مكاسب بيئية واقتصادية وسياسية لمصر في قمة المناخ

مكاسب بيئية واقتصادية وسياسية لمصر في قمة المناخجانب من الاجتماع

حوارات وتحقيقات19-11-2022 | 08:58

شهادة نجاح كتبتها الأرقام والاستثمارات للدورة الـ27 من مؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغيرات المناخية (COP27)، التى استضافتها مدينة شرم الشيخ خلال الفترة من 6 إلى 18 نوفمبر 2022، والتى حققت مجموعة من المكاسب الكبيرة لمصر، ما بين مكاسب بيئية واقتصادية وسياسية، تعيد ل مصر دورها الريادى فى القارة الإفريقية.

تمثلت أول المكاسب التي حققتها مصر من استضافتها لمؤتمر قمة المناخ، نيابة عن القارة السمراء، فى توقيع عدة اتفاقيات مع عدد من شركات الطاقة العالمية، لإنشاء 9 مشروعات لإنتاج الهيدروجين والأمونيا الخضراء، فى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، بتكلفة استثمارية إجمالية 83 مليار دولار، ومن المتوقع أن يبلغ الإنتاج الإجمالى لهذه المصانع، فى حال تنفيذها فعلياً، أكثر من 7.6 مليون طن من الأمونيا الخضراء سنوياً، إضافة إلى 2.7 مليون طن من الهيدروجين الأخضر، مما يضع مصر على الطريق لتصبح مركزاً إقليمياً لإنتاج الهيدروجين الأخضر.

الدكتورة ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة، أكدت أن هذا التحول لن يحدث بين عشية وضحاها، مشيرةً إلى أن هذه الاتفاقيات يصل مداها الزمني حتى عام 2035، خاصةً وأن مصر تسعى لتصبح لاعباً رئيسياً فى السوق العالمية للهيدروجين، تنفيذاً لتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي، ولفتت إلى أن مجموعة كبيرة من الشركات أجرت بالفعل دراسات جدوى لمشروعات إنتاج الهيدروجين والأمونيا الخضراء، هذا العام، بعد توقيع مذكرات تفاهم واتفاقيات إطارية لاستثمار عشرات المليارات من الدولارات فى هذا القطاع.

وتضمن بيان لوزارة البيئة معلومات عن الاتفاقيات التي تم توقيعها في مجال إنتاج الهيدروجين الأخضر، منها اتفاقية بين شركتى «رينيو باور» و«السويدى إلكتريك»، لتنفيذ مشروع بقيمة 8 مليارات دولار، بطاقة إنتاجية تصل إلى 220 ألف طن هيدروجين أخضر سنوياً، و1.1 مليون طن أمونيا، ومن المتوقع أن يتم توقيع العقد النهائى فى غضون الشهور القليلة المقبلة، على أن يبدأ تشغيل المصنع تجريبياً فى 2026.

ووقعت شركة «جلوبال إك» البريطانية اتفاقية لإقامة مصنع هيدروجين أخضر بطاقة إنتاجية مليونى طن سنوياً، كما وقعت شركة «الفنار» السعودية اتفاقية لإنشاء مصنع لإنتاج الأمونيا الخضراء، بقدرة 500 ألف طن سنوياً، بالإضافة إلى توقيع نفس الشركة السعودية، مذكرة تفاهم فى وقت سابق من العام الجاري، بقيمة 3.5 مليار دولار، لإنتاج 100 ألف طن من الهيدروجين الأخضر سنوياً، بالإضافة إلى توقيع اتفاقية بين شركة «مصدر» الإماراتية و«حسن علام»، لإنشاء مصنع بطاقة إنتاجية 480 ألف طن هيدروجين أخضر سنوياً، وتوقيع شركة «فورتسكيو فيوتشر» الأسترالية اتفاقية لإنشاء مصنع لإنتاج الأمونيا الخضراء، بطاقة إنتاجية سنوية 2 مليون طن سنوياً.

ولفت البيان إلى توقيع اتفاقية نهائية بين تحالف من شركات «سكاتك» النرويجية، و«فيرتيجلوب»، و«أوراسكوم كونستراكشن»، وصندوق مصر السيادي، لبدء تشغيل مصنع الأمونيا الخضراء فى العين السخنة، بقدرة 100 ميجاوات، ومن المخطط أن تبلغ الطاقة المبدئية للمصنع، الذى تم تشغيله تجريبياً قبل أسبوع، مليون طن سنوياً، على أن ترتفع إلى 3 ملايين طن سنوياً مع اكتمال تنفيذ المشروع، فيما أبرمت شركة «إيميا باور»، التابعة لشركة «النويس» الإماراتية، اتفاقية لإقامة مصنع للأمونيا الخضراء بطاقة إنتاجية 390 ألف طن سنوياً، من المتوقع أن يبدأ تشغيله بحلول نهاية عام 2025، وفى مصنع الهيدروجين الأخضر، بقدرة 500 ميجاوات فى العين السخنة أيضاً.

