القوة الدستورية الناعمة

القوة الدستورية الناعمةسعيد صلاح

الرأى20-9-2022 | 13:24

شرفت الأسبوع الماضى بحضور الاجتماع السابع لرؤساء المحاكم الدستورية و المحاكم العليا و المجالس الدستورية الإفريقية الذى استضافته مصر بأحد فنادقها الفاخرة فى شرق القاهرة.

أكثر من 126 رئيس محكمة ومجلس دستورى ومحكمة عُليا وعضو محكمة من 40 دولة إفريقية حضروا هذا الاجتماع الذى تحرص مصر على تنظيمه واستضافته فى دوراته المتعاقبة وتحرص القيادة السياسية على تقديم الدعم له واستمرار انعقاده فى القاهرة بهذه الفاعلية والحضور والتأثير.

.. لماذا تحرص مصر على تنظيم هذا الاجتماع سنويا؟ أعتقد فى ظنى المتواضع أنه صورة من صور القوة الناعمة المصرية، حيث تشغل مصر هذا المكان باحترافية عالية داخل القارة الأم التى عادت إليها بعد سنوات من الغياب الباهظ الثمن، وتقوم بتجميع هذا العدد الكبير من القامات الدستورية الإفريقية للتباحث والتشاور وتبادل الخبرات وتوطيد العلاقات.

ولا يخفى على أحد أن معظم رؤساء المحاكم الدستورية يتبوءون فى بلادهم المراكز الثانية بعد رئيس الدولة مثلما هو الوضع هنا فى بلادنا، وبعض المحاكم لها دور بارز ومؤثر فى العملية السياسية داخل بلادها.

ومصر عندما تدعو هذه القامات الدستورية إلى مثل هذا الاجتماع سنويا فإنها تهدف فى حقيقة الأمر إلى إحداث تأثير وتواصل حقيقى لدى صُنّاع القرار من تشريعيين وتنفيذيين بهذه الدول خاصة فيما يتعلق بالقضايا التى يشوبها بعض الخلافات والنزاعات.

وذلك يتسق مع ما جرى من مناقشات عبر جلسات الاجتماع خاصة فى اليوم الثانى حول محور الضمانات الدستورية المقررة لتنمية الموارد الطبيعية المشتركة مثل الأنهار وآبار البترول وغيرها.. والتنظيم الدولى لاستغلالها.

واتفاق القضاة الدستوريين فى الإعلان التاريخى الذى صدر عنهم على أن التنمية الشاملة لن تتحقق إلا بعدما يتحقق استقرار السلم والأمن الدوليين، وأن هذا يتطلب نوعا من الضمانات الدستورية.

وأيضا اتفاقهم على ضرورة دعم الجهود الرامية إلى حلول تفاوضية عادلة بشأن تنظيم استقلال الثروات الطبيعية المشتركة وتبنى مفهوم العدالة البينية بين البلدان الإفريقية، ودعم القضاة الأفارقة فى تنفيذه، حماية للموارد الطبيعية فى تلك البلدان والتعاون فيما بينها فى هذا الشأن.

وأعتقد أن مثل هذا النوع من المناقشات وما توصلوا إليه عبر بيانهم الأخير يدعم مصر ومساعيها العادلة فى الحفاظ على حقها فى الاستفادة من مواردها الطبيعية، خاصة المشتركة فيها مع دول أخرى.

ولا شك أن الحضور هذا العام إنما يعكس الاستجابة التى تريدها مصر دائمًا، ويترجم الجهود المبذولة من كافة جهات الدولة المصرية لتوطيد العلاقات (المصرية – الإفريقية) ويعكس مدى نجاحها فى إعادة شمس مصر لتشرق من جديد على قارتها الأم.

ويعكس أيضا إدراك الجميع لحساسية الظرف التاريخى الذى يمر به العالم وتتأثر به إفريقيا بشكل كبير وتزداد معه حاجتها الماسة إلى التنمية فى كافة القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وما يتطلبه ذلك أيضا من وجود حماية لـ حقوق الإنسان وحرياته وحقوق الدول فى الاستفادة من مواردها.

حفظ الله الجيش.. حفظ الله الوطن

أضف تعليق

إعلان آراك 2