استضافة مصر لمؤتمر الأمم المتحدة للتغيرات المناخية، بما تمتلكه من ثقل إقليمي ودولي يدفعها لتحمل مسؤولياتها والدفاع عن حقوق الشعوب الإفريقية والعربية المتعلقة بالتحميل العادل لتبعات التغيرات المناخية، بل إن القارة السمراء بالتحديد تراهن على قدرات مصر السياسية الدبلوماسية والتي تمكنها من إعلاء صوت إفريقيا التي تحتضن هذا المؤتمر وتتألم من تبعات التغيرات المناخية، والتي لم تتسبب فى حدوثها، بل إن مجمل الانبعاثات الكربونية من داخل القارة الإفريقية يكاد لا يذكر فى حين أن الدول المتقدمة هي المساهم الرئيسي فى الحجم الهائل من الانبعاثات الكربونية التي صنعت ضبابا يغيم على مستقبل الأرض.
لم تعد قضايا التغيرات المناخية هامشية، بل باتت محورا أساسيا، ضمن محاور قدرة أى دولة على إحداث تنمية مستدامة، خاصة بعد تلك الظواهر الطبيعية المتطرفة والصعبة التي تصيب الدول كافة، وتسبب كوارث بشرية واقتصادية، فلا يمكن تخيل عالم يمضي نحو تنمية لا تراعي أُطر الحفاظ على البيئة وتساعد فى رفع درجة حرارة سطح الأرض، فهذا بطبيعة الحال يعني أنها تنمية مؤقتة معرضة لمخاطر التغيرات المناخية، بل على العكس إذا تمكنت الدول من استكمال خططها التنموية وفق المتطلبات البيئية فهذا يصل بنا لجوهر التنمية المستدامة.
الدول الكبرى تستطيع تحقيق تلك المعادلة، بما تمتلكه من تكنولوجيا وإمكانيات مادية رغم أن الصراع الدولي القائم يهدد قدراتها على الاستمرار فى خططها الخضراء، بسبب أزمات الطاقة والغذاء وآثارها الاقتصادية التي تدفعهم للعودة إلى وسائل الطاقة الرخيصة والملوثة للبيئة، وأن كان هذا الوضع عارضا بسبب الأزمة الروسية الاوكرانية، إلا أنه مستدام فى القارة الإفريقية التي تعاني من نقص التمويل والافتقار للتكنولوجيا، التي تمكنها فى المضي نحو اقتصاد أخضر، والقلق الحقيقي هو أن لا تفى الدول الصناعية الكبرى بتعهداتها التي أقرت فى مؤتمر باريس وقدرت بمائة مليار دولار لمساعدة الدول الإفريقية والنامية فى تحمل تكلفة توطين التكنولوجيات والصناعات الصديقة للبيئة، لهذا تسعي مصر عبر استضافتها لمؤتمر الأمم المتحدة للمناخ فى نسخته ٢٧ لرفع شعار هو الأهم ويتضمن الانتقال من التعهدات إلى التنفيذ وهذا دفاعا عن حق الشعوب الإفريقية فى تنمية مستدامة، وتقدم ورخاء، فمن غير المنطقي أن تتحمل إفريقيا وحدها تبعات التغيرات المناخية، بل على العالم المتقدم النظر بجدية لكون تحقيق العدالة فى تحمل تبعات التغيرات المناخية حقا من حقوق الإنسان.