عمرو عادل يكتب: دعونا نترحم على هوكينج

عمرو عادل يكتب: دعونا نترحم على هوكينجعمرو عادل يكتب: دعونا نترحم على هوكينج

*سلايد رئيسى15-3-2018 | 21:18

لست هنا بصدد لبس عمامة الفتوى والخوض في نقاش الحرام والحلال في الترحم على غير المسلم فبعد إعلان وفاة العالم الفيزيائي البريطاني، ستيفن هوكينج، وقد اختلفت ردود أفعال العرب عن ردود الأفعال العالمية التي غلب عليها الحزن والأسى، والتذكير بإنجازاته  لكنها في المنطقة العربية اتخذت منحى آخر.

واحتدم الجدل حول جواز الترحم عليه أم لا؟! وهل هوكينج سيدخل الجنة أم النار؟! وماذا استفاد من علم بغير إيمان بالله ؟ ونصب آخرون أنفسهم للدفاع عنه قائلين : "لنا علمه ودخوله للجنة أو النار بيد الله".

لا أعلم من هم وراء النظر إلى الأمور بهذه السطحية ،  فالفيزيائي ستيفن هوكينج، أستاذ جامعي ، وكاتب وعالم في الفيزياء التطبيقية والفيزياء النظرية ، وبرغم من إصابته بمرض نادر أدى إلى فقدانه الحركة بل وفقدان القدرة على الكلام تمامًا ، لكنه استطاع أن يعوض إعاقته بتنمية قدراته البصرية والذهنية ، وأصبح ستيفن وليم هوكينج يجري نظرياته وحساباته بدون الاستعانة بالورقة والقلم ، وحصل على العديد من الجوائز العالمية , واستطاع ستيفن هوكينج أن يحصل على درجة الدكتوراه في علم الكون ، وقدم أبحاث عديدة حول التسلسل الزمني ، وكتب نظريات الديناميكا الحرارية والفيزياء النظرية ، فقد عانى العالم ستيفن وليم هوكينج من مرض ALS ، وهو مرض يصيب الخلايا العصبية الحركية والعضلات الإرادية في الجسم ، ويسمى مرض العصبون الحركي ، مما سبب له شللًا تدريجيًا لأعضاء الجسم.

فبدأت مهاراته العضلية في التدهور ، وأصبح ستيفن هوكينج يسير مستندًا على عكازات ،  ولم يستطيع إلقاء محاضراته في الجامعة ، بل ولم يستطيع الكتابة، ثم لم يستطيع الحديث ، حيث أصيب بمرض التهاب رئوي ، وأجرى عملية جراحية أفقدته القدرة على الكلام تمامًا.

ولكن ستيفن هوكينج لم يستسلم، واعتمد على قدراته البصرية لتعويض إعاقته العضلية ، ورفض الشفقة من حوله بسبب مرضه ، وأعلن تحديه للإعاقة والعجز الجسدي، بل وحيرت حالته الكثير من الأطباء ، حيث قد أعلن الأطباء أن مرضه لن يُمكنه من العيش أكثر من عامين، نظرًا لأنه مرض يؤدي إلى الوفاة.

إلا أن ستيفن وليم هوكينج تحدى المرض ليصل إلى عمر الثالثة والسبعين عامًا ، وعاش بمرض العصبون الحركي نحو سبعة وأربعين عام ، ورغم كونه أصبح جليس الكرسي المتحرك ، لكنه ظل يقدم المزيد في علم الفيزياء وتفسير نظريات الكون , وتفوق ستيفن وليم هوكينج على العديد من العلماء في عصره ، وتحديه للإعاقة جعلت شركة إنتل للمعالجات ، تقوم بتطوير حاسوب خاص متصل بالكرسي المتحرك ، ليصدر ستيفن وليم هوكينج أوامره للحاسوب عن طريق حركة عينيه .

وتمكن ستيفن وليم هوكينج من التفوق والحصول على جائزة ولف في الفيزياء عام 1988م ، كما حصل على الميدالية الذهبية للمجلس الأعلى للبحوث العلمية في عام 1989م ، وحصل على وسام ألبرت في عام 1999م ، وحصل على وسام الحرية الرئاسي في عام 2009م .

وقام ستيفن وليم هوكينج بكتابة الكثير من الكتب منها ، الله خلق الأرقام ، وكتاب الوقوف على أكتاف العمالقة ، وكتاب الثقوب السوداء والأكوان الناشئة ، وكتاب تاريخ موجز للزمن ويبسط ذلك الكتاب المفاهيم الفيزيائية المعقدة ، وتُرجم ذلك الكتاب إلى أكثر من 40 لغة ، وتحول إلى فيلم سينمائي في عام 1991م ، لدخوله موسوعة غينيس للأرقام القياسية لكونه أكثر الكتب انتشارًا .

كما أطُلق عليه لقب أينشتاين لكونه شديد العبقرية ، وكان محبًا لفحص الأغراض منذ صغره ، حيث كان يقوم بفك الساعات وأجهزة الراديو لفحص دواخلها ، وقدم كتب متعددة للأطفال عن شرح الكون بشكل شيق ودرامي ، مثل كتاب george and the big bang ، وكتاب george secret key to the universe ، وبرهن ستيفن على وجود إشعاع حراري يصدر من الثقوب السوداء نتيجة لظواهر كمومية في عام 1964م  ، وسمي ذلك الإشعاع إشعاع هوكينج نسبة له.

انظروا إلى حجم ما قدمه هذا القعيد للبشرية وبين ما تفتقد له الأذهان في سيرة هوكينج .. انظروا إلى ما فعله اللاعب الدولي محمد صلاح من إنجازات ومحاولاته لإسعاد الجميع أطفال وكبار وتبرعاته لمساعدة وطنه وما دار من نقاش حول ذقنه  .

سؤال أخير لا يمت للمقال ..تخيلوا معي ماذا لو كان هوكينج يعيش في مصر ؟

الرد :  كانت كل جمعيات الشحاتة تتاجر بمرضه من أجل جمع التبرعات.

أضف تعليق