المفتى: لدينا فتاوى كثيرة تتناغم مع أهداف التنمية المستدامة وبناء الإنسان

المفتى: لدينا فتاوى كثيرة تتناغم مع أهداف التنمية المستدامة وبناء الإنسانالمفتى

الدين والحياة22-10-2022 | 08:21

توجَّه الدكتور شوقى علام، مفتى الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم، بخالص الشكر لفخامة الرئيس عبد الفتاح السيسى على رعايته المؤتمر العالمى السابع للإفتاء حول الفتوى و التنمية المستدامة التى انتهت فعالياته الثلاثاء الماضى بحضور وفود من العلماء والمفتين من 91 دولة.

وأضاف، في تصريحات تلفزيونية، أن هذه الرعاية تضفى قوة على المؤتمر وتجعله يؤتي ثماره منذ أن وضعنا هذا العنوان، مشيرًا إلى أن الحضور فى هذا المؤتمر كان مفصحًا عن الإقبال الكبير على مصر أولًا، فعندما نقرأ ونتأمل الحضور من مختلف بلدان العالم نرى أن هذه رسالة قوية بأن مصر هى محط الأنظار وعلينا أن نعمل جميعًا لتحقيق هذا المعنى.

وأوضح المفتي أن التنمية المستدامة عنصر أساسي من عناصر تكوين الشخصية المسلمة، وأن القرآن الكريم والتوجيه الإلهي يشير لذلك فى العديد من الآيات الكريمة كقوله تعالى: (هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا)، أى طلب منكم أن تعمروا هذه الأرض، وكذلك فى قوله تعالى: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّى جَاعِلٌ فِى الأَرْضِ خَلِيفَةً).

وأشار إلى أن الخلافة الحقيقية فى الأرض لا تتحقق إلا بالعلم فى كافة مجالاته وترجمة هذا العلم هى العمران والبناء والتنمية، وهو ما بينته الآية الكريم التالية: (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا)، ولذلك فكل أمة تقدمت لم تتقدم إلا بالعلم.

وقال: إن مؤتمر الإفتاء حول "الفتوى وأهداف التنمية المستدامة" أردنا من خلاله أن نكشف عن العلاقة بين الفتوى والتنمية التى هى عنوان للإسلام بكافة عناصرها الاقتصادية والبيئية وغيرهما، وهى مركوزة فى الفقه والضمير الإسلامى بعمق.

وأضاف أننا عندما بحثنا فى هذا الأمر وجدنا جهودًا كثيرة عالجت الأهداف ال 17 التى وضعتها الأمم المتحدة للتنمية المستدامة من أهداف تتعلق بالقضاء على الفقر أو حماية البيئة أو مواجهة التغيرات المناخية، فنجد أن السعى لتحقيق هذه الأهداف يستند إلى نصوص شرعية، وإذا عرضناها على دلالات النصوص الشرعية نجدها تنادى بهذه الأمور.

وأوضح المفتى أن المؤتمر سعى إلى أن يجعل الفتوى تتحرك فى منطقة البناء والعمران والتنمية وليس الإثارة وزعزعة استقرار المجتمع والأمور التى قُتلت بحثًا، فسعينا إلى أن نبحث فى مسألة التنمية التى تفيد الناس وتحقق مصالح المواطنين، فالفتوى تتحرك فى منطقة البناء والعطاء وخدمة البشر بشكل يعتمد على العلم والبحث.

وأشار مفتى الجمهورية إلى أن هذا المؤتمر فرصة كبيرة لتقارب وتلاقح الأفكار والمناهج العلمية المختلفة، فعندما نتلاقى تقترب المنهجية وآليات إصدار الفتوى ويحدث تقارب فى العقول بدلًا من الانعزال، وحينها يحدث تبادل للخبرات وتلاقح للأفكار وتبادل للمناهج الإفتائية التى تصب فى مصلحة صناعة الإفتاء الذى يؤدى إلى استقرار المجتمعات، فنقدم بذلك للعالم رسالة بأننا نريد البناء والنفع للبشرية جمعاء.

وأضاف قائلًا: "عندما فكرنا فى إنشاء الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم لتكون مظلة جامعة للمؤسسات والهيئات الإفتائية على مستوى العالم، قصدنا أن تكون هناك مساحة موجودة يقترب فيها العقل الإفتائى فى بحث القضايا مع العقل الإفتائى الآخر والوصول لمنهجية، ولم يكن المقصود منها إلغاء الخصوصيات لكل مجتمع ولكل هيئة إفتائية".

