإطعام الفقير والجائع، وعندما دعا يونس لم يجيبوا دعوته، وقالوا له: ما انت إلا بشر مثلنا، فأنذرهم بعد ذلك بعذاب سيحل بهم، إلا أنهم لم يأبهوا بذلك ولم يخافوا من وعيده قائلين: ائتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين.

وبعد أن يأس سيدنا يونس من إجابة دعوته وضاق بهم ذرعاً رحل عنهم مغاضباً لهم يائساً من إيمانهم و رحل عن نينوى، وبدأت بعد ذلك علامات العذاب وأماراته تطلع على قومه، فتغيرت الألوان وأظلمت السماء، فساور قومه القلق والخوف وعلموا أن العذاب قد وقع بهم كما وقع بالأمم التي سبقتهم من ثمود و عاد، فلجؤوا حينها إلى يونس باكين خاشعين متوسلين و متضرعين.

فتقبل الله منهم توبتهم نظراً لإخلاصهم و صدق إيمانهم، و رفع تعالى عنهم العذاب وعادوا إلى مساكنهم من الجبال والصحارى التي استغاثوا فيها، وذلك كما قال الله تعالى: « فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَىٰ حِينٍ».

وأما يونس -عليه السلام- فقد ركب في سفينة، وما إن ابتعد عن الشاطئ هاجت الأمواج وعصفت بها الأعاصير، فأدرك الركاب أن سوء هذا المصير سببه عصيان أحدهم، فاقترعوا على إلقاء العاصي في البحر و كرروا القرعة ثلاث مرات إلى أنها أصابت يونس فألقوه في البحر و التقته الحوت و ابتلعه.

فعلم سيدنا يونس أنه أخطأ إذ ترك قومه قبل أن يستخير ربه في الخروج ويأذن له في الهجرة، فنادى ربه في أعماق ظلمات البحر و الليل و بطن الحوت، وقد قال تعالى في كتابه العزيز واصفاً ذلك: «فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ»، فاستجاب الله له دعاءه وحفظه في بطن الحوت من الهشم او الهضم، و أوحى الله تعالى إلى الحوت في الماء إلقاءه في العراء.

فألقاه الحوت على الشاطئ هزيلاً سقيماً، فكان من رحمة ربه به أن أنبت عليه شجرة من يقطين يستظل بورقها و يطعم من شجرها إلى أن عوفي و قوي لقوله تعالى: «وَأَنبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِّن يَقْطِينٍ» ، ثم أمره الله بعد ذلك أن يعود إلى بلده وموطنه عشيرته لأنهم قد آمنوا بالله ونبذوا الوثان والأصنام وترقبوا مجيئه إليهم و قد وصف الله ذلك في الآيات الكريمة التالية من سورة الأنبياء.

قال تعالى: «وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ»، آيات87، 88.

وعندما التقم الحوت سيدنا يونس -عليه السلام- في بطنه اعتقد نبي الله أنّه مات، لكنّه حرّك يديه، وساقيه، فتحرّك، فسجد لله -تعالى- شاكرًا له بأن حفظه، ونجّاه، فلم تُكسر له يد، ولا رجل، ولم يصبه مكروه، وبقي في بطن الحوت ثلاثة أيّام، وسمع فيها أصواتًا غريبةً لم يفهمها، فأوحى الله -تعالى- له أنّها تسبيح مخلوقات البحر، فأقبل هو أيضًا يسبّح الله تعالى، قائلًا: "لا إله إلّا أنت، سُبحانك إنّي كنت من الظّالمين".

بعد شكر الله والسجود له وشكره علي نعمه من قبل نبي الله يونس أمر الله -تعالى- الحوت فقذف به على اليابسة، وأنبتت عليه شجرة يقطين؛ يستظلّ بها، ويأكل من ثمرها، حتى نجا من الوضع شديد الصعوبة الذي عاني منه بعد ان قذفه الحوت في بيئة قاسية جدا .

وعندما خرج نبي الله يونس عليه السلام من فم الحوت وقذف به علي منطقة رملية وجد نفسه مريضا مغموما ..أنبت الله له شجرة من اليقطين "القرع " حيث أنه كان ملتصقا عليه عوالق البحر من القشريات، و هذه رائحتها تجذب الذباب وهو أمر لا ينطبق علي شجرة اليقطين وورقه هو الشجر الوحيد الذي ينفر الذباب لأنه يصدر "هرمون" تنفر منه الحشرات الطائرة .

قال الشيخ أحمد صبري، من علماء الأزهر الشريف، إن سيدنا يونس عليه السلام- مكث فترةً من الزّمن في جوف الحوت وابتلي بـ3 ظلماتٍ.
وأكد العالم الأزهري، أن الله تعالى استجاب لنداء سيدنا يونس -عليه السلام- ونجّاه من الغمّ بعد أن كان من المسبّحين، فخرج إلى اليابسة وأنبت الله تعالى عليه شجرة من يقطين.
واستشهد بقول الله تعالى: «وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ۚ وَكَذَٰلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ». الأنبياء 87 /88.

أضف تعليق