سلطت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، في تقرير لها، اليوم الإثنين ، الضوء على ارتفاع أسعار الأسمدة الزراعية حول العالم، وتداعيات ذلك على أفريقيا، التي تعاني بالفعل من أزمات عديدة بنحو أصبح يهدد بإشعال أزمة غذاء طاحنة في القارة السمراء.
وقالت الصحيفة، في سياق التقرير المنشور على موقعها الرسمي اليوم، إن سعر الأسمدة النيتروجينية، وهي أكثر الأنواع استخدامًا وتُنْتج بشكل أساسي من غاز النشادر على شكل سماد سائل وعادة ما توفر ما يصل إلى ثلثي العناصر الغذائية المستخدمة في زراعة المحاصيل، ارتفع بشكل كبير بعد ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي في أعقاب الأزمة الروسية الأوكرانية، ثم بلغ مستويات قياسية بعد العقوبات المفروضة على موسكو، التي تعد مصدرا رئيسيا للغاز الطبيعي لأوروبا وتمثل نحو 15 في المئة من إمدادات مغذيات المحاصيل العالمية؛ ما قلل من توافرها.
وقالت إنه نتيجة لذلك، خفض المزارعون في جميع أنحاء العالم استخدام الأسمدة بسبب ارتفاع الأسعار حيث هدد بخفض إنتاج الغذاء وتعميق أزمة الغذاء العالمية، فيما قال محللون ،في تصريحات خاصة للصحيفة، إن المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة، خاصة في إفريقيا قد يكونوا الأكثر تضررا.
وأضافت الصحيفة أنه عادة ما تستخدم الدول الأفريقية أسمدة أقل مقارنة بأجزاء أخرى من العالم، لكن تأثير ارتفاع الأسعار سيكون أعلى، كما يقول المحللون، لأن معظم الدول في القارة تعتمد على إنتاج الغذاء المحلي وتعتمد عدة دول، مثل الكاميرون، على واردات الأسمدة الروسية.
من جهته، قال ويل أوسناتو، المحلل في شركة "جرو إنتليجنس" لبيانات السلع الأساسية والأبحاث:" بالنسبة لأفريقيا فإن تجنب ما يتم استخدامه من الأسمدة الصغيرة بشكل تقليدي سيترك تأثيرا غير متناسب على إنتاج المحاصيل؛ ما يؤدي إلى نقص الغذاء الذي تفاقم بالفعل بسبب مستويات الجفاف الحالية".
وأكد المحللون، حسبما أبرزت الصحيفة، أن الأزمة التي سببتها الحرب في أوكرانيا فيما يخص إمدادات السلع الأساسية بما في ذلك الأسمدة، التي جاءت في أعقاب أزمتي جائحة فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19" وانتشار الجفاف في العديد من المناطق، يمكن أن يتسبب في اضطرابات اجتماعية في القارة السمراء.
ففي بعض البلدان مثل ساحل العاج والكاميرون، ارتفع سعر الأسمدة بأكثر من 50 في المئة منذ بداية الأزمة الأوكرانية الروسية في فبراير الماضي، وفقًا لمنظمة "آي دي اتش" الهولندية غير الربحية، التي تدعم التجارة المستدامة في البلدان النامية، وقال جوناس إمفا إم فيا، مدير شئون أفريقيا في "آي دي اتش":" هناك أزمة ضخمة في ملف الأمن الغذائي في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى".
وفي حين أن معظم المزارعين في غانا عادة ما يكونون قد انتهوا من استخدام الأسمدة في حقولهم بشكل كامل بحلول أغسطس، كشف استطلاع أجرته شركة "فارمر لاين"، وهي شركة أفريقية عاملة في مجال التكنولوجيا الزراعية، أن أكثر من نصف 178 مزارعًا تم استطلاع آراؤهم لم يستخدموا الأسمدة في حقولهم على الإطلاق حتى الآن.
وتوقعت "جرو إنتليجنس" أن يؤدي ارتفاع سعر الأسمدة إلى خسارة الإنتاج العالمي بنحو 1.8 في المئة، من إجمالي إنتاج الذرة والقمح والأرز وفول الصويا في عامي 2022-2023، ومع ذلك ستختلف النتائج في جميع أنحاء العالم، مع توقع انخفاض الناتج الأفريقي بنسبة تصل إلى 12 في المئة.
وأوضحت الشركة أنه في كينيا على سبيل المثال، التي تعتمد على صادرات المحاصيل الزراعية بما في ذلك البن والشاي والزهور، يمكن أن يؤدي تقليل استخدام الأسمدة إلى خفض إنتاج المحاصيل بنسبة تصل إلى 6 في المئة، كذلك أظهرت دراسة أجراها المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية في يونيو الماضي أن الأسعار المرتفعة، خاصة للأسمدة ستؤدي إلى خفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.8 في المئة وزيادة معدلات الفقر في كينيا، ما يضع ما يقدر بنحو 1.4 مليون شخص إضافي تحت خط الفقر".