يقدم جناح الأزهر الشريف بمعرِض القاهرة الدوليّ للكتاب لزواره كتاب "الحضارة فريضة إسلامية"، بقلم الأستاذ الدكتور محمود حمدي زقزوق، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، ووزير الأوقاف الأسبق، من إصدارات هيئة كبار العلماء بالأزهر.
يذكر المؤلف في طليعة كتابه أن قضية المسلمين الأولى في العصر الحاضر تُعد قضية حضارية؛ لذا ف الحضارة فريضة إسلامية من شأنها أن تمسح عن المسلمين عار التخلف ووصمة الأمية والجهل، مشيرًا إلى أن الحضارة بوصفها فريضة لا تقل عن أي فريضة أخرى من فرائض الإسلام، وأن العمل من أجلها يُعد عبادة لله، مشددًا على أن هذه القضية بالنسبة للمسلمين أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى.
ويؤكد زقزوق أن الإسلام لا يمكن أن يجعل أمر الحضارة من المسائل الهامشية ضمن اهتماماته، وإنما يجعلها في أولوياته، وهذا ما فهمه المسلمون في السابق، وبذلك استطاعوا في فترة زمنية قصيرة أن يقيموا أعظم حضارة في التاريخ، ومن هنا يمكننا مرة أخرى أن نقرر أن الحضارة فريضة إسلامية وواجب ديني لا يجوز للمسلمين أن يتخلوا عنه، بل عليهم أن يجعلوه في قمة أولوياتهم حتى يعودوا مرة أخرى أعزة، ويستعيدوا مكانهم الريادي ومكانتهم العليا في عالم اليوم.
ويستعرض الكاتب مفهوم "الحضارة" فيرى أنها نقلة تقدمية بكل ما تحملة الكلمة من معنى: تقدمية في الفكر، وفي السلوك، وفي أسلوب التعامل مع الناس والأشياء، وهذا كله في إطار منظومة من القيم تتعدى الإطار القبلي إلى دائرة الإنسانية الأوسع والأرحب، مشيرًا إلى أن الإسلام كان له دور كبير في تنبه الأذهان إلى هذه الدائرة الجديدة مؤكدًا على العنصر الإنساني الشامل، قال تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا"( الحجرات 13).
ويستعرض زقزوق الأبعاد الأساسية للحضارة فيذكر ٧ أبعاد: البعد الإنساني، البعد الأخلاقي، البعد التقدمي، البعد الديني، البعد الثقافي، البعد التوازني، بعد التعددية الحضارية، ثم يقرر أن كل هذه الأبعاد التي ينبغي لها أن تتوفر في أي مشروع حضاري حقيقي متوفرة جميعها في تعاليم الإسلام، فالإسلام قد كرم الإنسان وفتح أمامه المجال للانطلاق بلا حدود في آفاق العلم والمعرفة من أجل إعمار الأرض ودفع عجلة التقدم في المجتمع البشري، وأمرنا أن نسير في الأرض وندرس ما كان من أخبار السابقين ونستفيد من كل الخبرات البشرية، وكل هذه الأبعاد محوطة في الإسلام بسياج من القيم الأخلاقية الرفيعة، ومن هنا لخص سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم رسالته كلها في عبارة جامعة حين قال: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق".
ويشتمل كتاب "الحضارة فريضة إسلامية" على ثلاثة فصول، الأول: "مفاتيح الحضارة" ويتناول مفهوم الحضارة ومفاتيحها في التنوير الإسلامي، الفصل الثاني: "الحضارة فريضة إسلامية" ويناقش القيم الحضارية في التصور الإسلامي، بينما يأتي الفصل الثالث والأخير تحت عنوان "التجديد في الفكر الإسلامي" ويستعرض فيه الكاتب مفهوم التجديد وأبعاده في الفكر الإسلامي، وقضية الإسلام والتنوير.
ويشارك الأزهر الشريف -للعام السابع على التوالي- بجناحٍ خاص في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ 54 وذلك انطلاقًا من مسؤولية الأزهر التعليمية والدعوية في نشر الفكر الإسلامي الوسطي المستنير الذي تبناه طيلة أكثر من ألف عام.
ويقع جناح الأزهر بالمعرض في قاعة التراث رقم "4"، ويمتد على مساحة نحو ألف متر، تشمل عدة أركان، مثل قاعة الندوات، وركن للفتوى، وركن الخط العربي، فضلًا عن ركن للأطفال والمخطوطات.