وكذلك وقعت شركة «توتال إيرين» الفرنسية للطاقة، و«إنارة كابيتال» المصرية اتفاقية لإنشاء مصنع بطاقة إنتاجية 300 ألف طن من الأمونيا الخضراء فى العين السخنة، بطاقة إنتاجية 1.5 مليون طن، فضلاً عن توقيع اتفاقية بين شركة «إى دى إف رينيوبلز» الفرنسية، وشركة «زيرو ويست» المصرية، لإقامة مصنع باستثمارات قيمتها 3 مليارات دولار، لإنتاج نحو 350 ألف طن من الأمونيا الخضراء للسفن، من المتوقع بدء أعمال الإنشاء فى عام 2024، على أن يبدأ العمليات فى عام 2026.

كما أشارت وزيرة البيئة إلى أن مصر حققت العديد من المكاسب البيئية خلال مؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة للتغيرات المناخية، من بينها إدخال مفهوم التنوع البيولوجى ضمن جدول أعمال قمة المناخ، بالإضافة إلى إدراج محور الخسائر والأضرار ضمن برنامج عمل المؤتمر، وأكدت أن مصر ستعمل على متابعة التوصيات الصادرة عن الدورة الـ27، حتى القمة التالية (28COP) فى الإمارات العام المقبل.

وبينما أكدت «فؤاد» أن التوازن البيئي مرهون بالتنوع البيولوجي، فقد تابعت بقولها: «كان هناك رفض من المجتمع الدولى فى السابق، بشأن حلول الطبيعة لمواجهة التغيرات المناخية، إلا أن أمريكا نفسها أصبحت تدعم فكرة الحلول من الطبيعة، وقررت وضع 25 مليار دولار لمواجهة تغيرات المناخ، وذلك بعد إطلاق مصر مبادرة حلول من الطبيعة، لإظهار الصلة بين التنوع البيولوجى والتغير المناخي، فى إطار رؤية مصر بعيدة المدى للتنوع البيولوجى التى بدأت فى 2018».

من جانبها، أشارت الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، إلى أن المكاسب التى حققتها مصر من وراء مؤتمر قمة المناخ، تتمثل أيضاً فى ظهور المؤتمر بمظهر مشرف ل مصر والمصريين، من حيث التجهيز والاستعدادات، وأضافت أن هناك إشادات كبيرة جداً بمحتوى المؤتمر، بعد إدراج مواضيع مهمة على جدول الأعمال، منها ندرة المياه والزراعة والأمن الغذائى والطاقة والمجتمع المدنى والشباب والنوع الاجتماعى والتنوع البيولوجى والحلول.

وأشارت «السعيد» إلى أن مؤتمر شرم الشيخ يُعد الأكبر من نوعه، من حيث الأعداد والزخم والموضوعات المدرجة على جدول الأعمال، حيث تشير الإحصاءات الرسمية إلى أن عدد الذين سجلوا لحضور المؤتمر على الموقع الرسمى لاتفاقية الأمم المتحدة، بلغ نحو 67 ألف شخص، ومن حضروا بالفعل وتسلموا بطاقات الدخول بلغ عددهم أكثر من 39 ألف شخص.

كما سجل المؤتمر عدداً من الأرقام القياسية فى هذا الصدد، منها تسجيل أكثر من 24 ألف شخص دخلوا إلى قاعات المؤتمر فى المنطقة الزرقاء، خلال يوم واحد، فى حين أن أكبر عدد مسجل قبل ذلك فى مؤتمر باريس عام 2015، بنحو 11 ألف شخص، كما شهد المؤتمر حضور ومشاركة 131 رئيس دولة، وهو أيضاً ما لم يحدث فى المؤتمرات السابقة، بالإضافة إلى أن المساحة التى كانت مطلوبة لمعارض المنطقة الخضراء 10 آلاف و800 متر مربع، إلا أن المساحة الفعلية التى تم توفيرها كانت 3 أضعاف المطلوب، حيث بلغت أكثر من 31 ألف متر مربع.

أما الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، فقد أكد أن أحد أهم المكاسب التى حصلت عليها مصر فى قمة المناخ، يتمثل فى إعادة تقديم الدولة للوجهة الإقليمية أو الدولية كدولة مستقرة أمنياً وسياسياً، وذات إمكانيات كبيرة، ومن خلال التنظيم الجيد لهذا المؤتمر، فقد حجزت مصر مكانة متقدمة لها خلال ما يحدث من تطورات، وأضاف أن نجاح مؤتمر المناخ فى مصر جعل الدول الأخرى أمام اختبار قوى فى تنظيم الدورات المقبلة، واعتبر أن «هناك قبولا دوليا من العالم لمصر».

وقال إن مصر حققت أيضاً نجاحاً كبيراً على الصعيد السياسى الدولي، يتمثل فى حضور عدد كبير من زعماء العالم، بالإضافة إلى «السمعة الطيبة» التى حققتها مصر، باعتبارها واحة للأمن والأمان، الأمر الذى يساعد على فتح أبوابها للمستثمرين ودعوة السائحين من مختلف دول العالم لزيارتها، فى ظل التصريحات التى أدلى بها الرئيس الأمريكى جو بايدن، خلال زيارته القصيرة إلى شرم الشيخ، والتى وصف فيها مصر بأنها «أم الدنيا»، الأمر الذى كانت له أصداء إيجابية واسعة فى كافة أنحاء العالم.

أضف تعليق