وتعجب المفتى من وجود سيل من الفتاوى فى الفضاء الإلكترونى من أناس غير متخصصين يصرون على نوع من الفتاوى تشغل الأذهان ولا تفيد فى تنمية الإنسان، ولا ينبغى أن تكون هى كل ما يشغل ذهن المسلم.

وأكد أن الفتوى صنعة، وهو تعبير بعض فقهاء المالكية قديمًا، فهم يعتبرون أن من يمارس هذه المهمة الشريفة يجب أن يكون مؤهلًا تأهيلًا علميًّا كبيرًا فى كيفية التعامل مع الأدلة الشرعية ثم تنزيلها على أرض الواقع، وهذا يتطلب أن يكون المفتى مدركًا لهذا الواقع وقد يحتاج فى بعض الأحيان إلى أن يسأل بعض المتخصصين من رجال الاقتصاد أو الطب أو الاجتماع وغيرها فى مسائل معينة حتى يتبصر المسألة التى يُسأل فيها.

ولفت النظر إلى أن المسائل الطبية فى الأساس مرجعها إلى الأطباء والفتوى متوقفة فى توصيفها على رأى الأطباء، مؤكدًا أنه ليس عيبًا أن يقول المفتى "لا أعلم" فالإمام مالك عُرضت عليه 40 مسألة فأجاب فى 36 منها بـ "لا أعلم".

وشدد على أن المسئولية أمر أساسى فى الفتوى، فلا يمكن أن نصدر الحكم الشرعى إلا على أساس صحيح حتى نصل إلى الحكم وفق منهجية منضبطة، فالفتوى دائمًا مع تحمل المسئولية.

وأوضح أنه من الممكن أن يحدث المفتى من فتواه إذا ما تغير الواقع من حوله لأن الفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان والأحوال والأشخاص، ولكن تظل الفتوى القديمة التى أصدرها وفق مقدمات عصرها فى حيزها.

وأشار المفتى إلى أن النبى صلى الله عليه وآله وسلم أرشدنا إلى ثقافة العمران والبناء والتنمية عندما قال لنا: "إذا قامت الساعة وفى يد أحدكم فسيلة فليغرسها"، وهذا يدل على أننا يجب أن نعمل حتى ولو لم نر نحن الثمرة.

وأضاف فضيلته: "وفقنا الله بأن يكون هذا المؤتمر تمهيدًا لقمة المناخ التى تستضيفها مصر، وقد عملنا على إصدار أول وثيقة إفتائية لمواجهة التغيرات المناخية".

وأكد فضيلة المفتى أن الفتوى يجب أن تكون متواكبة مع العلم، وأن تقف جنبًا إلى جنب مع ما انتهى إليه العلم، مشيرًا إلى أن دار الإفتاء المصرية لديها فتاوى كثيرة تتناغم مع أهداف التنمية المستدامة والعمران، فالفتوى قد تدعم المقاصد التنموية.

وقال المفتي: "يجب أن تدعم الفتوى الاستقرار المجتمعى والمصالح العامة للناس، وهو ما قرره الإمام الشاطبى الذى قال إن الشريعة جاءت لدفع المفسدة وتحقيق المصلحة، لذلك يجب أن تكون الفتوى متناغمة مع تحقيق المصلحة ودفع المفسدة".

وأضاف: "الدولة لم تقف عند حدود البناء المادى فحسب، ولكن كذلك بناء الإنسان وتنميته وتطويره، وعندما نجد هذا الإصرار وسط التحديات الكبيرة التى نواجهها لا يسعنا إلا أن نقف إلى جانب الدولة وندعم التنمية المستدامة وهو جزء من التكوين الشرعى للإنسان الذى حث الإنسان على العمران".

وأشار إلى أن المجموعات الإرهابية سوقت لفكرة أن الوقوف ضد ولاة الأمور من الشجاعة والوقوف مع الحق، على الرغم من أن الحديث الشريف للنبى يأخذنا إلى غير ذلك ويقول: اسمعوا وأطيعوا.

وتابع المفتي: "أرى أن الدولة المصرية تتخذ خطوات جادة فى كثير من الملفات المتنوعة والمتكاملة، وماضية بعزم فى تحقيق التنمية والعمران، وهذا يحتم علينا الوقوف معها من أجل صلاح البلاد والعباد".

أضف تعليق